ماهي إلا أسابيع معدودة ثم يبدأ الزحف من أوربا. زحف المغاربة المهاجرين آلاف من الغائبين, العائدين لاجل صلة الرحم بالوطن والأقربين. كل عام تتجدد أمالهم وانتظاراتهم, يتساءلون فيمابينهم . هل سيجدون أنفسهم كما عهدوا وتعودوا أمام طوابير من الصفوف , لحجز التذاكر بين غوغاء وضوضاء المضاربين والمنتفعين .ترى هل استفاق المسؤولون عن عملية العبور من غفلتهم ثم قيموا وراجعوا الثغرات والنواقص التي تصاحب هذه العملية كل سنة؟ إني لأذهب إلى ابعد من ذلك فأقول بشهادة منصف أن عملية العبور , تترك أثارها وبصماتها في نفوس المغتربين. سيما الأجيال الصاعدة . إن لم اقل تكاد تصير معيارا تقاس عليه الزيارة إلى الوطن. فتعدد المشاكل بدأ بالنقص في العبارات والبواخر الذي يؤدي بلا شك إلى المزيد من الاحتقان والانتظار يكلفان المزيد من المصاريف, علاوة عن المبيت في العراء وافتراش أرضية المرافئ والتحاف السماء يوحي للمرء إذا اضطلع عليهم أنها قبور وليست عملية عبور. لقد كنت وكثير من المغتربين المغاربة الغيورين على مملكتهم، والشهادة للتاريخ أنها البلد الوحيد في العالم الذي انفرد بهذا الحدث الذي تتجلى فيه باليقين الرعاية المولوية , لعاهلنا جلالة الملك محمد السادس نصره الله لرعاياه المقمين بالخارج. تيمنا واقتداء بما سنه والده جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. ولا يمكن إلا لجاحد أن يغض الطرف عما تحقق للمهاجرين من خلال هذه العملية وما توخى منها من تسهيلات وانجازات لا ينبغي أن يحسدون عليها فمن؟ لم يعرف ظروف الغربة وحرمانها من؟ لم يتذوق طعمها فان مرارتها أحر من مرارة العلقم والحنين إلى الوطن أشبه بفصل الأمهات عن الولدان . فاذا كان ذلك مواساة وتخفيفا لما يعانونه فإنهم بحق يستحقون أكثر فأكثر ليس ذلك استثناء لهم أو امتيازا لهم دون غيرهم فالمغاربة المقيمون بالخارج وان كانوا يساهمون بقوة وفعالية في اقتصاد البلاد وتنميتها فإنهم لا يمنون ذلك على أحد بل يرون ذلك واجبا تفرضه الوطنية والانتماء. فالوطنية عند هؤلاء ليست هي الحب والولاء فقط إنما هي التضحية والسخاء من اجل الوطن من أجل البناء والنماء مواطنون يحفزهم على ذلك ما يلحظونه من تقدم وازدهار حاصل في البلدان التي تستضيفهم يحز في أعماقهم أن لا يروا وطنهم ينعم بنفس الازدهار والرخاء . فإذا كان المهاجرون المغاربة يعقدون الأمل كل مرة على كل وزير مكلف بالجالية يتولى هذا المسؤولية وخاضوا في ذلك تجارب عدة مع شخصيات تكنوقراطية مستقلة وبعدها الى وزراء منتمون منهم الاتحاد الاشتراكي ومن ثم حزب الاستقلال ولا اظن ان هناك مهاجر واحد اومهاجرة تأسف عن إبعاد هؤلاء ولا احد من هؤلاء المبعدين له ان يتحدث عن انجاز ينسب لفترته. فالسلعة التي كانوا يسوقونها جميعا هي الأوهام والاستخفاف بافراد الجالية لقاءاتهم تتم غالبا مع كل من هب ودب . ليست هناك أهداف لزيارتهم فهي اقرب الى فسحة او نزهة لم يسبق ان رأينا اوسمعنا بجدول أعمال أو حددت على الأقل نقاط للحوار . يفتتحون تغريدتهم بنفس العبارة دائما : جئنا لنصغي إلى انتظارتكم ونستمع الى مطالبكم . والواقع يؤكد العكس تماما فبمجرد تناولهم الميكرفون يستمرون في سردهم ساعات وساعات وكأنهم يحاضرون في السوربون يقولون ما لا يفعلون يعدون ولا يصدقون أما اليوم ونحن أمام وزير من الأحرار نتمنى ان يكون من الأخيار ولاشك في ذلك فاللقاء الأول به أعرب وأكد على ان اي حوار معه المبدأ فيه هي الصراحة اولا ثم الاعتراف بالممكن وعدم توهيم الناس والتعهد بالمستحيل وغير الممكن وزيرا يتقن لغة الحوار والتواصل لفظا ومنطقا واضحا وحريصا على أداء مسؤوليته بإشراك الجالية في إعداد الخطط المناسبة والحلول الملائمة لمواكبة كل التطورات التي تعرفها أوضاع الجالية جادا في البحث عن مخاطبين من الجالية مؤهلين لمحورة المشاكل وتصنيف الأولويات ولهذا لا يسعنا سوى أن نثمن أعماله نحن في انتظار الغد ما الغد ببعيد .