تلعب الولاياتالمتحدةالأمريكية مع النظام الجزائري، لعبة "الغميضة"، فهي من جهة تعتبر الوضع الجزائري سيء للغاية، ولا ترغب في سفر رعاياها إلى هذا البلد، المضطرب والذي يعاني من عدم الاستقرار نتيجة الإرهاب، لكنها من جهة أخرى تغض الطرف عن ممارسات النظام الجزائري البشعة في حق الشعب، الذي يعيش الويلات ويعيش تحت عتبة الفقر، ويرى خيراته تنهب من قبل مافيات العسكر. ومن المعروف أن المواقف الأمريكية ليست بالمجان، فلا توجد دولة أكثر براغماتية من نظام "الكاوباي"، وهي دولة قائمة على النفعية حتى أنتجت لها فلسفة مع وليام جيمس. فالسكوت الأمريكي على فظائع النظام الجزائري، والمجازر التي يرتكبها خفية عن العالم، ثمنه الاستفادة من امتيازات كبيرة من النفط والغاز الجزائريين.
لقد حذرت الولاياتالمتحدةالأمريكية، مواطنيها من التوجه إلى الجزائر، بحجة أن المخاطر الأمنية لا تزال قائمة ومحتملة، واعتبرت أن النشاط الإرهابي والاختطافات يشكلان تهديدا للرعايا الأمريكان في الجزائر، خاصة في منطقة القبائل وجنوب البلاد.
وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية مذكرة تحذيرية للرعايا الأمريكيين من السفر إلى منطقة القبائل والمناطق النائية في جنوب وشرق الجزائر، وجددت الخارجية تحذيرا كانت أصدرته في غشت الماضي عن الوضع الأمني في الجزائر، وقالت في بيان لها إن على المواطنين الأمريكيين الذين يريدون زيارة الجزائر تقييم المخاطر على أمنهم الشخصي بعناية، وأكدت أن "هناك خطرا عاليا للإرهاب والاختطاف في الجزائر".
وأشارت الخارجية إلى أن المدن الرئيسية، وعلى الرغم من أن الشرطة تنشط فيها بكثافة، إلا أن هناك احتمالا لوقوع هجمات، وأن معظم الأعمال الإرهابية، بما فيها التفجيرات والحواجز الكاذبة والاختطاف والكمائن، تحصل في المناطق الجبلية في شرق الجزائر والمناطق الصحراوية في الجنوب والجنوب الشرقي، وفقا لبيان الوزارة.
وازدادت مخاوفها بعد صعود نجم تنظيم "جند الخلافة" الذي يعتبر فرعا لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وفي تناقض صارخ جاء التحذير الأمريكي متزامنا مع تنظيم السفيرة الأمريكيةبالجزائر، جوان بولاشيك، ندوة حول السياسة الإفريقية لبلادها، حيث تحدثت الدبلوماسية الأمريكية عن دور الجزائر في حل الأزمات التي تعاني منها منطقة الساحل الإفريقي، وفي دول الجوار خاصة في ليبيا، كما تأتي المذكرة الأمريكية مع تصاعد حدة احتجاجات الشارع خاصة بجنوب البلاد ضد الغاز الصخري.
يمثل هذا الموقف قمة النفاق في السياسة الدولية، وإن كانت المدرسة الأمريكية تعتبره جزءا من البراغماتية، فرغم أن العديد من الدول تعرف تطاحنات وحروب لا تقوم أمريكا بإصدار مثل هذا التحذير، لكنها تقوم ب"واجبها" في انتقاد هذه الأنظمة والسعي للإطاحة بها أيضا، لكن النظام الجزائري يحظى باهتمام أمريكي خاص من أجل عيون خزائن الأرض التي تحتضنها الجزائر ولا يستفيد منها المواطن البسيط.
ففي مقابل بيان يحذر الرعايا الأمريكيين من عدم التوجه إلى الجزائر، لا تصدر الخارجية الأمريكية بيانا عن الفوضى الأمنية التي تعيشها الجزائر، والتي يمكن أن تؤثر على الأمن في المنطقة برمتها بل يمكن أن تصبح مصدر إزعاج لدول العالم، ولا ترى أمريكا أن الجزائر تحولت إلى مشتل لتفريخ الإرهاب وتصديره إلى المنطقة.