وصلت القطيعة بين النظام الجزائري والشعب حدا لا يتصور، أثار غضب رجال الدولة والمعارضين والمجتمع المدني، لأنه يهدد دولة النفط والغاز بأوخم العواقب، التي قد تأتي على الأخضر قبل اليابس، وفي هذا الصدد قال الوزير الأول السابق وأحد قادة المعارضة الجزائرية، علي بنفليس، إن المظاهرات التي اندلعت في الجنوبالجزائري احتجاجا على التنقيب على الغاز الصخري تعكس "قطيعة خطيرة في الحوار" بين السلطة والمواطنين. وانتقد بنفليس السلطات الجزائرية متهما إياها بغض الطرف عن التخوفات والانشغالات المشروعة المعبر عنها من طرف المواطنين بالمناطق المعنية بالتنقيب، مؤكدا أنه كان يتعين على السلطات التجاوب مع المواطنين عن طريق الإنصات لهم والاضطلاع "بواجب الشرح والإقناع".
وعبر بنفليس، الذي يعمل على تأسيس حزب سياسي جديد، عن أسفه لكون الحكومة اعتقدت خطئا أنه بإمكانها أن "تفصل بصفة أحادية وتسلطية في هذا الملف وأن تستغني عن مقتضيات التشاور والشرح والتحسيس بشأنه".
وفي سيق متصل، أعلن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (المعارض)، الثلاثاء الماضي، عن مقتل شخص وإصابة عدة أشخاص آخرين بجروح في حملة لقمع المظاهرات التي اندلعت احتجاجا على التنقيب على الغاز الصخري في أقصى جنوب البلاد.
وأدان الحزب "بشدة القمع الذي مورس في حق ساكنة الجنوب"، محذرا من "المخاطر التي تواجه الوطن جراء سياسة تعيد توزيع الثروة الوطنية على أساس موازين القوى التي أحدثتها وتدعمها اللوبيات في السلطة".
وتشهد منطقة تمنراست،لاسيما في عين صالح حيث تم فتح أولى الآبار التجريبية، عدة مظاهرات منذ نحو أسبوع. وعبر سكان المنطقة، الذين يؤكدون عزمهم على مواصلة تحركاتهم الاحتجاجية، عن تخوفاتهم العديدة من الآثار الضارة للغاز الصخري على الصحة العمومية والبيئة.
وينظم هؤلاء تجمعات يومية أمام مقر مقاطعة هذه المنطقة التي من المنتظر أن تستقبل، زيارة وفد مهم من الخبراء. وكان وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي، قد أعلن الأسبوع الماضي، عن نجاح التنقيب التجريبي على الغاز الصخري في حوض بعين صالح، مع احتياطي يقدر ب 200 ألف مليار متر مكعب من الغاز، يمكن استخراج نحو 10 في المائة منها.
وبالإضافة إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط، تشعر الجزائر بالقلق أيضا من استنزاف مواردها من المحروقات، مما عجل توجهها إلى الغاز الصخري، على الرغم من معارضة السكان والخبراء والمختصين في البيئة.
لكن السلطات الجزائرية لا تهتم باحتجاجات السكان، ولا تنصت إليهم وإلى مطالبهم، حيث يتم استغلال المناطق وخيراتها بشكل بشع بينما تظل هي تعيش تحت مؤشرات الفقر.