قدمت منظمة العفو الدولية تقريرا يكاد يكون أسود لواقع حقوق الإنسان بالجزائر، التي قالت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2011، إن المرأة الجزائرية ما تزال تعاني من التمييز النوعي ومن العنف الممارس عليها. وأضافت المنظمة التي اختارت المغرب لتقديم تقريريها السنوي بداية الأسبوع الجاري، أن الجزائر مستمرة في منع بعض المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من عقد اجتماعات أو تنظيم مظاهرات. وجاء في التقرير ما يلي:
لقد واصلت الحكومة فرض حالة الطوارئ السارية منذ عام 1992 وقتل ما لا يقل عن 45 مدنيا ونحو 100 من أفراد الجيش وقوات الأمن في أعمال العنف السياسي المستمرة، وقتل أغلبهم في هجمات بالقنابل شنتها جماعات مسلحة، ولا سيما "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". و ذكرت الأنباء أن ما يزيد عن 200 ممن زعم أنهم أعضاء في جماعات إسلامية مسلحة قد قتلوا على أيدي قوات الأمن خلال اشتباكات أو عمليات تفتيش، وكثيرا ما كان ذلك في ملابسات غير واضحة، مما يعزز المخاوف من أن بعضهم ربما أعدموا خارج نطاق القضاء وشهد العام عددا من الإضرابات وأعمال الشغب والمظاهرات على أيدي أشخاص يطالبون بوظائف ومساكن وأجور أفضل. وقبض على بعض المتظاهرين وقدموا للمحاكمة. وقالت الحكومة إنها دعت سبعة من مقرري الأممالمتحدة الخاصين لزيارة الجزائر، ولكنها لم توجه دعوات إلى كل من"مقرر الأممالمتحدة الخاص المعني بالتعذيب"و"الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي" التابع للأمم المتحدة، رغم الطلبات التي قدمها كل منهما منذ فترة طويلة لزيارة البلاد لتقصي الحقائق. حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات حظرت السلطات بعض الاجتماعات والمظاهرات التي دعا إليها المدافعون عن حقوق الإنسان و الصحفيون وعائلات ضحايا الاختفاء القسري. ففي مارس، منعت السلطات "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" من استخدام المكان المعد لإقامة مؤتمرها السنوي، مما اضطر المنظمة إلى تغيير مكان المؤتمر قبل الموعد المحدد بوقت قصير. ومنعت السلطات مظاهرة دعا إليها بعض الصحفيين وغيرهم للمطالبة بمزيد من حرية الصحافة، وكان مقررا أن تجري يوم 3 ماي في الجزائر العاصمة واحتجزت السلطات لفترة و جيزة أربعة من منظمي المظاهرة. و اعتبارا من غشت، منعت السلطات أهالي ضحايا الإختفاء القسري من تنظيم احتجاجات عامة أمام مقر "اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان"،وذلك دون أن تقدم تفسيرا رسميا لذلك. واستخدمت السلطات العنف لتفريق المحتجين الذين سعوا إلى تحدي الحظر. وواجه بعض الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان تهما بالسب والقذف وتهما جنائية أخرى، وذلك على ما يبدو بسبب انتقاد مسؤولين حكوميين أومؤسسات حكومية أو بسبب انتقاد ما ادعوا أنه فساد. ففي 13ماي، صدرحكم بالسجن لمدة ستة أشهر على بلحميدش بلقاسم، مدير صحيفة "رفلكسيون" اليومية، واثنين آخرين بعد إدانتهما بتهمة التشهير بحاكم بلدة عين بودينار في مقال نشر في الصحيفة في يونيو 2009 بخصوص ما زعم أنه فساد، وظل الثلاثة مطلقي السراح في انتظار البت في الإستئناف الذي تقدموا به و في 5 سبتمبر، قبض على جيلالي حجاج، وهو صحفي وناشط في مكافحة الفساد، في مطار قسنطينة، و ذلك على أساس أنه سبق الحكم عليه غيابيا لإدانته بتهمة التزوير. وقد أعيدت محاكمته في الجزائر العاصمة، يوم 13 سبتمبر، وأدين وحكم عليه بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ و بغرامة، ثم أطلق سراحه. الأمن و مكافحة الإرهاب واصل ضباط جهاز الإستخبارات العسكري، المعروف باسم "دائرة الاستعلام و الأمن"، القبض على المشتبه فيهم أمنيا و احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدد فاقت في بعض الحالات مدة الإحتجاز التي يجيزها القانون و هي 12 يوما، و ذلك في مراكز احتجاز غير معترف بها، حيث يكونون عرضة للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة. واستمر رسوخ الإفلات من العقاب عن التعذيب وغيره من أشكال الإيذاء التي يتعرض لها المشتبه فيهم أمنيا.
و في 5 سبتمبر، قبض على صلاح كولال في بلدة بغلية بولاية بومرداس، على أيدي ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية و احتجز 13 يوما في مركز احتجاز غير معترف به رسميا في البليدة. وبحلول نهاية العام، كان لا يزال محتجزا في سجن الحراش في انتظار محاكمته بتهمة "الإشادة" بأنشطة تتعلق بالإرهاب و احتجز مصطفى العبسي لمدة 12 يوما على أيدي افراد من "دائرة الإستعلام والأمن"، وذلك بعد إعادته قسرا من سلوفاكيا إلى الجزائر في 19 إبريل/، وبعد ذلك نقل إلى سجن الحراش. وبحلول نهاية العام2010 ، كان لا يزال في انتظار المحاكمة بتهمة الإنتماء إلى "جماعة إرهابية في الخارج". و في إبريل، بدأ بعض المشتبه فيهم أمنيا في سجن الحراش إضرابا عن الطعام احتجاجا على ما ادعوه أنه نوع من المعاملة السيئة من جانب حراس السجن. وقال المضربون إنهم تعرضوا للشتم و لصفع و الإذلال على أيدي الحراس. ولم يتم إجراء تحقيق رسمي في هذه الادعاءات. وأجريت محاكمات جائرة لبعض المشتبه بهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، وأدين بعضهم على أساس "اعترافات" ادعوا أنها انتزعت تحت وطأة التعذيب أو غيره من صور الإكراه، ومن بينهم أشخاص حكم عليهم بالإعدام لدى محاكمتهم أمام محاكم عسكرية. وحرم بعض المتهمين من الإستعانة بمحامين من اختيارهم. واستمر احتجاز آخرين من المشتبه بهم أمنيا بدون محاكمة. و انتهى عام 2010 دون استئناف محاكمة مالك مجنون وعبد الحكيم الشنوي. وكان الإثنان قد اتهما بقتل المغني القبائلي لوناس معطوب وبتهم أخرى تتعلق بالإرهاب، وظلا رهن الإحتجاز بدون محاكمة لأكثر من 10 سنوات. و تعرض الإثنان للتعذيب خلال احتجازهما لفترة طويلة بمعزل عن العالم الخارجي بعض القبض عليهما في عام 1999. و في يناير، نقل حسن زميري وعادل هادي بن همليلي من المعتقل الأمريكي في خليج غوانتناموا إلى الجزائر، كما نقل عبد العزيز ناجي في يوليوز. وظل الثلاثة مطلقي السراح، بينما استمرت التحقيقات لتحديد ما إذا كانوا سيواجهون تهمة الإنتماء إلى "جماعة إرهابية في الخارج". وقد برئت ساحة اثنين من تهم مماثلة، حيث برئ مصطفى أحمد همليلي في فبراير، وبرئ عبد الرحمن هواري في نوفمبر. وحكم على معتقل آخر من المعتقلين السابقين في غوانتناموا، وهو بشير غلاب بالسجن مع وقف التنفيذ. التمييز و العنف ضد المرأة في نوفمبر، قامت"مقررة الأممالمتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة" بزيارة الجزائر. وبالرغم من الجهود المبدولة لتنفيذ إستراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، فإن السلطات لم تجرم بعد أعمال العنف الأسري، بما في ذلك الاغتصاب في إطار الزواج ولم يقدم إلى العدالة الأشخاص المسؤولون عن أعمال العنف بسبب النوع. ففي مارس و إبريل، وقعت سلسلة من الهجمات التي استهدفت نساء يعشن بمفردهن في منطقتي"مساكن 36" و "مساكن 40" ببلدة حاسي مسعود، حيث اقتحم عدد من الرجال عنوة منازل أولئك النسوة وكبلوهن بالحبال و اعتدوا عليهن بدنيا، كما تعرضت بعض النساء للإيذاء الجنسي. وقد أدت الشكاوى التي تقدمت بها الضحايا إلى تكثيف الأمن حول المناطق المستهدفة، و لكنها لم تسفر عن محاكمة أي ممن زعم أنهم جناة. الإفلات من العقاب – حالات الإختفاء القسري لم تتخذ أية إجراءات للتحقيق في حالات الإختفاء القسري وغيرها من الإنتهاكات الجسيمة التي وقعت خلال فترة النزاع الداخلي في عقد التسعينات من القرن العشرين. وواصلت السلطات تطبيق "ميثاق السلم و المصالحة الوطنية"(الأمر رقم 06-01)، الذي يضفي حصانة على أفراد قوات الأمن ويجرم الإنتقاد العلني لمسلكهم، كما يتضمن العفو عن أفراد الجماعات المسلحة المسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وفي أكتوبر، ادعى أحد كبار المسؤولين أن 7500 من "الإرهابيين التائبين"قد حصلوا على عفو منذ عام 2005 كما ذكر أن 6240 من عائلات المختفين قد قبلت التعويض المالي، وأن العائلات التي رفضت التعويض المالي هي 12 عائلة فقط"تستغلها منظمات غير حكومية وهيئات أجنبية". وبموجب "الأمر رقم 06-01"، لا يجوز للأهالي طلب التعويض إلا إذا حصلوا من السلطات على شهادة بوفاة الشخص المختفي. و ظل أهالي المختفين ينظمون احتجاجات في عدد من المدن، من بينها الجزائر العاصمة و قسنطينة وجيحل. وفي غشت أعلن رئيس "اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها" مطالب الأهالي بالحقيقة والعدالة غير واقعية نظرا لعدم وجود شهادات و استحالة تحديد الجناة. و في يوليو ذكرت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" بالأممالمتحدة أنه يتعين على السلطات التحقيق في اختفاء دوية بن عزيزة، التي قبضت عليها قات الأمن في يونيو1996، وضمان الإنصاف الكافي لعائلتها. و خلصت اللجنة إلى أن السلطات انتهكت حق هذه السيدة في الحرية و الأمن الشخصي، وكذلك الحق في عدم التعرض للتعذيب أوالمعاملة السيئة. حرية العقيدة في غمار حملة القمع المستمرة على الكنائس البروتستانتية واجه بعض المسيحيين، بما في ذلك بعض المتحولين إلى المسيحية إجراءات قضائية بتهمة "ممارسة شعائر دينية دون ترخيص"، وذلك بموجب "القانون رقم06-03"، الذي ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين .ويكفل الدستور حرية الديانة،و لكنه ينص على أن الإسلام هو دين الدولة. ففي يناير، تعرضت كنيسة في ولاية تيزي وزو لعملية سلب ونهب، وتقاعست السلطات عن التحقيق في الواقعة. وفي غشت، بدأت في بلدة الأربعاء ناث إيراثن محاكمة محمود ياهو، الذي كان قد أقام كنيسة بروتستانتية في وقت سابق من العام في ولاية تيزي وزو، وثلاثة آخرين من المتحولين إلى المسيحية. وقد اتهموا بمخالفة "القانون 06-03". ولم تسجل الكنيسة، على ما يبدو بسبب رفض السلطات إقامة أية كنائس بروتستانتية جديدة. و في ديسمبر الأول، حكم على الأربعة بأحكام بالسجن مع وقف التنفيذ بالإضافة إلى الغرامة. و في 5أكتوبر، قضت محكمة في بلدة عين الحمام ببراءة اثنين من المتحولين إلى المسيحية، وهما حسين الحسيني وسالم فلاك، من جميع التهم المنسوبة إليهما. وكان الاثنان قد اتهما بتناول الطعام خلال ساعات النهار في شهر رمضان. عقوبة الإعدام: كانت الجزائر من الدول الراعية لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام على مستوى العالم، وواصلت السلطات وقف تنفيذ أحكام الإعدام ضد ما يزيد عن 130شخصا، وصدرت الأحكام على كثيرين منهم غيابيا، وأدين معظمهم بجرائم تتعلق بالإرهاب. + حقوق المهاجرين ظل آلاف من الجزائريين و غيرهم من أبناء الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء يسعون إلى الهجرة من الجزائر إلى أوروبا، دون أن تردعهم التعديلات التي أدخلت على القانون الجزائي في عام 2009، و نصت على تجريم "الخروج غير الشرعي" من الجزائر. و أفادت إحصائيات الشرطة بأن 34 مواطنا أجنبيا قد طردوا بينما رحل 5232 شخصا من الجزائر خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو. ويجيز "القانون رقم 08-11" "الذي يتعلق بدخول الأجانب إلى الجزائر و إقامتهم بها و تنقلهم فيها"، يجيز لمحافظي الولايات إصدار أوامر بترحيل الأشخاص الذين دخلوا الجزائر أو أقاموا فيها "بشكل غير شرعي" دون ضمان حق هؤلاء الأشخاص في استئناف أوامر الترحيل. و في ماي، أعربت"اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين" التابعة للأمم المتحدة عن قلقها من أن القانون الجزائري يجيز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين إلى أجل غير مسمى، و من أن السلطات قد تقاعست عن التحقيق في الأنباء المتعلقة بحالات الإبعاد الجماعي. وتم القبض على عدد من الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالأمن، واحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي. ولم يوفر الإنصاف للنساء والفتيات. كما تم القبض على عدد من الأجانب وتم ترحيلهم دون السماح لهم بالطعن في قرارات الترحيل. وتعرض بعض المسيحيين للاضطهاد بسبب ممارسة شعائر عقيدتهم بدون تصريح، بينما واجه آخرون المحاكمة بسبب إهانة أركان العقيدة الإسلامية. ولم تنفذ أية إعدامات، وإن صدرت أحكام بالإعدام ضد ما يزيد عن 130 شخصا. وتقاعست السلطات عن اتخاذ خطوات لمكافحة الإفلات من العقاب عن حوادث الاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في الماضي.