حظيت الجولة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعدد من البلدان الإفريقية باهتمام كبير لدى الإعلام وصناع الرأي الأمريكي، الذين أشادوا بالتزام جلالة الملك، المتجذر في التاريخ العريق للمغرب، وكذا بنجاعة المقاربة الملكية الرامية إلى إقامة شراكات للتنمية، وتحقيق التقدم بشكل متضامن. وعلقت المجلة الأمريكية نصف الشهرية (ناشيونال إنتريست)، المتخصصة في القضايا الأمنية والدفاع، على الجولة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى عدة بلدان إفريقية بكونها "تشكل جزء من استراتيجية ملكية تقوم على ثلاثة ركائز أساسية، تتمثل في مسلسل الدمقرطة، والتنمية البشرية، واحترام الاختلاف والخصوصيات الثقافية".
وأشارت المجلة إلى أنه "على أساس هذه الركائز الأساسية والمتكاملة، يقدم المغرب خبرته ومهاراته للبلدان الشقيقة والصديقة بالقارة، مستفيدا من امتداده الاقتصادي داخل القارة، والشراكات الهادفة إلى تحقيق تنمية متضامنة وذات منافع متبادلة".
ومن جانبها، أشارت صحيفة (هافينغتون بوست)، الواسعة الانتشار، إلى أن هذا الالتزام الراسخ، الذي يتميز بعراقته واستعداده دوما لخدمة القضايا العادلة والانشغالات الكبرى للقارة، "نابع من المكانة الروحية لجلالة الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، وسبط النبي، إضافة إلى كثير من الفضائل التي تعطي مكانة خاصة لجلالة الملك في قلوب سكان المنطقة".
وبدورها، وقفت صحيفة (دو هيل)، التي يصدرها الكونغرس، عند هذا المعطى عندما لاحظت أن كل هذه العوامل تحيل على حقيقة وحيدة، هي أن المملكة "مستعدة للاضطلاع بدور طلائعي على صعيد القارة الإفريقية"، معتبرة أن الأمر يتعلق ب "إشارة قوية" خاصة وأن واشنطن وباريس وباقي العواصم الغربية الكبرى في حاجة ماسة إلى "شريك يمكن الاعتماد عليه لتعزيز الأمن الإقليمي، ودعم الشراكة من أجل التقدم الذي ترنو إليه شعوب القارة".
أما مركز التفكير الأمريكي (فوريين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت)، فقد لاحظ أن الاستراتيجية التي وضعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمكافحة آفة الإرهاب والتطرف الديني، اللذين يهددان مجالا جغرافيا يشمل غرب إفريقيا والساحل، تتميز بحق ب"جرأتها" و"رؤيتها الثاقبة".
وأبرز هذا المركز الأمريكي المرموق، في مقال تحليلي بعنوان (المغرب، مكافحة الإرهاب وقمة الولاياتالمتحدة-إفريقيا)، أن المقاربة الملكية "تشكل عماد تحالف إقليمي ملتزم بالمهمة النبيلة المتمثلة في هزم الإسلاميين المتشددين، الذين ينشطون بشمال مالي، وحماية هذا البلد المستهدف من قبل الجماعات الإرهابية". وأضاف أن الأمر يتعلق ب "نقطة تحول كبرى" تدل على يقظة واستعداد المملكة للاضطلاع بمسؤولياتها الإقليمية في وقت تتنصل فيه الجزائر من التزاماتها، كما تؤكد، في السياق ذاته، أن كل استراتيجية لمكافحة الإرهاب دون الدعم الحاسم من المغرب سيكون مصيرها الفشل".
وعلى غرار هذه المقالات التحليلية، أكد المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية (سانتر أوف ستراتيجيك أند إنترناشيونال ستاديز) أن المغرب يعد، البلد المغاربي، الذي اعتمد، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الاستراتيجية "الأكثر شمولية" للتعاون مع إفريقيا جنوب الصحراء، التي تجمعها بالمملكة روابط تاريخية وثقافية ودينية واقتصادية.
وأبرز كاتب المقال التحليلي حاييم مالكة، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط بهذا المركز الأمريكي، أن "صاحب الجلالة شجع المقاولات المغربية والوكالات الحكومية على توسيع مجالات أنشطتها نحو إفريقيا جنوب الصحراء خلال العقد الأخير".
وأشار إلى أن هذا التوجه نحو إفريقيا جنوب الصحراء أصبح اليوم ضرورة بالنظر إلى عدم الاستقرار الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والوضع الاقتصادي بأوروبا، الذي يفرض تنويع الاقتصاد، علاوة على أن هذا الجزء من القارة أصبح يمثل سوقا هامة للمقاولات والصادرات المغربية، والمغاربية بشكل عام.
من جهة أخرى، أبرز الخبير الأمريكي التزام المملكة بضمان الأمن والسلام بالقارة، إذ أن المغرب ما فتئ يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع بلدان الجوار، لا سيما في ضوء تنامي التهديدات الأمنية الإقليمية التي تفرضها بعض الجماعات الإرهابية والمتطرفة، التي تتبنى إيديولوجية القاعدة. وأضاف أن المغرب تحدوه إرادة قوية للاضطلاع بدور رئيسي في تسوية النزاعات والأزمات الإقليمية، إضافة إلى مشاركة القوات المسلحة الملكية في العديد من العمليات وبعثات حفظ السلام عبر القارة