نظرا لكثرة الأكاذيب التي يصطنعها ويروجها، يجد نظام العسكر وأبواقه الدعاية صعوبة في التركيز ومسك خيوط الافتراء، حيث لا يمر يوم دون أن يكشفوا عن تناقضاتهم وأكاذيبهم دون وعي بذلك. آخر فضيحة في مسلسل الكذب هذا، ما نشره موقعة "البلاد" الجزائري، أحد أبواق كابرانات فرنسا، حيث أورد أنه علم "من مصدر رسمي، اليوم الثلاثاء، أن وزارة التجارة قررت استيراد آلاف الأطنان من مادة البطاطا، وذلك في إطار كسر المضاربة وضبط أسعارها في الأسواق"! وأشار الموقع ذاته، إمعانا في الإطراء على نظام العسكر وسياسته، إلى أن رئيس الجمهورية المعيّن من قبل العسكر، أمر خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير ب "التسوية الفورية لاهتمامات المواطنين المتعلقة بقطاعي التجارة والفلاحة، ومحاربة رفع الأسعار، ولو باللجوء، إلى الاستيراد بصفة استعجالية، واستثنائية، حفاظا على القدرة الشرائية، وإغراق السوق بالمواد التي مستها المضاربة، ولا سيما المواد الواسعة الاستهلاك والمتعلقة بإنتاج اللحوم البيضاء"! إلا ان هذا الخبر يتناقض مع تصريحات رئيس "القوة الضاربة" منذ أقل من شهر، حيث ادعى ان الفلاحة في كوريا الشرقية "تدر ما يقارب 25 مليار دولار وتتجاوز مردودية البترول والغاز"! كما أن جريدة النهار الجزائرية، وهو بوق آخر للحكام الفعليين في الجزائر، أوردت في 20 فبراير المنصرم خبرا تحت عنوان "الوادي: انطلاق أول شحنة تصدير للبطاطا نحو اسبانيا"، قالت فيه إن "ولاية الوادي تعرف موسم جني منتوج البطاطا، والذي يفوق 11 مليون قنطارا في ظل تهاوي وانهيار اسعارها"! فيما يعج موقع وزارة الفلاحة الجزائرية بأخبار تعدد مفاخر شرقستان في مجال إنتاج البطاطا، حيث تدعي فيه أنها من الدول الرائدة إفريقيا وعربيا في إنتاج "معشوقة الجزائريين". وفي محاولة للتباهي المفضوح و"قليان السم"، كما نقول في المغرب، جاء في موقع الوزارة أن "مصر والجزائر تعدان رائدتيْ الإنتاج في إفريقيا تليهما جنوب أفريقيا ومالاوي والمغرب" وأن "إنتاج ولاية الوادي من البطاطا اكبر بثلاث مرات من إنتاج دولة تونس"... كل هذا "الفوحان" والادعاءات الكاذبة لا يصمد أمام الواقع الذي يكشف بالملموس ان الجزائريين يعيشون رحلة عذاب يومية بين الأسواق والمحلات التجارية بحثا عن حبات من البطاطا، حيث يصطف مئات الأشخاص في طوابير طويلة تذكر ب"عام الجوع" أو "البون" للحصول على معشوقة الجماهير التي أصبحت عملة ناذرة وأضحى مروجوها عرضة لحملات تطهيرية شبيهة بتلك التي تشنها المصالح الأمنية ضد تجار المخدرات من "زطلة" وكوكايين وهيرووين وقرقوبي وكل أنواع المهلوسات والمواد الممنوعة...