يبدو أن قرار النظام الجزائري القاضي بإيقاف إمداد إسبانيا بالغاز عبر المغرب، والذي كان الهدف منه حرمان المملكة المغربية من الغاز الذي تحصل عليه مستفيدة من ميزة عبور الأنبوب من أراضيها، ستنقلب الأهداف المرجوة منه إلى تداعيات سلبية على الجزائر التي أصبحت مطالبة ببذل مجهودات واتخاذ احتياطات تفاديا لأي مشكل قد يُعطل وصول غازها إلى إسبانيا والبرتغال، وبالتالي نقض العهد الذي قطعه كابرانات فرنسا بإمداد مدريد بما يكفي من احتياجاتها من الغاز. . واعترف وزير الطاقة الجزائري السابق، عبد المجيد عطار، بصعوبة هذه المهمة، حيث قال في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية عقب إصدار الجزائر قرار إيقاف العمل بالأنبوب "المغاربي-الأوروبي" إن شركة "سونطراك" الجزائرية للغاز، أصبحت "مدعوة على المدى القصير والطويل للمكافحة وتسيير هذا الوضع بشكل لائق بهدف حماية السوق الاسبانية والبرتغالية مقارنة بالمنافسة مع ممونين آخرين يترصدون بهذه السوق". وألمح عطار من خلال هذا التصريح، إلى أن الجزائر أصبحت الآن مضطرة للكفاح من أجل توفير كافة حاجيات السوق الإسبانية والسوق البرتغالية بالغاز، عبر الأنبوب الوحيد المباشر بين الجزائر وإسبانيا "ميدغاز"، وإلا فإنها ستفقد هذين السوقين لصالح ممونين عالميين آخرين، خاصة أن إسبانيا قد بدأت بالفعل في الفترة الأخيرة بالبحث عن بدائل احتياطية أخرى للتزود بالغاز، وقد فتحت النقاش مع قطر. وبالرغم من أن الجزائر قدمت تطمينات لإسبانيا بتوفير كافة حاجياتها من الغاز، عبر أنبوب "ميدغاز"، إضافة إلى إرسال الكميات المتبقية عبر سفن الشحن، إلا أن إسبانيا تبدو غير مرتاحة للتطمينات الجزائرية، خاصة أن أي عطب في أنبوب الغاز قد يكلف الاقتصاد الإسباني الشيء الكثير، وبالخصوص في فترة الشتاء حيث يرتفع الطلب على الغاز محليا. وكانت إسبانيا قد بذلت مجهودات عديدة في الأيام الأخيرة من أجل دفع الجزائر إلى عدم اتخاذ قرار إيقاف استغلال أنبوب "المغاربي الأوروبي" العابر للمغرب، بالنظر لكون إسبانيا تحصل عبره على أكبر الكميات من الغاز، إلا أن الجزائر كان لها رأي آخر، وقررت إيقاف استغلال هذا الأنبوب كرد فعل مضاد بدعوى "الأعمال العدائية" المغربي ! وتجدر الإشارة إلى أن أول رد فعل من المغرب على القرار الجزائري، صدر عن المكتب الوطني للماء والكهرباء والمكتب الوطني للكاربوهيدرات، حيث أكدا في بلاغ مشترك، أن تأثير اتخاذ الجزائر هذه الخطوة ضد المغرب "لن يكون له حاليا سوى تأثير ضئيل على أداء نظام الكهرباء الوطني". وحسب المصدر ذاته، فإن طبيعة جوار المغرب، وتحسبا لهذا القرار، فقد تم اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء، حيث يتم حاليا دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة على المدييْن المتوسط والطويل.