يواصل نظام العسكر الجزائري حملات التصعيد والاعتقال في صفوف نشطاء الحراك الشعبي، حيث أفادت عائلة الناشطة الحقوقية الجزائرية فتيحة بريكي بأن الأخيرة جرى إيقافها منذ الأسبوع الماضي واحتجازها دون أسباب واضحة، وهو الأمر الذي أكدته اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. وبريكي أستاذة جامعية متقاعدة تعرف بالتزامها الدفاع عن حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، وقد أوقفت وفتّش منزلها الخميس الماضي، وفق اللجنة التي تدافع عن معتقلي الرأي وتنشط فيها الموقوفة. ومدد الحجز تحت النظر بحق بريكي، لكن من دون الكشف عن الأسباب، وهو أسلوب يقول نشطاء من الحراك ومن المعارضة إنه أصبح نهجا تعتمده السلطات لترهيب الحقوقيين والمحتجين، فيما تسعى لوأد كل المظاهر المناوئة للنظام. وأحكم النظام قبضته على السلطة بعد انتخابات تشريعية فاز فيها حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم منذ الاستقلال، بغالبية المقاعد لكن بشرعية ضعيفة في ظل مقاطعة واسعة للاستحقاق الانتخابي. وأكد الرئيس عبدالمجيد تبون أن المهم هو إتمام الاستحقاق الانتخابي وليس النتائج ونسبها، فيما يسعى لفرض خارطة سياسية ترفضها المعارضة، بينما يطالب الحراك الشعبي برحيل كل رموز النظام السابق. وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي إنّ "فتيحة بريكي عضو في اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. إنها سيدة قديرة. أظنّ أنّ نشاطها لصالح الموقوفين هو سبب توقيفها". وأضاف صالحي "إنها العمود الفقري في توثيق حالات انتهاكات حقوق الإنسان. تهمتها هي ارتكاب جريمة التضامن". وقالت عائلة بريكي في بيان إن فتيحة بصحة جيدة بدنيا ونفسيا، وطالبت بالإفراج عنها فورا. وكانت الناشطة تشارك في مسيرات الحراك الاحتجاجي باستمرار، قبل أن تحظرها وزارة الداخلية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية. وعملت السلطات الجزائرية في الأشهر الأخيرة على إنهاء الحراك الذي انطلق في فبراير 2019، عبر منع تظاهراته وتصعيد الاعتقالات والملاحقات القضائية في حق المعارضين والنشطاء والصحافيين والمحامين. وتابع نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن "التوقيفات مستمرة حتى بعد الانتخابات التشريعية. في واقع الأمر، تريد السلطة الانتقام وإنهاء الحراك السلمي المنادي بالديمقراطية". وأكد صالحي أنه جرى توقيف الناشط الهادي العسولي مساء الاثنين. وأوقف الخميس الماضي الأستاذ الجامعي عبدالعالي رزاقي، وهو محلل سياسي يعرف بمداخلاته في الإعلام، قبل أن تطلق الشرطة سراحه بعد ساعات دون تقديم توضيحات. وهناك حاليا ما لا يقل عن 260 شخصا وراء القضبان على خلفية الحراك أو قضايا حريات فردية، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. ووجهت أكثر من 80 منظمة غير حكومية جزائرية ودولية مؤخرا رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على خلفية "التصاعد الملحوظ لمستوى القمع" و"التجريم المتزايد لحريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات" في الجزائر.