عرّت جائحة كوفيد-19 الوضع الصحي بجهة مراكش، وكشفت اختلالات كبيرة بمختلف المراكز الاستشفائية بالمنطقة سواء على مستوى التدبير والتسيير بوجه عام أو العجز الواضح في مواجهة تطورات الوباء وآثار ذلك على المواطنين وعلى العاملات والعاملين بقطاع الصحة. ومن خلال تتبع مختلف مراحل التعاطي مع الجائحة بالمنطقة، سواء عبر الكتابات والأخبار التي نشرت بمختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، أو من خلال ما استقيناه من عين المكان من شهادات للمواطنين وللأطر الصحية بالمنطقة، فإن اسم المديرة الجهوية للصحة يتردد بشكل متواتر، حيث تم تحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالقطاع، من خلال نهجها التدبيري للقطاع بالجهة عموما وتعاطيها مع الجائحة على الخصوص. وفي هذا الإطار، طرحت طريقة تدبير وتسيير المديرية الجهوية للصحة بجهة مراكشآسفي، العديد من التساؤلات، خاصة مع توالي الأخطاء القاتلة للسيدة المديرة، وتواتر الأخبار عن الشوائب التي طالت العملية التدبيرية، وبعض الممارسات التي فاحت منها روائح غير زكية، أضرت بالمجهودات المبدولة من طرف الاطقم الصحية والطبية العاملة، والمتواجدة في الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة. ومع توالي الأخطاء التدبيرية، والاختلالات بقطاع الصحة في جهة مراكش، لجأت المديرة إلى لغة التعتيم وحجب المعلومة على الرأي العام، في استهتار بكل القوانين والأعراف، وفي تنكر لمبدأ حق المواطن في المعلومة المكفولة بالدستور وبالقانون المنظم، إذ في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون المديرية الجهوية للصحة العمومية بجهة مراكشآسفي، واجهة شفافة للمعلومة الصحيحة التي يعتمدها المواطن، ويتعرف من خلالها على حقيقة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد التي تشهدها بلادنا، على مستوى الإصابات ونوعها، وعدد الوفيات، وأيضا الحالات التي تماثلت للشفاء، والظروف التي تشتغل فيها الأطقم الطبية والتمريضية، والوضعية التي توجد عليها مستشفيات وفنادق الاستقبال، دأبت المديرة الجهوية للصحة، على التعتيم على المعلومة، ورفض الإفصاح على ما يجري من خروقات، وما تعانيه المستشفيات من سوء التدبير، متخفية تحت ذريعة تنفيذ تعليمات الوزارة، علما أن الأخيرة كانت واضحة في المذكرة الموجهة للمديريات الجهوية والتي أوكلت لها مهام التواصل مع الصحافة ومدها بالمعلومات والمعطيات الخاصة بانتشار الوباء على صعيد الجهات. آثار الاختلالات التي عرفها ولايزال، قطاع الصحة بالجهة، تسببت في انتفاضة الأطر والعاملين في القطاع بالمنطقة، ونورد في هذا الاطار وقفات الاطر الصحية بالمركز الإستشفائي الجهوي ابن زهر، احتجاجا على الوضع الذي يتخبط فيه المستشفى، أمام تطورات وباء كورونا، والتحديات التي يواجهها العاملات والعاملين بقطاع الصحة، بعد عجز المسؤولين عن احتواء الوضع، وما لذلك من أخطار على الأشخاص المتواجدين في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة، في ظل الظروف المزرية وسوء التدبير والتنسيق الإداري، وانعدام شروط السلامة في المؤسسة. مظاهر الغضب والأستياء عمت بمختلف مراكز ومؤسسات الصحية بالمنطقة، ومست جميع فئات العاملات والعاملين بالقطاع، وأثرت على الوضع الصحي للمواطنين الذين ازدادت معاناتهم مع انتشار الوباء بشكل خطير. كما أن فضائح قطاع الصحة بجهة مراكشآسفي، وصل صداها إلى الخارج، حيث تناولت قناة BBC عربي البريطانية، خلال شهر غشت من سنة 2020، فضيحة إخلال المنظومة الصحية بمراكش، ونفاذ قدرتها على إستيعاب مرضى المصابين بوباء كورونا، كما حلّ آنذاك خالد آيت الطالب، وزير الصحة، إلى المدينة الحمراء لتفقد الوضع المتردي. وتناولت القناة البريطانية آنذاك، فيديوهات وصور لما آلت اليه المنظومة الصحية بمراكش، في ظل تفشي وباء كورونا، مصحوبة بتعليقات غاضبة لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، من المغاربة. وسبق للجنة مركزية من وزارة الصحة بالرباط، أن حلت بالمدينة للتأكد من تفاقم الوضع الوبائي وعدم قدرة المنظومة الصحية على التحكم في الوضع، قبل ان يحل وزير الصحة بمراكش، حيث أجرى لقاءً مع أعضاء لجنة اليقظة الإقليمية، وقام بزيارة المستشفى الجامعي ومستشفى المامونية، وسط أنباء عن عدم رضا جهات مسؤولة، من أداء المديرة الجهوية للصحة بالجهة. الأوضاع المتأزمة بقطاع الصحة في جهة مراكش، أضحت حديث العام والخاص بالمنطقة، وإلى جانب الغضب الذي يسود في صفوف المواطنين والأطر الصحية، وقفت الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع المنارة مراكش، على جملة من الانتهاكات التي طالت وضعية حقوق الإنسان بالمدينة خلال فترة الجائحة، وذلك في تقريرها السنوي الذي عرضته بحر الأسبوع المنصرم في ندوة صحفية. ووفق تقرير الجمعية، فإن قطاع الصحة بالمدينة كان من ضمن القطاعات التي عانت من تداعيات الجائحة، إذ رغم أن مراكش تحتضن مستشفى جامعي ومركزا للانكولوجا وكلية للطب تابعة لجامعة القاضي عياض، وكلية خاصة للطب، ومدارس عمومية لتكوين الممرضات والممرضين واخرى خصوصية، ورغم احتضانها لبنية فندقية أهلتها لاحتضان العديد من التظاهرات والملتقيات الدولية كالكوب 22، والمؤتمر الدولي لحقوق الانسان وغيرهما من المهرجانات، فإنها بدت أول مدينة انهارت بنيتها الصحية في ظل جائحة كوفيد- 19. وظهر العجز، حسب تقرير الجمعية، بعد رفع الحجر الصحي وظهور انتشار الإصابات في بعض أحياء المدينة وعدم قدرة المستشفيات على التكفل بالمرضى خاصة مع عودة مستشفى الرازي بالمركز الإستشفائي الجامعي لأعماله الاعتيادية وكذا مباشرة مستشفى ابن طفيل لأشغاله الخاصة بباقي المرضى خارج كوفيد-19. وأضافت الجمعية، أن هذا الانهيار فضح هشاشة البنيات المخصصة للتكفل بالمصابين بالفيروس، وضعف ان لم نقل محدودية وانعدام التجهيزات بما فيها تلك المتعلقة بالإنعاش والأكسجين ومعدات تحليلات الكشف PCR، كما كشفت عن اهتراء البنايات وأعطاب بعض التجهيزات خاصة بمستشفى ابن زهر والانطاكي. ولفتت الجمعية إلى أنه ظهر خلال شهري غشت وما بعده أن السياسة الصحية لمواجهة الجائحة تفتقد للجدية والنجاعة، وان التوقعات غير العلمية والبعيدة عن المؤشرات الميدانية وعدم الاهتمام بتوجيهات منظمة الصحة العالمية، وتعطيل خبراء الصحة بالبلاد وتغييبهم قسرا كما غيبت اللجن العلمية، والتقاعس في تأهيل المنظومة الصحية خلال فترة الحجر الصحي وأثناء انخفاض معدلات الإصابة، كلها عوامل سرعت بالانهيار حتى أصبحت مراكش غير قادرة على تأمين أبسط شروط التكفل بالمصابين، وانفجرت فضيحة المامونية وما يسمى بالعلاج المنزلي الذي أصبح أحد الأسباب لإنتشار الوباء. وسجلت الجمعية ارتجالية واضحة لتعامل مندوبية وزارة الصحة وإدارة المستشفى الجامعي في تدبير الأزمة وعدم التنسيق بينهما، ومن نتائج ذلك: غياب المعلومة بالتفصيل لحد الساعة فيما يتعلق بالوضع الوبائي بالمدينة منذ يوليوز 2020 باستثناء الأرقام المعلن عنها من طرف الوزارة. عدم الإفصاح عن الحالات النشيطة التي تتلقى العلاج بالمستشفيات بما فيها المستشفى الميداني ببنكرير. عدم الكشف عن حجم الوفيات خاصة ان هناك معطيات تشير الى تجاوزها المعدل الوطني بكثير. ترك المواطنات والمواطنين في مواجهة مكشوفة مع الفيروس، باللجوء للقطاع الخاص لإجراء السكانير أو فقط للصيدليات لشراء الأدوية واعتماد العلاج المنزلي. تغول القطاع الخاص والذي طالما اطربتنا الجهات المسؤولة عن استعداده للانخراط في دعم مجهود الدولة لمواجهة الجائحة، والتطبيل لما يسمى الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. وأضافت الجمعية، أنها واكبت بدقة الوضع الصحي بانشغال كبير، ونبهت مرات متعددة إلى الخصاص المهول والوضعية الصعبة التي يشتغل فيها الأطر الصحية، وتآكل بعض البنيات الاستشفائية وعجز القطاع عن الاستجابة للخدمات الصحية للمواطنات والمواطنين في الظروف العادية، فما بالك بالظرفية الطارئة. وسجل فرع الجمعية تقلص وانحصار وأحيانا انعدام الخدمات الصحية الموجهة للمرضى خارج نطاق كوفيد-19، حيث تعطلت أغلب الأقسام بالمركز الاستشفائي الجامعي الذي تحول معظمه إلى مستشفى خاص بالفيروس، وتعطل جناح الفحص بمستشفى ابن طفيل لمدة طويلة حتى قبل تكفله بمرضى كوفيد، وعدم استغلال التجهيزات التي حظي بها سواء لمواجهة الفيروس أو استثمارها لمتابعة المرضى خارج كوفيد 19، وارتفاع معاناة المرضى المصابين بالأمراض المزمنة والتي تتطلب مراقبة طبية مستمرة ،كأمراض السرطان والدم ،أمام توقف مركز الانكولوجيا، وانعدام عدة أدوية به حتى بعد عودته لمهامه الاعتيادية. كما وقفت الجمعية عند معاناة مرضى القصور الكلوي خاصة بعد إغلاق مركز تصفية الدم بالمامونية وانتقال مرضاه إلى مركز باوراد، ومعاناة مركز سيبع الذين فرضت عليهم إحدى الجمعيات تغطية بعض المصاريف، وإجمالا فان مرضى القصور الكلوي تخلت عنهم الدولة وسلمتهم للجمعيات التي تشرف على المراكز المبنية والمجهزة غالبا من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما سجلت الجمعية صعوبة الولوج للعلاج لمرضى السكري، والتأخيرات الطويلة الامد للعمليات الجراحية وارتفاع نسب الولادة خارج المراقبة الطبية. كما وقفت الجمعية على صعوبة الحصول على الإسعافات الأولية أو التدخلات الطبية الاستعجالية خاصة بمستعجلات مستشفى إبن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي، حيث وصلت مدة الانتظار إلى أيام داخل القسم. وقد سجلت الجمعية كذلك: تراكم هائل للعمليات الجراحية للعديد من التخصصات، بما فيها التي تسمح بالتأجيل؛ وتسييد خطاب جعل الاعتقاد أن المستشفيات بؤر لنقل العدوى، مما جعل المرضى يتعايشون مع المرض والألم، ويستنكفون عن التوجه للمستشفيات وحتى المستوصفات الحضرية أحيانا؛ وغياب إستراتيجية واضحة للتعامل مع الجائحة، من حيث عدم خلق ممرات آمنة وخاصة تفصل بين المرضى المصابين بالوباء، والمرضى الآخرين كما هو معمول به في مختلف المستشفيات العالمية، مع استثناء طبعا المستشفيات التي عدت خصيصا للتكفل بالمرضى المصابين بالوباء. وتم تسجيل سوء تسيير وتدبير المرفق العمومي وعدم استحضار وإشراك الأطر الصحية من طرف مندوبية وزارة الصحة وإدارة المركز الاستشفائي الجامعي في وضع البرامج والوقوف على الاختلالات وضمنها التي تطال الأطر الصحية نفسها؛ قلة وضعف الأطر الصحية بمختلف أنواعها فيما يخص مثلا مصلحة Samu التي تتوفر على 08 سيارات للإسعاف والتدخل، بينما تم تشغيل سيارتين نظرا لغياب الأطر المختصة التقنية والفنية والطبية. عدم استثمار بعض البنايات المجهزة بمستشفى إبن طفيل وإخراجها للعمل، وهي البناية المكونة من اربعة 4طوابق وتتوفر على عدة قاعات للعمليات الجراحية وجناح للإنعاش وطاقة استيعابية مهمة من الاسرة. وسجلت الجمعية انه كان في الإمكان توسيع العرض الصحي بالمدينة، وتوجيه كل الاستثمارات لبناء مستشفى جهوي بمراكش، أو إعادة مستشفى ابن طفيل ليقوم بهذه الوظيفة، مع توسيع المركز الاستشفائي الجامعي والرفع من طاقته الاستيعابية. وإعادة هيكلة بعض المستشفيات المتقادمة كمستشفى إبن زهر و الشيخ الأنطاكي. الاهتمام بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالسعادة وتجهيز المستشفيات بكل الآليات والأجهزة والمعدات الطبية والبيوطبية وكل الضروريات للعمل الطبي والارتقاء بخدماتها، وتمكينها من الأطر الصحية الكافية، علما أن هذه المؤسسات رغم تقادم بعضها كابن زهر والأنطاكي لعبت دورا أساسيا في التكفل بالمرضى من حاملي الفيروس covid 19. وكذا تشغيل الجناح المغلق والمشكل من 04 طوابق بمستشفى إبن طفيل، لمواجهة الضغط الصحي وتلبية حاجيات المرضى في العلاج. تقوية آليات الوقاية والتدخل السريع، عبر تشغيل وتقوية كافة الإمكانيات اللوجستكية، كمصلحة SAMU وتمكنها من الأطر الكافية اللازمة الضرورية. احترام الاجال المصرح به لافتتاح مستشفى المحاميد ومستشفى سيدي يوسف بن علي اللذين توقفت بهما الأشغال دون إتمامهما رغم المبالغ المالية المخصصة لبنائهما. الأوضاع الصحية التي تتخبط فيها الجهة، لم تجد السيدة المديرة الجهوية من سبيل لمواجهتها سوى اللجوء إلى البحث عن مظلة سياسية للاختباء من ورائها، كما فعلت أول الأمر عندما اختارت حزب التقدم والاشتراكية كقنطرة للركوب عليها للوصول إلى منصبها الحالي، وها هي اليوم تنتقل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي احتضنها هذه الأيام عبر استقبال نظم على شرفها، بعد لان كانت قد حاولت الالتحاق مؤخرا بحزب العدالة والتنمية من خلال حشد الدعم له واستمالة أطره بالمنطقة إلا أن ذلك لم ينجح وعندما أدركت ذلك لجأت إلى حزب الحمامة عله يساعدها في مواجهة الانتقادات التي وجهت لها ولا تزال بسبب سوء تدبير وتسيير قطاع الصحة بجهة مراكشآسفي.