بدأ النظام الجزائري يحفر قبره بيده، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى الانفتاح على دول العالم، يقوم الجالس على كرسي "الواجهة المدنية" للنظام العسكري باستعداء الدول ضده، وكانت آخر شطحاته رفض استقبال وزيرة خارجية إسبانيا للمرة الثانية على التوالي خلال شهر واحد، وذلك على خلفية موقفها من قضية الصحراء المغربية، الذي لم يعجب "السبونسور" الرسمي لجبهة البوليساريو القابعين في قصر المرادية ووراء قصر المرادية، وخصوصا الجنرالات الذين يلعبون على وتر الانفصال. عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري، الذي يعتبر مجرد واجهة للجنيرالات، لا يعرف أن إسبانيا قوة إقليمية مهمة في البحر الأبيض المتوسط، كما تعتبر بوابة إفريقيا نحو إفريقيا، ناهيك عن اشتراكها في الثقافة مع العالم العربي، إذ ما زالت الثقافة الأندلسية، الإسلامية واليهودية، هي المهيمنة على العقلية بهذه الدولة، ونسي حكام الجزائر التاريخ والجغرافية وقضايا الأمن الإقليمي بالمتوسط إرضاء لجنيرالات يجلسون خلف الستار يقامرون بورقة البوليساريو. وعرفت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا حالة من التوتر بسبب الحدود البحرية بين البلدين في إطار ما يسمى المنطقة الاقتصادية الخالصة، وكانت وزيرة الخارجية الإسبانية، أبدت رفضها للخارطة التي وضعتها الجزائر لحدود هذه المنطقة، باعتبارها أحادية ولم يتم التفاوض حولها، وجاء الرفض الإسباني أسابيع بعد الصراع بين الجزائر وإيطاليا حول الحدود البحرية المواجهة لجزيرة سردينا واعتبرت روما مساعي الجزائر بأنها توسع بحري غير مشروع. المأزق الذي تعيشه الجزائر بسبب عدم استقبال وزير خارجية إسبانيا، جاء بعد مأزق آخر تمثل في استدعاء السفير الجزائري بدكار عقب فتح قنصلية للسينغال بمدينة العيون حاضرة الصحراء المغربية. ومنذ شروع بعض الدول في فتح قنصلياتها بمدن الصحراء المغربية جن جنون القادة الجزائريين، لأنهم لم يتعودوا على امتصاص الضربات الديبلوماسية، فقط تعودوا على توظيف البوليساريو وعائدات النفط والغاز. استدعاء السفير الجزائري بدكار ضربة موجعة للنظام الجزائري، لأنها مثلت قمة العنجهية حيث التدخل المكشوف في قرارات البلدان المستقلة، فالسنيغال تربطها علاقات وثيقة بالمغرب وما كان لها أن تقوم بهذا الاحتجاج الذي زادها عزلة. وتعاني الجزائر داخل محيطها الإفريقي منذ عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، التي يعتبر أحد مؤسسيها تحت عنوان منظمة الوحدة الإفريقية، والتي انسحب منها بعد أن اصبحت الأجواء داخلها غير مواتية، نتيجة المال الحرام الذي كانت توزعه الجزائر على عدد من الرؤساء، لكن بعد موجة تغييرات في إفريقيا عاد المغرب إلى موقعه الطبيعي، وذلك بعد عودته اقتصاديا واجتماعيا. النظام الجزائري بنا وجوده على إقصاء المغرب، وبما أن المغرب أصبح أكثر حضورا في إفريقيا، فإن سكان قصر المرادية ومن يسيرهم لن يعرفوا النوم أبدا، لأن عودة المغرب القوية وديبلوماسيته الرزينة تعني حصارا للنظام الجزائري الذي بنا وجوده على العداء للمغرب لا التعاون مع الآخر.