خلال حملته الانتخابية، وفي غمرة حماسة زائدة وشعبوية مقيتة، طالب عبد المجيد تبون من المغرب أن يعتذر على فرض التأشيرة على الجزائريين، عقب الهجوم الارهابي على فندق اطلس أسني بمراكش سنة 1994.. لكن، دعونا نذكر السيد تبون، الذي اصبح بقدرة قايد صالح والمؤسسة العسكرية رئيسا للجزائر عقب رئاسيات مفروضة ومرفوضة من قبل الشعب، أن المغرب اقدم على خطوته تلك، بعد ان كشفت التحقيقات، التي أجرتها مصالح الامنية المختصة المغربية بتعاون مع نظيرتها الفرنسية، ضلوع المخابرات الجزائرية ووقوفها وراء الهجوم الإرهابي على فندق "اطلس أسني"، يوم 4 غشت 1994، وقد تم على إثر ذلك اعتقال ثلاثة أشخاص جزائريين حاصلين على الجنسية الفرنسية هم هامل مرزوق واستيفن آيت يدر ورضوان حماد، أدين اثنان منهم بالسجن المؤبد والثالث بالإعدام. هذا الحادث المأساوي، كشف الوجه الحقيقي لنظام العسكر الجزائري، الذي دأب على خلق المشاكل والعراقيل امام بناء الاتحاد المغاربي، من خلال التشبث بعقيدة العداء للمغرب منذ حرب الرمال سنة 1963، والتي بقيت غصة في حلق الجنرالات الجزائريين إلى حدود الآن.. وكان النظام الجزائري ومخابراته، يسعى من خلال احداث اطلس اسني الارهابية، إلى إدخال المغرب في دوامة اعمال اجرامية لكي يعيش ما كانت تعيشه الجزائر آنذاك من حرب أهلية امتدت حوالي عقد من الزمن ووُسمت ب"العشرية السوداء"، وكانت نتيجة منطقية لسياسة النظام العسكري الذي الغى نتائج الإنتخابات البرلمانية التي أسفرت عن فوز الإسلاميين سنة 1991، ممما أدخل البلاد في دوامة من العنف والرعب والخوف وسفك الدماء تورط فيها الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ ومختلف الاجهزة الامنية والعسكرية والمخابراتية الجزائرية.. إن المغرب أولى وأجدر بمطالبة النظام الجزائري بتقديم الاعتذار بسبب ما اقترفه على مر العقود، ومنذ انقلاب العسكر على الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة المجاهد بنيوسف بنخدة، ومحاربة كل المجاهدين الحقيقيين الذين كانوا يرفضون سياسة النظام العسكري المعادية للمغرب، وضمنهم بوضياف الذي تم استدراجه لحل أزمة الطغمة العسكرية اواسط تسعينيات القرن الماضي، لتتم تصفيته في حادث مأساوي يكشف الطبيعة القمعية والوجه القبيح للؤسسة العسكرية.. لا نريد تعداد الاحداث والسلوكات المشينة التي اقترفها النظام العسكري في حق المغرب والمغاربة، منذ عهد بومدين إلى اليوم، لكننا سنكتفي بسرد حدث مأساوي واحد لنذكر عبد المجيد تبون، الذي تدرج في دواليب النظام الجزائري منذ الستينات، الذي يتناسى ما اقترفه اسياد نعمته الذين جاؤوا به ليكون واجهة مدنية لحكمهم بعد ان هب الشعب هبة واحدة رافضا استمرار حكم العسكر في تدبير امور وشأن البلاد، ونادى ببناء دولة مدنية من خلال شعارات "يتنحاوا كاع" "ودولة مدنية ماشي عسكرية"، و"الجنرالات إلى صناديق القمامة"، التي رفعها الحراك منذ انطلاق شرارته الأولى يوم 22 فبراير المنصرم.. ما رأي "فخامته"، إن كان له رأي فعلا، حول ما اقترفه نظام العسكر في عهد محمد بوخروبة(الهواري بومدين) في حق 350 ألف مغربي انتزعت منهم ممتلكاتهم ورمي بهم على الحدود مع المغرب، في فجر يوم عيد الأضحى سنة 1975، رغم أن غالبيتهم ولدوا في وترعرعوا في الجزائر ؟ ولتذكير تبون فقط، لأننا نعتقد أن الذاكرة لا تسعفه، فإن اختيار الهواري بومدين لهذا العدد الكبير من المهجرين قسرا، يساوي عدد المتطوعين المغاربة في المسيرة الخضراء، وجاء رد السلطات الجزائرية بطرد نفس العدد وراء حدودها في مسيرة أسمتها "المسيرة الكحلة" أي السوداء، وهو ما يكشف أن النظام العسكري الجزائري لما استعصى عليه تحدي ومجاراة المغرب، لجأ إلى خدمات مرتزقة البوليساريو وسلحهم ودعمهم وساندهم ماليا ولوجيتسيكيا، من أموال ريع الغاز والنفط، ليقوموا بحرب بالوكالة ضد المغرب.. إذا من عليه واجب تقديم الاعتذار هو النظام العسكري، الذي سعى منذ الانقلاب على الحكومة المدنية وسرقة ثمار الاستقلال سنة 1962 إلى خلق العداوة بين الشعبين المغربي والجزائري، عاصفا بما يجمعهما من روابط، وذلك في معاكسة لحركة التاريخ التي ستعصف لا محالة بالطغمة العسكرية بعد ان هب الشعب الجزائري الابيّ لتصحيح أخطاء العسكر والسير على درب الحرية والديمقراطية بعيدا عن أوامر وقرارات المؤسسة العسكرية التي يجب ان تلتزم بالمهام المسنودة إليها كما هو الشأن في سائر الدول الديمقراطية..