أغلب المراقبين والمتتبعين للشأن الحزبي والسياسي بالمغرب يرجحون فوز حزب العدالة والتنمية بالمركز الأول في الانتخابات المقبلة، أو على الأقل حصوله على إحدى المراكز الأولى على أقل تقدير، وهذا لا يرجع فقط إلى قوة هذا الحزب و توفره على برنامج لا يشق له غبار، ولكن لأن المعارضة في هذا البلد السعيد أضعف من ضعيفة، رغم قوتها الصوتية التي لا تسمن و لاتغني من سياسة. في ظل هذا الوضع الفريد الذي يتصدر فيه حزب الإسلاميين المشهد السياسي و يحتك منتسبوه تارة مع الشعب في بعض القرارات اللاشعبية التي يتخذونها وتارة أخرى يحتكون مع القصر فنشاهد تدخلا هنا أو توجيها هناك، إلا أنه يظل الأوفر حظا أو لنقل الحزب الذي لابديل عنه لحد الآن. كل الأحزاب المغربية ظهر توجهها ولم يعد هناك ما تخفيه على الشعب، الاستقلال و بشهادة ضمنية من أمينه العام خرج مهزوز الصورة بعد الخسارة التي مني بها في الانتخابات الأخيرة وانتفض بعد أن تنصل له حليفه حزب الأصالة والمعاصرة من وعوده، والآن يحاول حزب سي علال ترميم صفوفه للرجوع إلى الحكومة المقبلة. الاتحاد الاشتراكي بفضل جهود أمينه العام السيد لشكر أصبح يثير الشفقة لدرجة أنه يبحث له عن موضع قدم بين الأحزاب الصغيرة التي أصبح كل همها تقليص العتبة، و في مشهد سريالي وضع (أمينه) كل مفاتيح الحزب بين يدي حزب الأصالة و المعاصرة الذي سماه ذات يوم بالوافد الجديد، هذا الأخير لازال يصارع من أجل إثبات نفسه كحزب عادي رغم نشأته غير العادية، لذلك فجل معارضته منصبة على محاربة حزب العدالة و التنمية و إضعاف صورته، هو حزب كما تقول نشأته، جاء ليواجه حزب البيجيدي، أي أن وجوده مرتبط بوجود هذا الحزب، وهو عكس ما يدعي بأنه جاء لمحاربة الإسلاميين كلهم، فلم نسمعه يوما ينتقد جماعة العدل والإحسان وهو نفسه الذي ضم بين تشكيلته في تحالف ج8 حزب النهضة والفضيلة وهو ذو مرجعية إسلامية أيضا، إذن معارضة حزب الأصالة والمعاصرة للعدالة والتنمية معارضة شكلية، تصب في مصلحة الحزب الإسلامي أكثر، ولا أدل على ذلك من الهدية التي قدموها للسيد عبد الإله بنكيران على مشارف الانتخابات المقبلة بتحالف الجرار والوردة معا. إذن لا الأصالة والمعاصرة ولا الاتحاد الاشتراكي باستطاعتهما أن يشكلا معارضة قوية وبناءة، نظرا لظروف النشأة خصوصا للأول و نظرا للشخصيات التي تقود الحزبين والتي تثير الكثير من الكلام حولها، لذلك كل الكلام الذي سيقال سيصب مباشرة في رصيد شعبية حزب المصباح الذي يستمد قوته من تصريحات و خرجات هذه المعارضة المعتلة. حزب التجمع الوطني للأحرار، الجميع يعرف بأنه ذراع البام سواء أخفى السيد مزوار تلك الحقيقة أو لا، كل حركات الحزب تبين بالملموس بأنه مسمار الاصالة والمعاصرة داخل الحكومة الحالية، لذلك حتى لو أصبح هذا الحزب خارج الحكومة فإنه لن يشكل أية إضافة نوعية و ذات قيمة للمعارضة الحالية. الأحزاب اليسارية الصغيرة رغم مصداقيتها لدى فئة مهمة من الشارع إلا أنها تبقى صغيرة و ضعيفة لخلق معارضة باستطاعتها قلب الموازين، نظرا لعدة اعتبارات من بينها توجه تلك الاحزاب و أيديولوجيتها المخالفة لتوجه عامة الشعب المغربي، الذي لازال يخشى من توجهها في حالة وضعه ثقته فيها. النقابات للأسف سقطت ورقة التوت عنها ولم تعد تلعب ذلك الدور المهم الذي لعبته قديما، نعم باستطاعتها الدعوة للإضراب وهذا أقصى ما يمكن أن تقوم به، لكن كقوة اقتراحية بديلة أو كقوة ضاغطة ليس باستطاعتها فعل أي شيء، شكلها أصبح صوري و أقصى مايمكن أن تقوم به هو الحفاظ على بعض الامتيازات التي اكتسبتها سابقا. إذن مع كل ما ذكرنا من باستطاعته أن يشكل معارضة قوية بإمكانها ردع الحكومة الحالية والحكومة المقبلة خصوصا إذا بوأت الانتخابات العدالة و التنمية الصدارة مرة أخرى؟ و طبعا سيحافظ على التحالف القائم بينه وبين الأحزاب المشكلة للحكومة الحالية باستثناء تغيير طفيف سيطال حزب الأحرار الذي سيعوض بحزب الاستقلال، الجواب سيكون لا أحد، لأننا لن نخرج من تلك الحلقة المفرغة، أحزاب المعارضة (الضعيفة) تزيد من قوة حزب الاسلاميين وهذا الأخير يتقوى على حساب المعارضة الضعيفة وفي نفس الوقت يزيد من تضييق الخناق على الشعب بقرارات غير شعبية و غير مدروسة تزيد من تأزيم الأوضاع، و تزيد شهية الحزب في إرضاء الجهات العليا على حساب الشعب، آنذاك لن يبقى سوى حزب "الفايس بوك" نعم، لقد أثبت بجدارة أن بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة الحالية و تراجعت عنها، كانت بفضل هذا الحزب، وزراء أزيحوا من مناصبهم بفضل ضغط هذا الحزب، كما أن تقاعد الوزراء والبرلمانيين إذا عرف مراجعة في المستقبل القريب سيكون بفضل ضغط هذا الحزب، الذي لا لون له ولا أيديولوجية تحركه، ولاحسابات ضيقة تجعله يمارس معارضة رخيصة، هو حزب يمثل جميع المغاربة بكل أطيافهم و ألوانهم وتوجهاتهم. حزب الفايس بوك هو حزب الشعب الآن، هو من يلجم حزب العدالة و التنمية عندما يتغول، وهو من يفضح حزب الأصالة و المعاصرة عندما يريد أن يتنمر، و يفضح الاتحاد عندما يرفع سيفه الورقي، ويقلل من الضوضاء التي يحدثها شباط أمام الكاميرات، هو الذي يواجه ترهات و خزعبلات بعض رجال الدين وفي نفس الوقت هو الذي يهاجم تلك العناصر التي تتهجم على الدين تحت مسمى الحداثة، هو كاشف العنصريين و الانفصاليين كيفما كان توجههم، هو مرآتنا التي نرى فيها وجهنا الجميل وفي نفس الوقت نكتشف فيه الجانب الآخر القبيح، هو منبر من لا منبر له، يستطيع أي كان أن يعبر فيه عن رأيه، لا تحتاج فيه أن تكون حاملا لشهادة عليا أو سفلى، فيه الواعظ الديني وفيه الملحد، فيه من يستيقظ في الفجر ليكتب قوموا أحباب الله للصلاة، و فيه من ينام في ذلك الوقت بعد أن لعبت الخمرة برأسه، فيه جميع المغاربة كما هم في الواقع بكل اختلافاتهم، ولا يستطيع أي كان أن يقصي الآخر أو يطرده من حزب الفايس بوك، لأنه للجميع... هوحزب لا يتقدم للانتخابات وليس لديه أمين عام أو أمين عامين أو أمين مدى الحياة، فيه أعضاء فقط كلهم مختلفون لكن يشكلون معارضة حقيقية في غياب معارضة سياسية طال انتظارنا لها. يونس كحال