"الغصن الأعوج لا يعطي ظلا مستقيما" هذا هو حال حكومة بن كيران في نسختها الثانية وقد تليها نسخة ثالثة وهكذا حتى يقتنع هو وغيره أن حكوماتنا مجرد أسماء وصور ومقرات وميزانيات مهدورة، شهور من المفاوضات واللقاءات السرية والعلنية، أول مسلسل مغربي من مآت الحلقات، صور أبطاله لا تفارق صفحات الجرائد، تصريحاتهم لا منطق لها، فقدت المصداقية والضوابط، خصم الأمس هو حليف اليوم والعكس صحيح، وبدون حرج لأن المصلحة هي الحكم. باي باي الحريات .. مسكين هذا الشعب المجاهد، لا يستحق منكم أيها السياسيون كل هذا الإستهتار، إلى هذه الدرجة تعشقون الإستوزار لمصالحكم لا غير، هل بمثل هذه السلوكات سنمارس السياسة والديموقراطية ونحارب العزوف ونضحي من أجل الوطن...؟
ما معنى أن يتضاعف عدد الحقائب الوزارية بهذا الشكل المستفز؟ وبن كيران كان يقول لحظة تكليفه بتكوين الحكومة أنه لن يتجاوز 21 حقيبة، اليوم 39 حقيبة اللهم لا حسد، لقد تم إرضاء الأحزاب الأربعة بشكل غريب لأن المهم عندهم هو خطف أكبر عدد ممكن من الحقائب الوزارية ويعتبر ذلك مكتسب تاريخي يفتخرون به في حملاتهم الإنتخابية.
باي باي الحريات، نعيش زمن العبث بمعنى الكلمة، لم أكن أتصور أن يصل مستوى هؤلاء السياسيين إلى هذه الدرجة من الإنحطاط والسفاهة، تصوروا لو كانت الحكومة مكونة من سبعة أحزاب كم من حقيبة وزارية سيتم خلقها من لا شيء؟؟
لقد تمخض الجبل وولد لنا فئران مشوهة وأصبح لكل وزير أساسي وزير احتياطي ،فقط تم نسيان إنشاء وزارة فايسبوك تابعة لببغاء الحكومة، إنها حكومة الزيادة في كل شيء غير الأجور يتم الإقتطاع منها.
حكومة الشوهة تخلت عن أهم ما جاءت به ثورات الربيع العربي بحيث تم حذف الحريات من وزارة العدل، وتم إزاحة المجتمع المدني من وزارة العلاقة بالبرلمان، وهذا يذكرنا بأيام زمان عندما كان للمغرب وزارة حقوق الإنسان والتي اختفت في زحمة آلاف الحقوق التي أصبح المغاربة يتمتعون بها.
باي باي الحريات التي تمتع بها المجتمع المدني حتى التخمة منذ سنتين وعليه لا حاجة لنا بها ويستحسن حذفها حتى لا يطالب حزب ما بإنشاء وزارة الحريات، لقد انتهى الربيع وماتت كل الزهور وأخشى أن يكون حتى دستور 2011 مجرد مسكن مؤقت سيتم التراجع عنه قريبا خصوصا وأنه بعد سنتين لم لنرى أي قانون تنظيمي يترجم بداية التطبيق الفعلي لما حمله هذا الدستور من مستجدات ايجابية.
باي باي الحريات تمت قسمة الكعكة الحكومية وعادت الداخلية لحظيرة الدولة العميقة القوية بعيدا عن ترهات الأحزاب السياسية المنخورة في العمق،بحيث أظهرت هذه الشهور التي عاشها المغرب بدون حكومة مسؤولة أن التسيير الحقيقي للبلاد ليس بيد الحكومة، وأن وجودها شكلي لا غير، وأن الممارسة السياسية الديموقراطية بالمغرب في خطر وتسير نحو الاندثار، وشيوع السياسة الشبح بزاعمة نخبة من الإنتهازيين والفاسدين، لا تفتح فمها إلا عند طبيب الأسنان، وعليه انتظروا سقوط هذه الحكومة الملغومة في أقرب وقت،وأحرار وطني على قلتهم سيرددون معي شعار: باي باي الحريات .. حكومات البريكولاج .