مهما تنوعت تبريرات مخالفو الإخوان فإن ما حدث بمصر يعتبر من أقبح صور الإنقلابات العسكرية على تجربة ديمقراطية فتية. تعاطف الكثير مع الرئيس محمد مرسي لأسباب متعددة ولكن أهمها أنه رئيس مدني منتخب بشكل ديمقراطي،لكن من سوء حظه أنه جاء في وقت استحلى الشعب المصري الثورات والمسيرات الحاشدة بعد عقود من القمع والقهر العسكري،شعب غير متعود على الديمقراطية وأساليبها،شعب له تاريخ دموي مع حكامه من غرق فرعون إلى نفي الملك فاروق وتسميم عبد الناصر واغتيال السادات وسجن مبارك وأخيرا الإنقلاب على مرسي بتواطؤ الأزهر والأقباط والعلمانيين بعد سنة واحدة من الحكم. السؤال :لماذا بسرعة نكفر بالديمقراطية عندما لا تكون في صالحنا ؟ لماذا تصفق الجماهير بسرعة لكل انقلابي يعتلي ظهرها وترفع صوره كبطل خارق وتهتف له بالروح بالدم نفديك ؟ لقد انقلب العالم العربي مع الانقلابات إلى مصحة أمراض عقلية يقودها العسكر فمن يقتل شخص يوصف بأنه مجرم تلاحقه العدالة،ولكن من يقوم بالانقلابات فيقتل الآلاف يوصف بأنه القائد الأمين مع أن الإنقلاب يجعل مصير البلد في يد مافيا عسكرية تغتصب الأمة والدولة وتبني وضعها بالقوة العسكرية والأحكام العرفية وأجهزة الأمن القمعية فتموت المعارضة . الجيش المصري انقلابي بطبعه ولذلك لم يتحمل الديمقراطية المدنية وسحلها بعد ثلاثة أيام فقط من الإحتجاجات،لقد اغتصب الديمقراطية أمام العالم، وكأن المصريين ليست لهم أهلية العيش تحت ستار الديمقراطية . نعم ارتكب الرئيس مرسي أخطاء كثيرة وقاتلة لا داعي لسردها وأتمنى أن يعتبر غيره منها ،ولكن لماذا ننسى أو نتناسى أن هؤلاء الرؤساء من الحركات الإسلامية في الوطن العربي قد فاجأتهم السلطة بعد ثورات الربيع العربي،وهم لا خبرة لهم ولا تجارب ... إنهم مثل صبي يتعلم المشي للأول مرة وأطرافه لا تزال هشة .. أكيد أنه لن يعدو مع أول وقوف ،فهو في حاجة للمساعدة والدعم والتوجيه .. لا أن نعيقه ونضع له الحواجز حتى يسقط ونعاقبه على ذلك السقوط ،أكيد سيبقى في الأرض معاقا. ديكاج ..ارحل .. برا ...كلمات وشعارات أسقطت عدة أنظمة فاسدة ،وتخلصت الشعوب من ظلم الحكام ... ولكن اليوم نحن أمام ظلم الشعوب لبعض الحكام ،وهدر الوقت والثروات ..وذلك في صالح قوى الفساد وأعداء الأمة ،سنبقى ندور في حلقة من الفراغ وتضييع الفرص وخلق الأزمات التي لا تزيدنا إلا تخلف وضعف ... تنبيه لا بد منه : فشل أو إفشال تجربة إخوان مصر لا تعني بأي حال أن الإسلام فقد الشرعية والمشروعية في الحكم لأن الخلل يصيب الأشخاص لا المقاصد والمبادئ التي تحتويها نصوص الدين الطاهرة والتي لن نسمح لأي كان وكيفما كان أن يحتقرها ، ويسخر من ديننا الحنيف.