[COLOR=darkblue]استشهاد لا بد منه : محمود درويش “الحياة هي الشعر، حين تكتبه ذاتٌ ليست ذاتية تماماً”[/COLOR] --------------------------------------------------- ...و أنا أسمع أخر الثرثارات لصديقي الافتراضي، و خاصة حينما استشهد ببيت شعري لأبي الطيب المتنبي، ابتسمت لغباوته في استعارة بيت يجوز فيه الوجهان و مستهلك من طرف الظالم و المظلوم... و تذكرت حينها شيئان، المثل المغربي الشعبي"ضربني و بكى، و سبقني و شكى" ، و حكاية الشاعر أبو العلاء المعري مع الشاعر الشريف الرضي، الذي كان يكره أبا الطيب المتنبي... و عليه خلصت بالملموس مدى التباين بين التمثلات و الخطاب، و مدى اتساع الفجوة بين الخطاب و الممارسة، ذلك الخطاب المأساوي، الذي بات يعرفه الجميع كلعبة سخيفة، خصوصاً أنَّ شفراته و مضامينه لم تعد تحتاج لمن يبذل جهدا كبيرا في فهمها، أو معرفة ما تخفيه من رسائل مبيتة، و حتى أضع مجالسي في الصورة و اعرفه بطينة مع من نتعامل من بني البشر، قلت له: أولا: أن صديقي الافتراضي لم يشفع له سبويه و لم يُعنه اتقان لغة الضاد و الرقص على حروفها في كتابة مقال واحد بمضمون و موضوعية واضحة بعيدا عن الانطباعية، حتى يعكس للقارىء مدى تشبع ثقافته و حكمته التي اكتسبهما من دار السلام، بعيدا عن الصدر و العجوز، و اكتفى ببعض الخربشات أقل ما يمكن القول فيها أنها كتابة المُوقف "برفع الميم" التي تشبه خرق الأطفال على حبل الغسيل، و هو معذور لأنّ ثقافة "المسيد" لا تعلم سوى دروس المفعول به و الجار والمجرور، كما أنها تحقن العقول بأنّ الحال و النعث والضمير والعطف هي مصطلحات ذخيلة ولا وجود لها في النثر الصحفي ولا لغة العرب... و على هذا المعطى كان لازما عليه العمل بقولة كوليش: "الأروع بين كل الذين ليس لديهم ما يقولون هو أولئك الذين يغلقون أفواههم". ثانيا: أن صديقي الافتراضي يسعى جاهدا إلى مأسسة نقاش بزنطي و فوضوي يقوم على التجريح و التشنج و يستعمل لغة التهديد و الرحمة في أن واحد، مما يبعث على الشفقة من قلم تضخمت أناه بشكل مرضي، حيث أصبح يختفي وراء الضبابية في الطرح و المعالجة، و ذلك عبر تشويه معالم القصيدة العمودية و شعر التفعيلة لقضاء أغراضه الدنيوية، بل تخصص في كتابة دواوين "الضغينة" و هنا فالشيب الذي كان من الجائز أن يذل على الوقار صار يذل على "الحقار"، و هنا ذكرته بما قاله نيرون عندما وقف في شرفة قصره يتمتع برؤية روما وهي تحترق بكامل مجدها، كان يقف إلى جانبه مرافقه الفيلسوف رينون... فسأله نيرون كيف وجد منظر روما وهي تحترق، فقال له الفيلسوف: "إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها من جديد، وربما أحسن مما كانت عليه، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني، وهيهات إذا ماتت المعاني في شعب أن يأتي من يحييها من جديد". ثالثا: أن صديقي الافتراضي يسعى كي يعطي للانطباع انه خليفة الزعيم الهندي "المهاتما غانذي" فيحلو له أن يتكلم على دار السلام و الإسلام...و أن تصرفاته محكومة بالسلام، و مادمت مقتنعا أنه لا يوجد شيء خادع أكثر من حقيقة واضحة للعيان، أسأله و أنا لست مشغولا بجوابه، لأنَّه لا يعد يعنيني بقدر ما يعنيه: - ما سبب غيابك عن استقبال التنسيقية الدولية لمسيرة السلام عندما حطت الرحال بتازة منتصف شهر نونبر 2009 علما انها تضمنت أربع محطات رئيسية؟ - ما سبب تخلفك في الحضور لمشاركة المستقبلين في احتفالاتهم، و رفع معنويات أطفال لم يقترفوا أي ذنب في حياتهم سوى أنهم خلقوا بعاهات جسدية و ذهنية، و رغم حالتهم الصحية اصطفوا في باب مدرسة ابن طفيل لأكثر من ساعة لتحية و استقبال التنسيقية تأكيدا عن حفاوة المغاربة و كرمهم؟. -ما سبب تكرار غيابك عن الحضور خلال تنظيم الندوة تواصلية في موضوع:"المسيرة العالمية للسلام ما بين الطابوية و التأسيس لمستقبل الأجيال القادمة"، ندوة لها علاقة بمجال تحاول حشر نفسك فيه، مع ان ثلاثين مليون مغربي أو اكثر يعرف من هو عالم المستقبليات؟ و نفترض جدلا انك عالم مستقبليات، كيف ترى عمل المجالس المحلية و المنتخبة في افق خمسة سنوات القادمة؟ و ماذا تتوقع لبرنامج التأهيل الحضري لمدينة تازة للفترة 2010-2013 الذي سيتطلب غلافا ماليا يقدر ب775 مليون درهم، لا يتوفر القسم الاقتصادي بإقليم تازة منها الا على غلاف يناهز 320 مليون درهم؟ و ما مصير الدراسات السابقة المنجزة التي خصصت لها اموال طائلة من جيوب دافعي الضرائب؟ -أين كنت في حفل الاختتام بقاعة المعرض عندما حضر و شارك كل من محمد شهيد و عبد اللطيف بناني -و آخرون الذين نكن لهم كل الاحترام و التقدير- للمساهمة الفكرية،الأدبية، الفنية لتشريف مدينة تازة قلبا و قالبا، رغم ظروف مرضهما آنذاك و تضحيتهما من مالهما الخاص لإنجاح بعض من فقرات البرنامج؟ - كيف ترى و تمارس مفهوم السلام من خلال حياتك العادية، و في علاقتك مع الافراد و المجتمع؟ و هل انت سلمي بالمعنى الاصطلاحي، اللغوي، النفسي و البسيكولوجي؟ و هل حقا تستلذ حين تكرر مصطلح انتحار في كلامك و خربشاتك؟ ألم تفكر يوما في الانتحار؟ ألا تظن أن الإنتحار سيخلصك من الحياة وما فيها من ألم الروح التي تتباكى من تعبها في إشهار قناع الضحية دائما و المتلفعة بغطاء القدسية و العِصمة، التي تكاد تكون عقائدية؟ - ماذا يعني لك مفهوم السلام على ضوء ما قال "مهاتما غاندي": " أردتُ أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة"؟ رابعا: و هذا البيت القصيد، أنه بعد الاضطلاع على فحوى ادعاءات صديقي الافتراضي في مجملها على امتداد شهر، وجدت أنها لم تقبل نظرا لعدم احترامها للدفوعات الشكلية و الجوهرية المتعارف عليها قانونيا، و كذا المساطر الإجرائية المعمول بها أخلاقيا في مثل حالته حيث "سبق السيف العدل" و اقتص لنفسه و بطريقته -السلموية طبعا- ، كما رفضت لعدم الاختصاص النوعي و المحلي حيث أن المدعي طرق الباب الخطأ ، في المقابل هنئته على مسيرته في طرق الأبواب التي تكمن ورائها القلادات و رخص الامتيازات التي يبحث عنها ... التي ستضمن له العيش الرغيد و الرفاهية حتى يركز أكثر في الكتابة عن نواقص الوضوء و مبطلاته. و ختاما أنهيت كلماتي المختصرة مع مجاليسي...و ليس كما جرت العادة بقولة لكل مقام مقال، لأنني أصلا لم أجد المقام حتى اكتب في صديقي الافتراضي المقال، و بما انني من جيل الاختصار، اكتفيت بمقولة صديق الاخر، حين قال "تَكَفَّنْ، فالمهمّةُ انتهتْ " GAME OVER [ALIGN=LEFT]