إسمه حسن بهارا، وقد قام مؤخرا بإصدار رواية بعنوان: "أنا إدريس". لحد الآن يبدو هذا عنوانا عاديا طبيعيا، تقرأ مثله في كافة المنابر الإعلامية بشكل شبه يومي. لكن المختلف في هذا الخبر هو أن رواية "أنا إدريس" صدرت باللغة الهولندية، وكتبها شاب من أصول مغربية عاش في هولندا وترعرع في هولندا.. ويفكر بالهولندية أيضا. أي نوع من الإبداع يمكن أن نحصل عليه وسط كل هذا الخليط؟ يقول حسن بهارا أنه غادر المغرب وهو بعد ُ في الخامسة أو السادسة من عمره. لكنه تجرع حتى الثمالة تاريخ الرعيل الأول وتفاصيل حياته في الأراضي المنخفضة. ولأن حسن شاب، ولأنه مسكون بهوس الإبداع، فقد شرب كل تلك الذكريات جرعة جرعة وحولها إلى إنتاج أدبي راق كل من قرأ روايته.. سواء عندما صدرت على شكل أعمدة في جريدة هولندية أو عندما تم جمعها في كتاب. الحقيقة أن حسن لم يبدع لوحده، بل اشترك معه في العمل الكاتب عزيز أينان، الذي يشترك معه في أمور كثيرة أخرى مثله مثل باقي أبناء الجيل الثالث الذي ولد في هولندا أو سافر إليها مبكرا ليجد نفسه أمام وضع يصعب جدا أن تتماسك دون أن تفرز على شكل انفعالات إبداعية. بطل القصة إدريس تفارسيتي، حسب الرواية، كان عاملا في منجم في فرنسا، قبل أن ينتقل إلى أمستردام في هولندا ليبدأ حياة وصفها بأنها "جديدة تماما". تفاصيل اليومي.. المعاناة.. التجارب الأولى.. لذة الاكتشاف.. كل هذه المعاني تلمسها بقوة في رواية "أنا إدريس" التي قامت إذاعة هولندا العالمية بإدراجها على شكل حلقات مسموعة بصوت رخيم يجعلك تعيش الرواية وكأنك أنت نفسك إدريس، خصوصا وأنت تستمتع بذلك المزيج اللذيذ الذي تم صبه في قالب مغربي/هولندي يصعب أن تجد له مثيلا في أي إبداع آخر. هذا المزيج وهذا السؤال حول الأدب والهوية، كان هو موضوع الندوة التي نظمتها إذاعة هولندا في المعرض الدولي للكتاب يوم السبت الفارط، والتي استضافت الكاتب عبد اللطيف اللعبي الذي يبدع باللغة الفرنسية والذي ألح في مداخلاته على " أنه لاداعي لتحويل الإبداع إلى عقدة نفسية حول اللغة". الإبداع لا لغة محددة له.. ومن الخطأ أن نحشره في قالب جامد من هذا النوع وإلا حكمنا على المبدعين بالإعدام. هذا ما خلصت إليه الندوة التي استضافت أيضا الكاتب الهولندي/المغربي حسن بهارا وقدمت عرضا بالفيديو لكاتبين آخرين من جيل حسن بهارا وهما حسناء بوعزة وسعيد الحاج. الندوة خلصت أيضا إلى أن الإبداع الحقيقي يبقى موجها للإنسان بشكل عام، أيا كان جنسه أو لونه أو أصله. الدارالبيضاء: عبد الواحد استيتو – عدسة: محمد النكري صور من الندوة الصحفية التي نظمتها القسم العربي لإذاعة هولندا العالمية لتقديم كتاب "أنا إدريس" لحسن بهارا، على هامش الدورة ال17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء.