أضحت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة لتحفيز المغاربة، خاصة فئة الشباب، على العمل الإنساني، آخرُ تجليات هذا التحفيز "تحدّي ما نقص مال عبد صدقة"، الذي يحظى بانخراط لافت من طرف رواد موقع "فيسبوك". تقوم هذه المبادرة الإنسانية المنبثقة من العالم الافتراضي على دعوة صديق أو أصدقاء إلى الانخراط في "تحدي ما نقص مال من صدقة"، لمدة أربع وعشرين ساعة، يتبرّع بموجبه بقدْر من المال، يُحدّده هو، عن "الإعجابات" والتعليقات التي يتركها المعلقون على إعلانه الانخراط في التحدي. ويقوم المنخرط في "تحدي ما نقص مال من صدقة" بدعوة أصدقاء آخرين له للانخراط في التحدّي؛ وذلك بإدراج أسمائهم أسفل إعلان انخراطه الذي يبثّه على صفحته في موقع "فيسبوك"، وهكذا تنتشر المبادرة بين رواد الفضاء الأزرق بغية التبرّع بأكبر قدْر من المال. وحُدّد مبلغ التبرع في "تحدي ما نقص مال من صدقة"، المُقتبس شعاره من الحديث النبوي "ما نقص مال عبد من صدقة"، في درهم واحد عن كل إعجاب، ودرهمين عن كل تعليق، وغالبا من يحَصُر المشاركون في التحدي مدّة الانخراط في عملية التربع في أربع وعشرين ساعة. وتعليقا على هذه المبادرة الفيسبوكية، يستحسن الدكتور عبد الله عبد المومن، أستاذ الفقه وأصوله بجامعة ابن زهر، استبدال المبادرة، بإطار آخر مثل الدعوة للتبرع جهارا، وذلك لعدة اعتبارات. ويوضح الدكتور عبد المومن، أن " كل معاملة سواء كانت معاوضة أي بيعا وشراء وما إليه قصد التبادل والربح، أو تبرعا يعني بذل المال بغير عوض ومن أنواعه الهبة والصدقة والحبس أي الوقف.. فهي قائمة في الفقه الإسلامي على أصول وضوابط، لا يمكن الحكم بجوازها أو منعها إلا بناء على وجودها أو عدمها." "بالنسبة للمعاملة الفايسبوكية التي شاع فيها التحدي بناء على قصد الخير، بجمع عدد من الإعجابات مقابل مبلغ مالي يتبرع به على ذوي الاحتياجات، فإني أرى والله أعلم أن الشائع عن هذه المعاملة أنها تبرع، والتبرع بذل المال عن طيب نفس بغير عوض وغالب القصد فيه القربة وابتغاء الثواب من الله عز وجل، إلا ما اشترط فيه العوض كهبة الثواب"،يضيف أستاذ علم الفقه في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية. ويتابع الدكتور عبد المومن، مبرزا أنه "إن سلمنا بذلك سوف نجد تنافيا وتضادا مع ظاهر المعاملة وحقيقة التبرع: أولا: لأن المال المتبرع به من شرطه أن يعطى عن طيب نفس وهذا غير متحقق هُنا بالتحدّي والإلزام. ثانيا: الأصل في التبرع القبض،.. وهذا منتف تماما في هذه المعاملة أي ثبوت القبض والحيازة للمتبرع عليه. ثالثا: الأصل في كل معاملة من هذا الباب الإخفاء سيما والقصد منها القربة والطاعة، وكل ما خفي من الأعمال كان أسلم كما يقال، وأرى أن هذه المعاملة قائمة على التشهير وأغلب الردود عليها كما تتبعت تنعت المُعلن عنها باللاتهام وعدم التصديق. ويخلص الأستاذ الجامعي، أنه مع ومع انتفاء شرط الصحة واليقين، وتمام الرشد في التصرف، وانعدام ضوابط التبرع المقبول فالأولى استبدالها بغيرها من الدعوة جهارا إلى التبرع على فلان أو علان، أو مؤسسة أو جمعية دون شبهة ظهور وتشهير، ولا قصد تحدّ وإلزام... والله الموفق لما فيه الخير والصواب"