في قلب حي مسنانة الشعبي بمدينة طنجة، تمتد ساحة عمومية محاطة بالمباني السكنية، لكنها بعيدة كل البعد عن أن تكون فضاء للراحة أو الترفيه. فالفضاء الذي يفترض أن يشكل متنفسا لآلاف السكان، تحوّل إلى نقطة عشوائية تختزل اختلالات التوسع الحضري. أول ما يلاحظه المتجول في الساحة منذ الوهلة الأولى هشاشة أرضيتها، وتآكل بلاطها، وغياب أي تنسيق جمالي أو نباتي. لا أشجار وارفة، ولا أرصفة مريحة، فقط مساحات إسمنتية جافة وحفر متناثرة تُربك خطى المارة. في وسطها ملعب صغير مغطى بعشب اصطناعي وسياج معدني كثيف. وعلى مقربة منه، فضاء لألعاب الأطفال يتضمن تجهيزات مطاطية بسيطة، يستغلها بعض شباب الحي بعد حصولهم على تراخيص جماعية، ويتيحونها للأطفال مقابل مبلغ رمزي يتراوح بين 5 و10 دراهم. مبادرة فردية في غياب تصور واضح لإعادة الاعتبار للفضاء. الكراسي الثابتة على جنبات الساحة تآكلت بفعل الزمن والإهمال، وأصبحت في الغالب مهجورة أو مشغولة من طرف أشخاص بلا مأوى. ومع ذلك، فإن المكان لا يخلو من الحركة. عشرات السكان يقصدونه يوميا، خاصة الأطفال، والعائلات محدودة الدخل، وبعض الباعة الجائلين. وفي محيط الساحة، تتفرع أزقة ضيقة باتت سوقا شعبية مفتوحة. باعة الخضر والفواكه، الذين هجروا محلاتهم الرسمية في "سوق القرب" القريب، يعرضون سلعهم على الأرصفة وعلى طول الشارع المؤدي للساحة، مما يخلق اختناقا يوميا وحالة من التسيب. "الحملات التي تقوم بها السلطات لا تدوم طويلاً، وسرعان ما تعود الأمور إلى ما كانت عليه"، يقول أحد سكان الحي في دردشة سريعة مع طنجة 24. شُيّدت الساحة فوق أرض كانت في السابق فضاء مفتوحا داخل نسيج شبه قروي، قبل أن يشهد حي مسنانة خلال العقدين الأخيرين تحولات ديمغرافية سريعة، بفعل التوسع العمراني واستقرار أعداد متزايدة من الأسر القادمة من القرى المجاورة. هذا النمو السكاني المتسارع لم ترافقه بنية تحتية متكاملة، وظلّ التأهيل المجالي متأخراً عن الحاجيات اليومية. ورغم ضيق المساحة ورداءة التجهيزات، يواصل السكان التردد على الساحة يوميا. أطفال يلعبون، رجال يجلسون بصمت، ونساء يبحثن عن قليل من الهواء في نهاية يوم متعب. أما النظافة، فغائبة في معظم الأوقات، حيث تتراكم النفايات في الزوايا، وتنعدم دوريات الصيانة الدورية. ورغم بساطتها، تبقى ساحة مسنانة شاهدة على حاجة ملحة إلى مواكبة المشاريع المجالية بالصيانة والتتبع والتفاعل المستمر مع نبض السكان. فالمبادرات التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة أفرزت تحولات عمرانية ملحوظة، غير أن بعض الفضاءات العمومية لا تزال في حاجة إلى تفعيل أكثر لروح هذه المبادرات، حتى لا تتحوّل منجزات ميدانية إلى مجرد بنيات منسية.