دفئ الأخوة والانتماء إلى ذات المشروع الحزبي المعنون ب "الأصالة والمعاصرة" يذيب كل حديث ماض عن "تجميد" تقرر ذات نهاية شتنبر من العام الذي مضى بدوره في حق أحد أبناء المشروع الحزبي. وهو نفس الدفئ والهدوء اللذان خيما على أجواء اللقاء المنعقد على مقربة من جبل العلم بالجماعة القروية تازروت الواقعة في النفوذ الترابي للعرائش. حلت قيادات البام بالمنطقة بعد زوال يوم الأربعاء نهاية مارس الذي ودعناه قبل أن يطل علينا أبريل، وهي عازمة على طي صفحة في الأصل كانت أصلا مطوية ولكنها بالمقابل كانت في الحاجة إلى بعض "الكي" الإيجابي وفتح مجال الإنصات والحوار، حوار لا لوم فيه ولا عتاب، حوار بصيغة الإجماع على أنه مهما كان حجم الخلاف، فلا مناص من الإلحاح في البحث عن الحلول التي تحول الخلاف إلى تآلف. لقاء تازروت اتسم بتألق لغة مليئة بالإشارات المتميزة والتحفيزية لشخص رئيس مجلس الجماعة السيد أحمد الوهابي، أحد الوجوه المنتخبة الشابة التي لم تخلق الحدث فقط منذ لحظة تحملها مسؤولية تدبير شؤون تازروت، ولكنها كانت حاضرة بتميز في كل المحطات التي احتاجت فيها الجماعة سواعد ومدد أبناءها البررة. حضر الأمين الجهوي للحزب بجهة طنجةتطوانالحسيمة عبد اللطيف الغلبزوري، وإلى جانبه القيادي المخضرم والمستشار البرلماني العربي المحرشي، مرفوقين بقيادات إقليمية ومحلية ومنتخبين بعدد من الجماعات على امتداد إقليمالعرائش. حضر هؤلاء جميعا لحظة لم تكن قط للحديث في الشأن الانتخابي، ولكنها كانت من أجل تكريم الوهابي والتعبير عن فخر كل مكونات البام به وبما قدمه طيلة السنوات الماضية في خدمة الساكنة. تكريم الوهابي وعبره تكريم لكل رؤساء الجماعات الترابية التي يدبرها البام أمورها بإقليمالعرائش. قال الغلبزوري: "تواصلنا مع الوهابي لم ينقطع، وهذا الأخير بمثابة عمود فقري للحزب في إقليمالعرائش والجهة بشكل عام .. نعلن اليوم بداية انطلاقة جديدة في تدبير الحزب على المستوى المحلي". ودعم المحرشي نفس الكلام قائلا: "علاقتنا قوية وأكبر من أي شيء آخر قد يعكر الصفو ويزحزح الصف .. الوهابي عضو مؤسس وأساسي في صفوف حزب الأصالة والمعاصرة، ولن نسمح لأحد بالتطاول عليه". وفي مقام بعد ذلك ليس بعيد، صوب الجمع وجوههم قبل الوهابي، قال هذا الأخير: "ارتباطنا قائم ومستمر، وتازروت تعود من الآن فصاعدا إلى مستقرها الطبيعي .. تلك الصفحة الماضية اعتراها النسيان، ونحن نبني البناء عازمين على التجديد حتى نواصل استكمال المساهمة في خدمة الوطن والمواطنين". جرت العادة بالقول إنه لكل مقام مقال، ولكن الذي قيل في مقام جبل العلم يجمع بين حسن القول وجمال المقام، ذاك التمازج بين سحر الطبيعة وامتداد الأوراد القائمة في المكان لا تنقطع وصداها لا يتوقف لتضفي بذلك جمالا تجلى في تلك الإيجابية التي طبعت هذا اللقاء التواصلي حتى وإن كان مضمون الحديث سياسيا صرفا. لقاء تازروت محطة مفصلية ووازنة التأم فيها حزب الأصالة والمعاصرة بإقليمالعرائش، والتفت القيادات بالقواعد واجتمع الإطار التنظيمي بالإطار الذي يدير الشأن الجماعي، ليؤكد كل هؤلاء لذواتهم مرة أخرى على أنهم مقتنعون أيما اقتناع بالمشروع الحزبي الذين يناضلون من داخل إطاره أي "الأصالة والمعاصرة"، وليثبتوا لمن كانوا ينتظرون أو بالأحرى يتوقعون لحظة الانكسار وإحجام أهل الدار عن العودة إلى الديار، ليثبتوا لهم أن الأمر لم يكن يتعلق برؤية صادقة وإنما ب "كابوس" ناجم عن "غفوة" لم تدم من الوقت الشيء الكثير. لقاء تازروت في قمة جبل العلم، قمة "مصغرة" جمعت المخضرمين والسابقين والملتحقين، وكلهم إرادة قوية على أن يكمل حزب الأصالة والمعاصرة ما بدأه هنا منذ سنوات، وأن هذا الأخير قادر على تجاوز كل الإكراهات وحتى "المطبات" التي يحاول بعض الخصوم في- محاولات تبوء غالبا بالفشل- زرعها في مسالك الجرار، ولكن "التراكتور" أقر أن يواصل رحلة الحرث بكل ثقة ومسؤولية وبمشاركة كل مكوناته التي أكدت في وقت سابق وتؤكد الآن على أن "الخلاف العابر" بات مركونا في خانة المنسيات، وأن الأهم هو التجاوب مع انتظارات المواطن. حزب الأصالة والمعاصرة يقرر إذن انطلاقة جديدة ومختلفة من تازروت، وفي ذلك إعلان بأحرف مرقونة بثقة وعناية على استجماع كل قواه بإقليمالعرائش، وهذا لدليل على أن القادم من الأيام سيرفع خلاله الجرار من إيقاع سرعته حتى يضبط قواعد التحرك وسط الملعب لصالحه ويحقق المعادلة المنتظرة أو ما يزيد عن ذلك خلال الاستحقاقات المقبلة، كيف لا وهو يتملك كل الأدوات والآليات سواء تعلق الأمر بالشأن التنظيمي أو بناء على النتائج التي حققها في تدبير شؤون الجماعات الترابية -جماعة تازروت نموذجا-.