لم تكن بلدية العرائش تعلم،بأن ترميمها لحديقة الأسود، المعروفة أيضا بفضاء "هسبردس"، وكذا تزويدها بخدمة الويفي المجاني، ووضع أسدين رخامين في مدخلها الرئيسي الجديد، ستثير حنين وشجون، شريحة واسعة من الساكنة المحلية،وتدفعهم لكتابة عريضة إستعجالية، للمطالبة بإسترجاع أسدَيْن رُخاميين آخرين إختفيا في ظروف غامضة. وحسب المهتم بتاريخ مدينة العرائش محمد شكيب فليلاح، فإن تماثيل الأسود الرخامية، والتي كان عددها أربعة تماثيل على الأرجح، تم نحتها في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدا سنة 1892 بمدينة " دريسدن " شرق ألمانيا. وأضاف فليلاح بأن الأسود الرخامية تم إحضارها لمدينة العرائش، عبر القطار الرابط بين ألمانيا و إسبانيا، ثم نقلوا بعد ذلك بالباخرة إلى ميناء العرائش العسكري، بطلب من ممثل الدولة الألمانية المقيم بالعرائش الماريشال " ريشاوشن ". وعن السبب في نحتها، ذكر فليلاح أن الهدف من ذلك، هو أن يتم وضعها في وسط المدينة، لإستقبال قيصر ألمانيا " فيلهلم الثاني " الذي قام بزيارة منطقة شمال المغرب في 31 مارس 1905. وأضاف فليلاح بأن التماثيل نُحثت في ألمانيا من مادة الرخام التي تم استيرادها من منطقة " بوهيما " في " تشيكوسلوفاكيا " سابقا. ويجب الإشارة هنا إلى إن إثنين من أصل أربعة أسود،موجودة بالفعل بمدخل حديقة "الهسبريديس", والثالث اختفى من مكان انتصابه فوق بوابة معمل الأسلحة الكيماوية التابع للجيش الألماني آنذاك، المعروف سابقا بدار الدباغ ،والموجود حاليا بمنطقة " عقبة داليمان " وسط مدينة العرائش، حيث كانت تتواجد ألوية تابعة للجيش الألماني . ويقول مهتمون بالتاريخ، إن التمثال الرابع،تتضارب الآراء غير مؤكدة،عن المكان الحقيقي لتواجده.وتقول شهادات متضاربة أن شخصية مُهمّة، أخذه لفيلته الفاخرة بالرباط،بعد أن قام بزيارة للعرائش، وأبهره جمال الأسد الرخامي الأبيض ودقّة نحته . تماثيل الأسود الرخامية البيضاء،أثارت أيضا حفيظة العشرات من النشطاء المدنيين،الذين أطلقوا عريضة إلكترونية على موقع " آفاز" الدولي،طالبوا من خلالها، رئيس المجلس البلدي وعامل إقليمالعرائش، التدخل لإسترجاع تمثال الأسد الرخامي، الذي نُقل بطريقة سرية من دار الدباغ ب"عقْبة داليمان" إلى مدينة فاس حسب روايات مهتمين بالتاريخ مدينة.ودعا ذات النشطاء إلى ملاحقة وتقفّي أثر باقي الأسود المختفية.معتبرين إياها إرثا حضاريا للعرائش، وتدخل في إطار الهندسة المعمارية التي شكلت لعقود طويلة، جزءً من الذاكرة المشتركة. الجريدة الإلكترونية طنجة24، نقلت إنشغالات وقلق الفاعلين الثقافيين،وكذا العريضة الإلكترونية التي يتم تداولها، لعبد المؤمن الصبيحي، النائب الثالث لرئيس المجلس البلدي،حيث كشف بأنهم كجهة مشرفة على الحديقة، ينوون الإجتماع قريبا لتدارس هذا الأمر. وذكر الصبيحي أنهم سيتجاوبون مع مطالب المجتمع المدني،بعد دراسة جميع المساطر الإدراية التي سيعتمدها المجلس، لإسترداد الأسود الرخامية التي إختفت في ظروف غامضة.وأضاف الصبيحي بأن المرحلة الأولى ستركز على البحث عن المكان الذي تتواجد فيه الأسود الرخامية، ومعرفة الجهة التي قامت بترحليها، ثم بعد ذلك "سنلجأ للمساطر الإدارية المعمول بها من أجل إسترجاع الأسود المسروقة" . وأكّد النائب الثالث لرئيس المجلس البلدي، بأنهم كمجلس سيتعاملون بجدية مع مطالب المجتمع المدني.وزاد بأنهم يسعون لتكريس القيمة التاريخية لحديقة الأسود، وذلك من خلال إعادة تهيئتها وجعلها محجا للناس مجددا. وذكر الصبيحي بأن تزويد حديقة الأسود بخدمة الإنترنيت بالويفي المجاني، ذو صبيب عالي لتسهيل الابحار، يدخل في هذا الإطار.كاشفا بأن تقديم خدمة الإنترنيت لشباب المدينة،هو مشروع نموذجي سيتم على إثره تعميم هذه الخدمة على عموم الساحات والحدائق العمومية، وذكر على سبيل المثال ساحة دار المخزن،و"بالكون أطلانتيكو" وحديقة إبن خلدون،والمنتزه الغابوي "الأوسطال"، وفضاء غابة "لايبيكا"، وساحة التحرير بوسط المدينة . وعن تعليقات بعض النشطاء حول أهمية تخصيص حُرّاس لمواكبة مسألة الحراسة والصيانة لحديقة الأسود ،ذكر الصبيحي أن المجلس البلدي، بصدد دراسة الشكل المناسب الذي سيتم من خلاله تفويت الحدائق، "سواء بجعلها من صلاحيات عُمال وأعوان البلدية، أو ربما لشركة خاصة، يكون دور عناصرها العناية والحراسة بجميع الحدائق العمومية المتواجدة بالمدينة" طبقا لتصريحاته.