كان العمدة السابق يسعى لجعل طنجة تحت المجهر، بعدما أطلق صفقة لنصب كاميرات المراقبة بمختلف شوارعها وساحاتها، ربما كان يرغب في الانفراد برصد كل ما يجري فوق تراب نفوذه العقاري، بأمر أو بتفويض منه. ومن أجل ذلك طلب قرضا من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل هذا المشروع، لكن هذا الأخير رفض تلبية طلب المجلس باعتبار أن الصندوق يساهم بالأساس في تمويل البرامج القطاعية، ولم يحاول الرئيس السابق النبش كثيرا في أسباب الرفض، حين أحس بأن الوالي كان بدوره يسعى إلى تبني هذا المشروع ضمن أوراش طنجة الكبرى، الأمر الذي جعل العمدة السابق يطفئ كاميراته وينسحب تحت إكراه صناديق الاقتراع. فيما تعثرت صفقة مكتب الدراسات، ومعها توقف الحديث عن مشروع الكاميرات، إلى أن جاء العمدة الجديد، الذي لا يحب كثيرا الكاميرات، إلا أن نائبه لا يرى مانعا في اعتماد الصوت والصورة في تدبير الشأن المحلي، وإن كان مشروع الكاميرات، بعيدا عن مفهوم كاميرات المجالس المنتخبة، يبقى أمنيا بالدرجة الأولى ويحتاج فقط إلى التنسيق بين الولاية وإدارة الأمن والجماعة لتحديد رؤية موحدة نحو تفعيل هذا المشروع وفق أهدافه المشتركة. ولعل كاميرات المجلس الجديد لم تلتقط بعد ما يجري بالمدينة، حين لم توجه عدساتها نحو المرافق الجماعية، وفق مخططها الجديد للإصلاح، وظلت ترصد فقط علاقة العمدة بنائبه الأول على لسان أعضاء المكتب المسير قبل غيرهم من أعضاء المجلس، عوض أن يتواصل هذا الأخير (المكتب المسير) مع الرأي العام ولو بمفهوم الكاميرا "شاعلة". وبالمقابل صارت مجالس المقاطعات تغرد خارج سرب المجلس الأم، وسط تنافس حاد بين رؤسائها (المقاطعات) على تصويب كاميراتهم نحو مكاتب التصديق على الإمضاءات، لدرجة أن كل شيء بالمدينة أضحى نسخة طبق الأصل (في غياب هويتها الأصلية)، من كثرة الإعلانات عن افتتاح مكاتب جديدة للتصديق على الإمضاءات بجميع المقاطعات، وهو أول إنجاز ترصده كاميرات المجالس الجديدة.. فيما كاميرات الوالي ظلت ترصد اتفاقية الشراكة الموقعة بين الولاية ومجلس العمالة حول حسابات مشاريع طنجة الكبرى، وأيضا توصية السلطة الوصية بمصادقة مجلس الجهة على إحداث شركة الشمال للتهيئة والتنمية والمساهمة في رأسمالها. وكل طرف صار يحرك كاميراته حسب أجندته، في الوقت الذي يفرض على سكان المدينة أن يحافظوا على كاميراتهم "شاعلة" من أجل طنجة..