الرئيس الصيني يقوم بزيارة قصيرة الى المغرب    طنجة..12 سنة سجنا نافذا في حق المتورطين في الإعتداء على فتاة الكورنيش    يوم دراسي حول تدبير مياه السقي وأفاق تطوير الإنتاج الحيواني    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        MP INDUSTRY تدشن مصنعا بطنجة    بينهم من ينشطون بتطوان والفنيدق.. تفكيك خلية إرهابية بالساحل في عملية أمنية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    جمهورية بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية الصحراوية' الوهمية        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    حكيمي في باريس سان جيرمان حتى 2029    أمريكا تجدد الدعم للحكم الذاتي بالصحراء    تعيينات جديدة في المناصب الأمنية بعدد من المدن المغربية منها سلا وسيدي يحيى الغرب    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرورة فرض الجباية على الرأسمال في المغرب / الحقلة الثانية
نشر في طنجة 24 يوم 29 - 11 - 2015

يأتي هدا الموضوع في سياق النقاش الدائر حول فرض الضريبة على الثروة خصوصا بعد نهاية تجربة ثلاثة سنوات للضريبة التضامنية بموجب مشروع قانون المالية 2016
حميد النهري *: تجد الضريبة العامة على الرأسمال[1] التي تهم جميع ممتلكات (ثروة) الشخص، تطبيقها في أغلب الدول المتقدمة، وحسب مختلف الأشكال في حين لازالت دول العالم الثالث في غالبيتها تفتقر لهذا النوع من الضريبة. ويستند معارضو هذه الضريبة بصفة عامة إلى عدة تبريرات سواء اقتصادية، مالية، إدارية أو سوسيوسياسية، لإبراز صعوبة تطبيقها خصوصا بالنسبة للدول النامية.
- فهذه الضريبة في نظرهم، تهم الرأسمال مباشرة لذلك ستعرقل مبادرة أصحاب الرأسمال في الادخار والاستثمار، وتؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.
- ثم إن قلة الرأسمال في الدول النامية تجعل إيرادات هذه الضريبة ضعيفة جدا.
- كما أن عدم توفر إدارات هذه الدول على الكفاءات والوسائل المادية والبشرية، سيؤدي إلى تطبيق سلبي لهذه الضريبة.
- وأخيرا، فإن الضريبة تمس الملكية، وبذلك ستهدد لا محالة الاستقرار الاجتماعي.
وبالنسبة للمغرب، فقد شكل موضوع تطبيق الضريبة على الرأسمال، مطلبا أساسيا من طرف أغلب الباحثين الذين ناقشوا النظام الجبائي المغربي، لكن الاختيارات الاقتصادية المتبعة والعراقيل السوسيوسياسية حالت دون هذا التطبيق. وحاليا، فإن أي إصلاح للنظام الجبائي الحالي يقتضي جباية الرأسمال، لجعله يساهم في تحقيق التنمية المنشودة.
الأهمية التي تكتسيها الضريبة على الرأسمال
تبرز الأهمية الكبرى التي تكتسيها الضريبة العامة على الرأسمال، من خلال تأثيرها سواء على صعيد الفعالية، المردودية، أو العدالة.
- توجيه رؤوس الأموال نحو الأنشطة المنتجة:
إذا كان أغلب معارضي الضريبة على الرأسمال ينتقدون تأثيرها السلبي على النشاط الاقتصادي من خلال عرقلتها لمبادرة الاستثمار والادخار. فإن العديد من مناصري هذه الضريبة وعلى رأسهم الأستاذ Allais[2] استطاعوا تفنيد هذه الانتقادات، وإبراز الأهمية الكبيرة التي تكتسيها الضريبة على الرأسمال من الناحية الاقتصادية.
فهذه الضريبة - في نظرهم - توجه رؤوس الأموال نحو الأنشطة الأكثر فعالية ومردودية لأنها تفرض بغض النظر عن الدخل الناجم عن هذه الأنشطة[3]، الشيء الذي يضطر معه المكلف صاحب الرأسمال، إما إلى استخدامه بصورة أفضل، أو التنازل عليه للغير ( ادخارات مصرفية...). وبذلك تقل الأنشطة الغير منتجة ويزداد البحث عن مجالات اقتصادية فعالة، وجديدة، تساهم في تحسين استغلال الرساميل الموجودة. إذن، تأثير هذه الضريبة سيكون مهما بالنسبة للمغرب، خصوصا وأن رؤوس الأموال تتميز بالانتظارية والجمود وإن اشتغلت تتوجه غالبا نحو الأنشطة الغير منتجة.
- اللامساواة في توزيع الرساميل بين الأسر تشكل مجالا خصبا للضريبة:
رغم أن الضريبة على الراسمال، لا تشكل سوى نسبة ضعيفة في بنية مداخيل النظم الضريبية التي تطبقها، إلا أنها استطاعت المساهمة في التقليل من تمركز الدخول بهذه الدول.وبالنسبة للمغرب، فإن تفاقم ظاهرة تمركز الثروات عبر السنين بأيدي فئات قليلة من الأسر يمكن أن يشكل مجالا خصبا للضريبة على الرأسمال. فمن الناحية التقنية ستعمل هذه الظاهرة على تبسيط تطبيق الضريبة[4]، ومن ناحية المردودية ستشكل حتما مداخيل إضافية مهمة لخزينة الدولة هي في اشد الحاجة إليها.كما أن الضريبة على الرأسمال تساهم في التخفيف من حدة التملص الضريبي، لأنها تفترض أن يقدم المكلف بها تصريحا بثروته يصلح استخدامه لمراجعة وتدقيق تصريحه الخاص بالضرائب الأخرى، الشيء الذي سيزيد في مردودية هذه الأخيرة.
- مساهمة الضريبة على الرأسمال في تقليص التفاوت المهول على صعيد ثرواث الأسر:
لم يعد أدنى شك اليوم أن السياسة التي انتهجتها السلطات خلال العقود الأخيرة، أدت إلى تمركز قوي للثروة بأيدي فئة قليلة من المواطنين، وتبرز بوضوح مساهمة السياسة الجبائية في هذه النتيجة. لذلك فإذا كان مبدأ العدالة الأفقية يقتضي معاملة المكلفين حسب مقدراتهم التكليفية اعتمادا على دخولهم وأيضا على ممتلكاتهم باختلاف أشكالها، فإن خضوع الرأسمال للضريبة شأنه، شأن الدخول يعد مسألة حتمية ستساهم في تحقيق نوع من العدالة والعقلنة للنظام الجبائي. فالملكية مقارنة مع الدخول توفر لصاحبها، امتيازات أكثر تتمثل في: الاستقلالية، الأمان، وكذا إمكانية الاستفادة من عدة حاجيات أو بمعنى آخر صرف الأموال بحرية.[5]من هنا، فإن الاقتصار حاليا على ضريبة الدخول لم يعد كافيا حتى وإن كانت أسعار هذه الضريبة مرتفعة على نتاج الرأسمال ، وذلك لسببين:
- فالضرائب على الدخول عكس الضرائب على الرأسمال لا تميز بين من يملك ومن لا يملك .
- والسبب الثاني هو أن بعض أشكال الرأسمال لا ينجم عنها أي دخل، مع أنها تمكن صاحبها من الاستفادة من امتيازات مهمة، لكن طبيعتها تجعلها خارج نطاق ضريبة الدخل، الشيء الذي يؤدي إلى إثقال الرأسمال المنتج بالضرائب.
كما تجدر الإشارة إلى أن مبدأ " الرأسمال البشري"[6] ( Capital humain) والذي يعد عنصرا أساسيا في أية استراتيجية حقيقية للإصلاح، يقضي بضرورة فرض الضريبة على الرأسمال. لأن ذلك سيؤدي حتما إلى التخفيف من العبء الجبائي الكبير الذي يقع على " دخول العمل"، وفي هذا الإطار يتساءل الأستاذ Gros claude،[7] كيف يمكن التردد في جباية "الرأسمال المادي"؟ (Capital matériel)، خصوصا وأن " الرأسمال البشري " يتعرض منذ مدة طويلة لجباية قوية.
إذن يمكن اعتبار هذه التبريرات، التي استعرضناها، كافية لابراز أهمية اعتماد ضريبة على الرأسمال في المغرب. ولكي يكون تحليلنا أكثر عمليا، سنحاول تحديد تصور تقريبي وعملي لكيفية تطبيق الضريبة على الرأسمال في النظام الجبائي المغربي.
2. 3 .2 - كيفية تطبيق الضريبة على الرأسمال في المغرب
إن تطبيق الضريبة على الرأسمال في المغرب، سيعتمد على نوعين من الضرائب. الأولى هي، الضريبة على الثروات الكبرى، وتهم ملكية الرأسمال، والثانية هي الضريبة على التركات والتي تفرض عند انتقال هذه الملكية في حالة الوفاة. ويمكن اعتبار الضريبتين متكاملتين وتشكلان مظهرا من مظاهر التوجه الاجتماعي للنظام الجبائي.[8] وقد أكد أحد المختصين ذلك بقوله " إذا اعتبرنا أنه ضروريا تشجيع الغنى في المستقبل وتفادي انتقال اللا مساواة على صعيد الملكية، فإن ذلك سيبرر أكثر جباية الرأسمال - مثلا - عن طريق الضريبة على الثروة وأخرى على التركات".[9]
وسنحاول إبراز بعض الخطوط العريضة لكيفية تطبيق هاتين الضريبتين.
◄ الضريبة على الثروات الكبرى:
يتضح الهدف الاجتماعي لهذه الضريبة من خلال تسميتها[10]، بحيث لن تهم سوى الثروات الكبرى. وقد عرف التشريع الفرنسي هذا النوع من الضريبة سنة 1982[11]، وتم تقديمها آنذاك بأنها "عادلة من الناحية الاجتماعية، منطقية اقتصاديا، وبسيطة من الناحية التقنية".[12]وكأي ضريبة جديدة تحتاج هذه الضريبة إلى الإجابة على ثلاث أسئلة: الوعاء الذي ستعتمده والمستوى الذي تبدأ منه، ثم معدلات أسعارها، وهذا ما سنحاول تحديده.
- وعاء الضريبة على الثروات الكبرى:
يرى العديد من المختصين في مجال الجباية، أن الضريبة على الثروة يجب أن تتميز بالشمولية، بحيث لا يخرج عن وعاءها أي عنصر من عناصر الثروة. لذلك، فعادة ما يشمل وعاء هذه الضريبة، الثروة في مجموعها وحسب مختلف أوجهها، سواء قيم غير منقولة ( عقارات مبنية وغير مبنية، حضرية أو قروية...) أو قيم منقولة ( أسهم، أرصدة بنكية...)، وبعض المواد المختلفة التي تعتبر ثراء ( ذهب، تحف فنية، مراكب ترفيهية، سيارات فاخرة...).
وبالنسبة للمغرب، فإن عملية تحديد وعاء هذه الضريبة تتطلب نوعا من الواقعية والحذر، فالاهتمام يجب أن يقتصر فقط على العناصر الأكثر أهمية، والتي لن تتلقى اعتراضات كبيرة. فبعض المواد ولاعتبارات ترتبط بالعادات والتقاليد، تدخل في إطار الخصوصيات التي لا يمكن المساس بها أو التدخل فيها، بل أن جبايتها ستفشل المشروع بأكمله.[13] وعلى هذا الأساس، فإن وعاء الضريبة على الثروات الكبرى في المغرب يمكن أن يشمل:
- الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية ( أراضي فلاحية، عمارات، أراضي عقارية، فيلات...).
- بعض الأصول الغير الثابثة ( أسهم، أرصدة مصرفية، قروض رهنية...).
- ثم بعض العناصر الأخرى التي تعتبر من مظاهر الثروة ( سيارات فاخرة، مراكب ترفيهية...).
وتحتسب الضريبة بناء على القيمة التجارية (La valeur vénale) لعناصر الثروة وذلك بعد خصم كافة الديون المستحقة أي أن " الثروة الصافية" « La fortune nette » هي الخاضعة للضريبة.
- مستوى الثراء الذي تبدأ منه الضريبة:
يتميز فرض الضريبة على الثروات في أغلب الدول المتقدمة، بانخفاض مستوى الحد الأدنى الذي تبدأ منه الضريبة. وفي المغرب فإن تحديد هذا المستوى، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عنصرا أساسيا، هو عدم جباية الممتلكات الصغرى والمتوسطة. فلكي تكون الضريبة مقبولة لابد أن تركز فقط على الثروات الكبرى، وبناء على بعض المعطيات حول توزيع الثروات ، فإن الأستاذ Akesbi، يرى أن مبلغ ( مليونين درهم) كحد أدنى للضريبة يعد أكثر ملاءمة.[14]
ويمكن اعتبار هذا الحد مرتفعا مقارنة مع تجارب بعض الأنظمة الجبائية الأخرى لكن في الحقيقة تطبيقه، سيجعل من الضريبة تتفادى أصحاب الثروات المتوسطة والذين ترجع أسباب ثروتهم إلى ممتلكات عقارية، تم التضحية بقيمة مهمة من دخولهم لسنوات عديدة من أجل تحقيقها.
- أسعار الضريبة على الثروات العليا:
نظرا لتمركز ملكية الثروات في المغرب، فإن اعتماد تقنية معدلات ضريبية تصاعدية، يعد ملائما حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار هذا التفاوت. لكن غياب الإحصاءات الدقيقة حول توزيع هذه الثروات يجعل عملية تحديد معدلات الضريبة مسألة تقريبية إن لم نقل صعبة.
وقد قام الأستاذ Akesbi [15]بهذه المهمة في بداية التسعينات، حيث عمل على تحديد معدلات تصاعدية للضريبة على الثروات العليا، نرى أنها لازالت مطابقة للوضعية الاقتصادية الراهنة.
أسعار الضريبة على الثروات الكبرى
مستوى قيمة الثروة الخاضعة للضريبة
السعر
من 2 مليون درهم إلى 5 ملايين درهم
0.5%
من 5 ملايين درهم إلى 10 ملايين درهم
1.0%
من 10 ملايين درهم فأكثر
2.0%
وركز الباحث على عدم تجاوز نسبة 2% كسعر أعلى، لأن هدف هذه الضريبة هو تشجيع أصحاب الثروات الكبرى على تطوير إنتاجية رأسمالهم للمساهمة في التنمية المنشودة، وأي تجاوز لهذا المعدل سيجعلهم يحسون بأنهم يعملون أكثر لصالح خزينة الدولة[16]. وتجدر الإشارة إلى أن أغلب الدول المتقدمة تعتمد معدلات ضعيفة في جبايتها للثروات.[17] فمعدلات ضريبة التضامن على الثروة (L'impôt de solidarité sur la fortune) الفرنسية مثلا، لا تتجاوز نسبة 1.8% كسعر أعلى ( يفرض على الثروات التي تتجاوز قيمتها 15 810 000 اورو)، وتمت إضافته بموجب القانون المالي لسنة 1999،[18] بعدما كان أعلى سعر لا يتجاوز 1.5% .
فبدافع العدالة أكثر، تمت الزيادة في معدلات الضريبة بنسبة 10% كما تم إضافة مستوى جديد يخضع لنسبة 1.8%، وقد خص هذا الإجراء أنداك حوالي 800 شخص من مالكي الثروات الكبرى ومكن الخزينة من ربح حوالي 200 مليون فرنك زائدة .
اسعار الضريبة على الثروة لسنة 2007
قيمة الثروة بالاورو
نسبة الضريبة بالمائة
760 000--------------------------00
00
1220 000----------------------760 000
0.55
2 420 000----------------1220 000
0.75
3 800 000-------------------- 2 420 000
1.0
7 200 000---------------------- 3 800 000
1.30
8 100 000------------------------7 270 000
1.65
15 810 000 فما. فوق
1.8
وبصفة عامة، فرغم صعوبة تقييم الانعكاسات المرتقبة لتطبيق الضريبة على الثروات الكبرى، بسبب غياب المعطيات الإحصائية حول عدد أصحاب هذه الثروات ( المكلفين ). فالمؤكد هو أن هذه الضريبة ستساهم في عقلنة النظام الجبائي المغربي.
◄ الضريبة على التركات:
إن تطبيق الضريبة على التركات، في بلد إسلامي غالبا ما يتعرض للانتقاد من طرف الملاكين الكبار، بدعوى تعارض هذه الضريبة مع تعاليم الدين الإسلامي. وهذا التبرير الأخير هو الذي كان وراء إقبار محاولة تطبيق هذا النوع من الضريبة في المغرب[19] سنة 1968، حيث استطاعت آنذاك بعض الطبقات التأثير على العلماء الدينيين، ودفعهم إلى تبني فكرة معارضة هذه الضريبة مع الإسلام. ودون الدخول في هذا النقاش الذي عرفته مختلف الدول الإسلامية[20]، تجدر الإشارة إلى نقطتين أساسيتين:
- فهذه الدول تعمل على تطبيق ضرائب يمكن اعتبارها أكثر مخالفة للإسلام من الضريبة على التركات، كتلك التي تفرض على المشروبات الكحولية، المراهنات، والأرباح المالية...
- ثم أن الدول الإسلامية سابقا حتى في عهد الخلفاء، طبقت ضرائب غير معروفة في الشريعة الإسلامية لمواجهة بعض الأعباء.[21]
وحاليا، فإن العديد من الدول الإسلامية استطاعت تجاوز هذا النقاش وعملت على تطبيق الضريبة على التركات مند مدة ( مصر، الجزائر، سوريا...).[22]وبالنسبة للمغرب، فإن أي إصلاح وعقلنة للنظام الجبائي الحالي يقتضي تطبيق هذا النوع من الضريبة، وسنحاول هنا تحديد بعض الخطوط العريضة لكيفية تطبيقها.
- وعاء الضريبة على التركات:
تقتضي عملية تحديد وعاء الضريبة على التركات في المغرب الأخذ بعين الاعتبار عوامل الفعالية، العدالة، والتبسيط، حتى تكون مقبولة. ومن خلال تجارب أغلب الأنظمة الجبائية التي تفرض هذه الضريبة يلاحظ وجود نظامين شائعين في تطبيقها.[23]
- الأول يتميز بسريان الضريبة على التركة، قبل توزيعها وانتقالها إلى الورثة، وهو مطبق في ( الولايات المتحدة الأمريكية، إنجلترا، ...).
- والنظام الثاني يقضي بأن تفرض الضريبة حسب كل حصة من حصص الانتقال، أي بعد توزيع التركة، وهو مطبق في ( فرنسا، ألمانيا...).
ومن الناحية الاجتماعية يعتبر النظام الأول متعارضا مع مبادئ العدالة، بحيث أن الضريبة تفرض دون تمييز بين المكلفين، الشيء الذي يجعل المكلف الميسور والذي سيزيده الإرث غنى أكثر، يتحمل نفس العبء الضريبي الذي يتحمله الوارث المتوسط الحال. لذلك فاعتماد نظام جباية حصة كل وارث على حدى[24]، يعد أكثر ملاءمة لتطبيق الضريبة على التركات بالنسبة للنظام الجبائي المغربي.
وهكذا سيتألف وعاء هذه الضريبة من مجموع العناصر المكونة للتركة ( سواء عقارات، أموال منقولة، أو غيرها...)، وذلك بعد خصم كافة الديون المستحقة عليها. وتقرر إعفاءات شخصية لصالح، بعض عناصر الثروة (مثلا محل سكنى المتوفى)، إذ لا يعقل تخلي زوج أو زوجة عن محل الإقامة بسبب تطبيق الضريبة. لكن يجب تحديد سقف أقصى لا يمكن تجاوزه، كما هو معمول به في بعض التشريعات.[25]
وتقتضي أيضا الطبيعة الاقتصادية لبعض عناصر التركة ( شركة، معمل، مقاولة تجارية أو فلاحية...)، تعاملا ضريبيا مميزا، بهدف مساهمة الضريبة في استمرارية هذه الأنشطة وتفادي كل تأثير سلبي يمكن أن يوقف عملها. فالضريبة على التركات هنا، ستشكل أداة تدخلية بيد الدولة لتوجيه استغلال أفضل لهذه الأنشطة، حتى لا تتأثر بفعل عملية التوريث،[26] كأن يمنح المشرع مثلا حوافز جبائية لصالح ( أحد الورثة أو لشكل معين، لاتفاق بين الورثة...) من أجل المحافظة على وحدة هذه الأنشطة الاقتصادية وعدم تعرضها للتفتيت.
- تصاعدية أسعار الضريبة على التركات:
يقتضي مبدأ العدالة الضريبية الأخذ بعين الاعتبار وضعية المكلف الوارث، خصوصا المادية منها، لذلك فجدول أسعار الضريبة يجب أن يكون أكثر تصاعدية بشكل يؤدي إلى تحمل العبء الجبائي أكثر من طرف الثروات الكبرى.[27]وهكذا نجد أن العديد من التشريعات تعتمد أسعار ضريبية تبدأ من نسبة 5% كمستوى أدنى، لتصل إلى 40% أو 50% كمستوى أعلى. ونفس الملاحظة يمكن تسجيلها من خلال دراسة تجارب بعض الدول الإسلامية التي تطبق هذا النوع من الضريبة .[28]وبالنسبة للمغرب، فقد خلصت أغلب البحوث التي ناقشت كيفية تطبيق الضريبة على التركات، إلى عدم تجاوز نسبة 20% نظرا لوضعية هذه الضريبة، وما ستحدثه من نقاشات وردات فعل معارضة.
يتبع..
* رئيس شعبة القانون العام


[1] ) تقسم الضرائب على الرأسمال إلى قسمين: عامة وتشمل جميع ممتلكات الشخص ونوعية تهم بعض عناصر الثروة المذكورة كأن تفرض على العقارات أو على السيارات وهكذا... ويعرف النظام الجبائي المغربي بعض أشكال هذا النوع الأخير. (أنظر صباح نعوش، الضرائب المباشرة في المغرب - الجزء الثاني، " الإصلاح" م.م.س ص. 138)
[2]) ALLAIS.M. « L'impôt sur le capital » Paris 1981, pp. 109-115.
- BOBE.B et P.LLAU: « Fiscalité et choix économiques » ed, calman lévy, 1978, p.68.
- URI.P « Changer l'impôt pour changer la France » éd, Ramsay, Paris, 1981, pp. 94 et s.
[3]) BOBE.B et LLAU.P « Fiscalité et choix... » Idem p. 69.
[4]) Serghini, Thèse, Op. Cit, p. 533.
[5]) Débat entre pascal salin et Pierre Uri, Problèmes économiques n° 179 juillet 1979 p: 11.
- J. Gros claude, « L'impôt sur la fortune » éd Berger-levrault, 1976, pp. 27-58.
[6]) Mehl et Beltrame « science et techniques fiscales » PUF, coll. Thémis 1984, p. 42.
[7]) Gros claude « L'impôt sur la fortune » 1976, Op. Cit, p. 36.
[8] ) شكلت أهم مقترح ذو طابع اجتماعي في البرنامج الانتخابي ( للرئيس الفرنسي الراحل F. Mitterand ) سنة 1981، حيث نص المقترح 34 على "ضريبة على الثروات الكبرى، بجدول تصاعدي، سيتم سنها، كما سيتم تغيير ضريبة التركات بشكل يتساهل مع التركات المتوسطة، ويزيد الضريبة على التركات الكبرى".
P.URI, « changer l'impôt », Op. Cit.
[9]) PIKETTY (T) « Fiscalité et théorie économique » in ( impôts et réforme fiscale), J.Y. Capul, cahiers Français n° 274, la DOC. FR, Paris, 1996.
[10] ) يتم تبني هذا الاسم عوض "الضريبة على الرأسمال" أو " الضريبة على الثروات" فقط وذلك لإبراز هدفها الاجتماعي.
[11] ) الإصلاح الجبائي الأكثر أهمية الذي طبقه اليسار الفرنسي بمجرد تسلمه السلطة سنة 1981.
[12] ) تصريح وزير المالية الفرنسي آنذاك ( Fabius) عند عرضه لمشروع قانون هذه الضريبة.
- Orsoni.G « L'interventionnisme fiscal », . PUF, Paris, 1995, p. 151.
[13]) Akesbi (N) « L'impôt, l'Etat... » Op Cit. p. 378 et s.
[14]) Akesbi « L'impôt, l'Etat et... » Op. Cit, p. 380.
[15]) Idem..
[16]) Akesbi « L'impôt, l'Etat et... » Op. Cit, p. 380.
[17]) PFEFFERKOM (R): « Déchiffrés les inégalités » éd. Syros, Paris 1995, pp. 100-104.
[18]) « Les mesures fiscales adoptées en 1999 - Pour la justice sociale - » Article rédigé par la cellule relations publiques de la direction de la législation fiscale, direction générale des impôts, FRANCE 1999, pp: 1-52.
[19] ) تم سن ضريبة سميت " حقوق التسجيل، تفرض على جرد التركة بعد الوفاة". ج.ر عدد 2894 بتاريخ 7/4/1968.
[20] ) السودان، الأردن، أنظر صباح نعوش " الضرائب في الدول العربية" الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1983،.ص 46.
[21] ) صباح نعوش، نفس المرجع ص: 46-47.
[22] ) تطبق سوريا هذه الضريبة منذ سنة 1952، لبنان منذ سنة 1959.
[23] ) صباح نعوش " المالية العامة ومالية الدول النامية" الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1983، ص. 139-140.
[24] ) يطبق هذا النظام في أغلب الدول الأوربية.
[25] ) يحدد هذا السقف في نسبة 10% من مجموع التركة في مصر - وحوالي 25 ألف ليرة لبنانية في لبنان - أنظر صباح نعوش م.م.س، ص: 142.
[26]) Akesbi (N) « Impôt Etat... » Op. Cit, p. 385.
[27]) Akesbi (N) « L'impôt l'Etat et... » Op. Cit, p. 387.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.