خرج سكان ورزازات يوم فاتح يناير ، ذكورا و إناثا، شباب و شيبا ، للتنديد بالمجازر الإسرائيلية في غزة ، مشكلين مسيرة حاشدة ابتدأت من ساحة 3 مارس ، و انتهت بساحة الموحدين ، مرددين مختلف الشعارات المعادية لإسرائيل و الولاياتالمتحدة و الأنظمة العربية المتقاعسة . عدد المشاركين في المسيرة قارب الألف أو الألفين ، معظمهم من الأساتذة و التلاميذ و الفئة المثقفة ، التي لم تكن لتخرج للشارع لو تعلق الأمر بمطالب وطنية خاصة بالشعب المغربي ، الذي يعاني الكثير من المشاكل الاجتماعية منها و السياسية ، التي تدعو للاحتجاج و السير في مسيرات ضخمة تطوف كافة مناطق مملكتنا "المناضلة " ، فكلنا يتذكر الزيادات الصاروخية المعتمدة في المواد الغذائية الضرورية لعيش المواطن المغربي ، و الكل يتذكر أيضا حجم الاحتجاج على هذا الأمر و عدد المشاركين في الحركات الاحتجاجية و الذي لم و لن يكون كالعدد المسجل في الوقفات و المسيرات التي تنظم من أجل غزة و بغداد ،كما أن عدد الهيئات السياسية و النقابية الداعية لهذه الاحتجاجات (الخاصة بالزيادات في الأسعار) لا يتعدى 3 هيئات أو أربع ، في الوقت الذي نجد فيه أن الهيئات الداعية لمسيرات " العزة من أجل غزة" يقارب 30 هيئة سياسية و نقابية ، اتحد فيها الكل بقدرة قادر ، فقط مكن أجل غزة، فترى العدل و الإحسان بجانب النهج الديمقراطي ، و العدالة و التنمية بجانب حزب الطليعة ، و الملتحي بجانب فتيات الثانويات من المراهقات المندفعات ، و هنا من أجل غزة يسقط مبدأ اجتناب الاختلاط بين الرجال و النساء ، فترى الجنسان يتزاحمان و يتدافعان ، بمباركة رجال كانوا في وقت من الأوقات قد يفجرون أنفسهم لإصلاح المجتمع من الرذيلة و الفساد . الهيئات الداعية لهذه المسيرة لم تكلف نفسها يوما ، عناء النضال أو حتى الحديث عن مئات المعطلين المغاربة، عن التهميش الذي يطال سكان البوادي، عن تقاعس الموظفين في أداء واجباتهم ،الرشوة و المحسوبية في الإدارات العمومية ، حملات القمع و الاعتقال في حق بعض المطالبين بحقوقهم في صفرو ، بومالن دادس، سيدي إفني ، عن ... عن .... عن . هذه المسيرة و غيره من المسيرات المنظمة في كثير من المدن المغربية ، لو أنها نظمت من أجل المطالبة بالحقوق المسلوبة للمواطن المغربي البسيط ، لتحقق الكثير من المطالب و الأمور التي كانت في يوم من الأيام أحلام يقظة ، و لرأيت المعطلين يهجرون الشوارع ، ليتوجهوا لمقرات عملهم الذي حصلوا عليه بفضل المسيرات الشعبية . و كي لا تفهم أسطري هذه خطأ ، و كي لا أصنف ضمن خانة " المدعومين من إسرائيل" ، أعلن تضامني مع القضية الفلسطينية ، لكن انطلاقا من بعدها الإنساني فقط و لا شيء آخر ، و هو البعد الذي تناساه الداعون لمثل هذه المسيرات ، و البعد الذي لو عمل هؤلاء على أساسه ، لرأيناهم يخرجون للشارع عندما مات أطفال و نساء أنفكو من البرد و الإهمال(دون تدخل أي آلة عسكرية) . هؤلاء الإخوة لم يكن يهمهم أي بعد آخر للقضية الفلسطينية غير البعد القومي العربي ، الذي سخر له كل شيء حتى الأمن ، البعد الذي عمل في سبيله هؤلاء هم و أجدادهم من نفس الفكر ، من أجل تعريب كل ذرة من أرض تمازغا ، ليجعلوا منها بكل بساطة أرضا تابعة للعرب ، تئن لمصائبهم المتوالية ، و تبكي لمآسيهم المتكاثرة يوما بعد يوم . و ليساهموا كذالك في تفريخ جيل من الفلسطينيين المغاربة الذين قد يكونون أكثر فلسطينية من المواطنين الفلسطينيين. و حتى البعد الإسلامي الذي قد يوحد الجميع ضمن ما يسمى بالأمة الإسلامية ، مغفول في هذه المسيرات ، إذ أنهم لم يخرجوا يوما لنصرة أفغانستان أو إيران، الدولتان المسلمتان اللتان تعانيان كفلسطين و العراق من ويلات التسلط الصهيو-أمريكي كما يحبون تسميته . و كل عام و النضال المغربي في ألف ألف خير.