شكلت الأسابيع الأخيرة من شهر نونبر من سنة 2010 امتحانا عسيرا للدبلوماسية االمغربية، بحيث تعرضت القضية الوطنية إلى هجوم كاسح من طرف الجارين الإستراتجيين، إسبانياوالجزائر، وصنيعتهما البوليساربو. وهكذا سجلنا كمغاربة عدة إصابات في شباك خصوم وحدتنا الترابية، ولكن في نفس الآن ردوا علينا بأهداف غير نظيفة. ولنعترف أننا خضنا حربا إعلامية شرسة بشكل بارد، وربحنا بعض أشواطها دون أن تكون لنا إستراتيجية إعلامية واضحة قي هذا المجال. ونحن إذ نطلب من المغاربة التحلي بالكثير من الغضب في وسائل إعلامهم على الأقل، فلأننا نلاحظ أن السياسة الإعلامية الرسمية والمستقلة المتبعة لحد الآن لا تزال هشة في مواجهة خصومنا الإعلاميين، وهم يهاجمون مقدسات البلاد، كما أن المواجهة بين كل الأحزاب المغربية والحزب الشعبي الاسباني كانت باردة من جهتنا كطرف متضرر، فلا يعقل أن يهزم حزب واحد عدة احزاب.. فمسيرة الدارالبيضاء المليونية كانت فرصة تاريخية لكي نغضب ونعمل كما تعمل شعوب المعمور حين تخرج إلى الشوارع للدفاع عن بلدانها، لاحظنا أن المسيرة طغت عليها الرسميات، وغاب عنها الإبداع في أساليب الإحتجاج والتنديد والرد على خصومنا في إسبانياوالجزائر، ولم تستغل المسيرة إعلاميا لتظهر أن المغاربة كما يفرحون ويحتفلون يغضبون كذلك، وينزلون إلى الشارع غاضبين من سياسات الجيران المسيئة لمقدسات الوطن. لماذا لم نغضب مما حدث ومما عرض أمامنا من مس بأرضنا وسيادتنا؟ لا بد أن نطرح هذا السؤال ونبحث له عن أسباب ومسببات. أولى هذه الأسباب من وجهة نظرنا هو كون العديد منا لا يزال يعيش عزوفا عن القضية الوطنية، وربما العديد من الإكراهات الاجتماعية والسياسية تدفع بعضنا للعزوف عن هذه القضية، كما أن الأخطاء العديدة التي يرتكبها بعض المسؤولين عائق أخر أمام انتفاضة أبناء الشعب المغربي ضد من يمس وحدتهم الترابية ومقدساتهم الوطنية. ووسائل إعلامنا الرسمية وغيرها متأثرة ببعض هذه المشاكل، لأنها غير مستقلة فعلا لتلعب دورها كاملا في الرد، ولو بقليل من الغضب، على خصومنا في الوقت المناسب. فإعلامنا لم يستوعب بعد جدلية الثلاثي "الوطنية والديمقراطية والخبز" فلا بد أن نختلف من أجل صنع الخبز، وسبيلنا إلى ذلك هو الديمقراطية، لكن الوطنية تجمعنا جميعا، فسقف الوطن لا بد أن يصان مهما بلغت خلافاتنا. والاستقلالية هي أن يعبر كل واحد منا بطريقته عن غضبه من أجل الوطن، فمثلا تأجيل إضراب النقابات في الشركات الإسبانية بالمغرب بطلب من الحكومة قرار غير صائب ويضرب باستقلالية القرار النقابي عرض الحائط، وهذا الأمر يتكرر كثيرا في الإعلام وفي ميادين أخرى. لا بد لنا أن نستخرج الدروس من الأحداث الأخيرة، التي تكالبت فيها على بلدنا مطامع إسبانيا في الحفاظ على هيمنتها علينا في الشمال ومطامع الجزائر في اختراق أراضينا من أجل بلوغ المحيط الأطلسي، فكلما تقدمت المملكة في مجالات تعزيز وحدة الوطن وفي توسيع الديمقراطية وفي ضمان الخبز لكافة المغاربة، إلا وشنت الجارتان هجومهما على مقدساتها، الأمر أصبح اليوم واضحا وفاضحا، العمل اليوم بعد مسيرة البيضاء هو الرد بحزم وبكثير من الغضب بتنفيذ قرار الإضراب في كل المؤسسات الاسبانية بالمغرب فورا وقطع الماء على مدينة مليلية، قرار المستشار يحي يحي وبلدية بني نصار، وتنظيم مسيرات شعبية مدنية بمدن الجنوب والشمال والمضي في هذا المسار حتى نؤكد لخصومنا اننا هنا غاضبون.. فكثيرمن الغضب أيها المغاربة.