من الدستور الى المؤسسات،تلكم هي المسافة الفاصلة في التجربة المغربية، بين النهوض والانتكاسة، فبين اقرار دستور جديد وعملية تنزيله واجرأته على ارض الواقع مسافة زمنية ومسافة تاريخية عظيمة ومسافة لا تقاس باي معيار، هذه المسافة ان قطعناها ربحنا الاستقرار والانتقال الى الديمقراطية والتنمية، لنربح مغربا جديدا قويا بمؤسساته ذات المصداقية، وان فشلنا في ذلك، لقدر الله، انتكسنا واصبحنا في تخلف عن زمننا وعصرنا، وعرضنا بلدنا لكل احتمالات غير محسوبة. لقد نبه جلالة الملك الى الامر في خطابه في ذكرى ثورة الملك والشعب وقال بالحرف : "..نعتبر التفعيل الأمثل للدستور الجديد، منطلقا لمسار من العمل السياسي، الهادف للنهوض بالتنمية، في مناخ من الالتزام الجماعي بالقانون، والتعبئة والثقة اللازمة، لتحريك عجلة الاقتصاد، وتحفيز الاستثمار المنتج، والموفر لأسباب العيش الحر الكريم لمواطنينا، ولاسيما الفئات المعوزة منهم..وذلكم هو التحدي الكبير، الذي يتعين على الجميع مضاعفة الجهود لرفعه، بمؤسسات تشكل قاطرة للديمقراطية والتنمية.. ومن هنا، فإن الرهان الحقيقي، الذي ينبغي كسبه، في المرحلة السياسية الحالية، ليس هو اعتبار الانتخابات المقبلة مجرد تنافس حزبي مشروع، للفوز بأكبر عدد من المقاعد، بل هو الارتقاء بها، إلى معركة وطنية نوعية، حول اختيار أفضل البرامج والنخب المؤهلة، لتحقيق انطلاقة جيدة لتنزيل الدستور.." وفي خضم التفاعل الايجابي مع التعبئة التي اشار لها ملك البلاد، ننظم اسبوعيا بمقر جريدة الانبعاث وخارجه، ندوات ولقاءات لتسليط الضوء على القضايا الحيوية المرتبطة باللحظة المغربية الراهنة في شقها المؤسساتي وفي شقها المتصل بالحراك الاجتماعي والسياسي، مساهمة من مؤسسة جريدة الانبعاث في الانخراط في بناء مغرب جديد، مغرب الديمقراطية والحداثة. واخير هذه الانشطة تنظيم لقاء مفتوح مع عبد الجبار القسطلاني، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة درعة ونائب برلماني، وأحد الوجوه السياسية المعروفة بالمواقف والتدخلات الجادة والتي بصمت الساحة السياسية محليا وجهويا ووطنيا.(انظر تفاصيل الندوة ضمن هذا العدد)، مؤخرا في حوار مع عدد من الزملاء. ومن ضمن ما قاله القسطلاني، في ندوة الانبعاث، بعد توضيحه للانتظارات العديدة المتعلقة بأجرأة الدستور.."هذا نداء باسم المسؤولية التاريخية لحزب العدالة التنمية إلى الكتلة، لأن تمد يدها لحزب العدالة والتنمية ونشكل كتلة تاريخية تضم أحزاب وطنية وديمقراطية لمواجهة التوجه الإداري للأحزاب السياسية المتحالفة مع الداخلية والإدارة"انتهى كلام الرجل. ان نداء القسطلاني يعبر عن ايمان صادق وتفكير عميق فيما يشهده المغرب من تحول، ومطالبته بكتلة تاريخية لمواجهة الخطر الذي يحدق بالبلد وبعباده، نابع من مناضل صادق يعرف دقة المرحلة ويؤسس لتقليد نضالي قل نظيره في زمان الهرولة الانتخابية من اجل المقاعد وافساد العمل السياسي، الذي يلوح في الافق، ان لم يتدارك الفاعلون السياسيون الحقيقيون من طينة القسطلاني، ورفاقه كثر بهذا البلد، الموقف والدعوة لتأسيس كتلة تاريخية من الديمقراطيين والوطنيين لتنزيل الدستور وانتخاب مؤسسات ذات مصداقية يثق فيها المغاربة، تحقق لبلدنا انتقالا ديمقراطيا وتنمويا..فحي على العمل من اجل كتلة تاريخية.