نفذ عمال مفاحم جرادة المصابون بمرض السيليكوز في اعتصام مفتوح ابتداء من يوم الإثنين 26 أكتوبر الماضي إلى غاية يوم الإثنين 30 نونبر الماضي بمقر المركز الصحي ابن رشد بمدينة جرادة، للتعبير عن احتجاجهم على وضعيتهم الصحية المتدهورة والمادية المزرية، واستنكارهم الصارخ للتماطل الذي ووجه به ملفهم المطلبي الإنساني البسيط المدعم بالوثائق القانوني والإدارية...وقضى هؤلاء المصابين بالسيليكوز معظمهم شيوخ هرمون متقدمون في السنّ الليالي البيضاء والباردة بمرآب المركز الصحي، وامتنعوا عن التضحية يوم عيد الأضحى بعد حرمانهم من الاستفادة من العلاج بذات المركز الذي أنشء من أجلهم... "نحن العمال المرضى المعتصمين نحمل مسؤولية إغلاق المركز الخاص بهم إلى وزيرة الصحة وإلى مندوبها في إقليم جرادة، ونعتبر هذه القرار إجهازا صارخا على حق من حقوقنا المكتسبة، والتي لم تأت نتيجة منة أوهبة من أحد، وهي خرق سافر للاتفاقية الجماعية المبرمة عام 1998، في أعقاب إغلاق مفاحم جرادة...". يصرخ أحد الممثلين للمعتصمين... فك اعتصام دام 33 يوما للمصابين بالسيلكوز "قررنا تعليق الإعتصام الذي يمكن أن نستأنفه في أي وقت، وذلك حتى نعبر على حسن نيتنا ونمنح الوقت الكافي للاستجابة لمطالب العمال التي وافقت عليها اللجنة المجتمعة بمقر عمالة إقليم جرادة عشية يوم 30 نونبر الماضي والذي دام ثلاث ساعات..." يصرح للأحداث المغربية محمد عفاك رئيس لجنة الحوار للمعتصمين بالوحدة الصحية ابن رشد. بالفعل فكّ العمال السابقون ، في مفاحم جرادة، المصابون بمرض السيليكوز اعتصامهم، بعد تلبية أهم النقط الواردة في ملفهم المطلبي، خلال الاجتماع الذي انعقد يوم الاثنين 30 نونبر الماضي، من الساعة الثالثة إلى غاية السادسة مساء، في مقر عمالة إقليم جرادة، تحت الرئاسة الفعلية لعامل اَلإقليم وبحضور العديد من المسؤولين الإقليميين. فبعد مناقشة جميع المطالب التي تقدم بها العمال الحاضرون تم الاتفاق على إعادة تشغيل الوحدة الصحية "ابن رشد"، طبقا للاتفاقية الاجتماعية المبرمة بين وزارة الطاقة والمعادن، شركة مفاحم المغرب سابقا وبين المركزيات النقابية، بتاريخ 17 فبراير 1998، وتوفير طبيبة مختصة وممرض، وكذا سيارة إسعاف لضمان انطلاق تشغيل هذه الوحدة الصحية، مع التدخل لدى وزارة الصحة، من أجل دعم هذه الوحدة بالوسائل البشرية والمادية الضرورية لتوفير العناية اللازمة لمرضى السيليكوز، وتوفير الأكسجين الكافي في الوحدة المعنية، وتوفير الأدوية اللازمة لمرضى السيليكوز وفق اللائحة المعتمدة من طرف وزارة الصحة، مع مساهمة المجلس البلدي لجرادة، في دعم هذه الوحدة بالأدوية غير المتوفرة في حدود إمكانياتها، وتوفير الخدمات الطبية بالمجان لمرضى السيليكوز. مرض السيليكوز مرض مزمن ومهني يعتبر مرض السيليكوز مرضا مزمنا ومهنيا وفق ظهير 13 ماي 1943 المطبق للتشريعات المتعلقة بحوادث الشغل على الأمراض المهنية. وتمت مراجعته بمراسيم وقرار وزاري آخر، هو القرار الوزاري 1972.09.19 الذي حدد لائحة الأمراض المهنية التي يجب التعويض عنها. ويتم التعريف بالأمراض المهنية بأنها كل المظاهر المرضية والتعفنات الجرثومية وكل العلل التي يحددها وزير الشغل في جدول بعد استشارة وزير الصحة. ومن أجل التعويض يجب أن يكون المرض مسجلا في إحدى اللوائح الرسمية والتي تتكون من جداول ويوجد حاليا 35 لائحة لم يتم تجديدها منذ 1972. وأن يشخص المرض أثناء مدة التعرض للخطر أو خلال اجل المسؤولية المحددة في الجدول وان تتطابق الأعراض والمظاهر المرضية مع الأعراض المحددة في جداول الأمراض المهنية. نداء هؤلاء الذين انطفؤا ليضيؤوا المغرب بقي "الجبل الأسود" المكون من تراكمات نفايات الفحم والمسمى "القمة السوداء" (La cîme noire) التي يعتبرونها معلمة من معالم المدينة المنجمية شامخا وبقيت المصفاة شامخة وصامدة شاهدة على سواعد عمال، فَنِيَ معظمهم، وحركاتهم على مدار اليوم بساعاته ال24 دون كلل ولا ملل روى عرقهم وأحيانا كثيرة دمهم الفحم المستخرج من أمعاء الأرض والمتجه نحو جوف المعمل عبر المصفاة أو الموجه إلى الخارج... انطفؤوا ليضيؤوا 30% من مدن المغرب ومدن عديدة من دول العالم...فني العديد من هؤلاء العمال والآلاف الفقيرة ممن بقي منهم على قيد الحياة تعاني من تلف رئاتها الممزقة يسمع خريرها وسعال أصحابها من بعيد بسبب خناجر السيليكوز هذا المرض القاتل... يوجه هؤلاء المرضى نداء لكل المسؤولين لإعطاء وضعية الاعتبار لبنود الاتفاقية، والاستجابة للخصاص الواقع في جميع المراكز الصحية، ومنحهم فرصة التداوي والعلاج والتخفيف من المعاناة على مستوى وزارة الشغل وذلك بالعمل على الزيادة في المعاشات بالنسبة للمتقاعدين والأرامل، وإعادة تسوية الملفات للمتقاعدين التي سويت ملفاتهم من ثمان سنوات إلى ثلاث سنوات، والتسريع في أداء التعويضات العائلية بالنسبة للمتقاعدين واستكمال العدد المخول للتقاعد بالنسبة للعمال الغير المستوفية فيهم شروط الحصول على التقاعد المحددة في 3240 يوما. أما على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، فالمطالب تتلخص في لقاء مع مصفي شركة مفاحم جرادة، وبإبقاء إدارة مفاحم المغرب مفتوحة من أجل استقبال العمال المسرحين وتوفير موظفين تابعين للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين لتقديم الخدمات وتسوية الملفات العالقة، والتسريع في الأحكام بالنسبة للقضاء، وتأدية واجبات الخبرة الطبية كما كانت تقوم بها شركة مفاحم المغرب سابقا، وبتبليغ الاستدعاءات بالنسبة للعمال المسريحن من اجل التعرف على جلساتهم، وإدراج هذه الطبقة المسرحة من الشركة في الحوار الاجتماعي وإعادة مناقشة مشكل التقادم بالنسبة للملفات الخاصة بالأمراض المهنية وحوادث الشغل... وااإشارة يرتبط تاريخ المدينة يرتبط باكتشاف حوض الفحم الحجري (وخاصة مادة الأنتراسيت التي تعتبر من أجود أنواع الفحم) بها في يناير 1927 ليصبح بعد ذلك الحوض الوحيد للفحم الحجري بالمغرب وتلاها بناء المركب الحراري الذي يعتمد في غالبية عمليات الإنتاج على مادة الفحم ويضمن نسبة هامة من الطاقة الوطنية. اعتبرت مناجم جرادة المشغل الرئيسي لحوالي 8.000 شخص سنة 1985 أما سنة 1996 فقد تقلص العدد حيث سجل ما يناهز 5.000 منصب شغل فقط. وتشكل أجور الشغيلة المصدر الوحيد لحوالي 70.000 نسمة. وبعد تقلص مستمر لإنتاج الفحم الحجري تم مع نهاية التسعينات الإعلان عن غلق مناجم جرادة الذي كان له تأثير كبير وسليب على الأقاليم الشرقية بأكملها.