بعد ليلة حملت كل معانى الاثارة و التناقضات بالعاصمة التركية أنقرة بعد فشل وحدات الجيش التركي فى محاولة الانقلاب على الرئيس اردوغان دعونا نستعرض أهم تداعيات ذلك المشهد تركيا ضعيفة بجيش مفكك سيتم استبداله بعناصر تابعة للحزب الحاكم و ستخضع كافة مؤسسات الجيش لرقابة الشرطة و الامن الوطني، بينما اردوغان اقوى معنويا ( أقول معنويا ) و قد تكون صدمته فى ردود الفعل الدولية أكبر من صدمته فى مشهد انقلاب بعض وحدات الجيش عليه، فذلك المشهد أكد ان لا يوجد اى حليف لتركيا سوى قطر و المغرب فقط . وزير الداخلية افكان علاء سيصبح رجل الامن الاول بالبلاد بصلاحيات مطلقة . احمد داوود اوغلو فى خطاب ذكي يمهد نفسه و غيره لما يقبل عليه بالمرحلة القادمة، فهو الرجل الذى تلقى الاشارة من خارج الحدود التركية كي يقفز من مركب أردوغان الغارق، المركب الذى توقعت الاستخبارات الفرنسية ان يشهد امواج عاتية قد تغرقه و لذلك قررت غلق قنصليتها بتركيا منذ ايام قليلة . ما حدث بمنتصف يوليو الجاري بأنقرة بكل تأكيد سيشغل اردوغان و نظامه و لو بعض الشئ عن تدخلاته السافرة فى الشؤون الداخلية لدول المنطقة و فى مقدمتهم سوريا، العراق، ليبيا، مصر، تونس . باتت حشود حزب العدالة و التنمية الغفيرة العنصر الاول فى معادلة العلاقة بين الجيش و مؤسسة الرئاسة فى أي مرحلة قادمة، و هو العنصر الذى يعمل له الف حساب عند التعامل مع النظام التركي، فكان لنزول الحشود بعد استغاثة اردوغان عبر سكاي بي نقطة التحول الرئيسية فى ليلة أمس . تدمير الثقة و الروح لدى افراد الجيش التركي بعد مشاهد سحل و تعذيب افراد الجيش على يد عناصر تابعة للحزب الحاكم، كذلك انتهاء مكانة تركيا العسكرية لدى حلف الناتو بعد ان باتت تركية بلا درع عسكري حقيقي و الدخول فى مرحلة مراكز القوى بين الاستخبارات و الشرطة، و هو المشهد الذى يقول لنا بان منتصف تموز الجاري لن يكون المشهد الاخير . تركيا الاتاتوركية تاريخيا المتوسطية جغرافية لفظت أخر انفاسها، و الاستعداد لولادة تركيا اردوغانية له مطلق الصلاحيات بكل ما تحمل الكلمة من معنى و دلالة، فتركيا كان قدر لها ان تموت بنزيف جرح عميق، و لكن كتب لها ان تموت بسم جماعة الاخوان ايضا . ما حدث بالامس فى انقرة و اسطنبول من مواجهات دامية بين الجيش و الشرطة و جماهير حزب العدالة و التنمية و باقي افراد الشعب التركي يؤكد ان ما حدث فى 30 يونيو بمصر فى اضخم تظاهرة و احتشاد فى التاريخ البشري عبر مشهد توحد فيه كافة ابناء الدولة المصرية شعب و جيش و شرطة بانها ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى و ليس انقلاب كما كان يردد اردوغان و بن يلدرم مؤخرا، فاذا كان ما حدث بمصر انقلاب كما يزعم العثمانيون الجدد فما ستكون تسميتهم لما حدث بأنقرة أمس . أخيرا و ليس أخرا كشفت لنا احداث تركيا عن وجوه عديدة باعلامنا العربي الذى يفترض انه اعلام تابع للدول و الانظمة الرسمية عن انتماء هولاء الشديد لجماعة الاخوان و انتمائهم لتركيا أكثر من اوطانهم، فى اختراق واضح لاعلامنا مماثل تماما لاختراق مؤسسات الجيش التركي .
فادى عيد الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط