لم يعد المهتمون يفهمون حقيقة ما يدور داخل كواليس الرئاسة، ولم يعدوا يستوعبون دواعي وأبعاد قرارات صادرة عن رئاسة مجلس الجماعة، ومدى استيعابها لنص وروح القانون التنظيمي 113.14 خاصة بعد صدور أحكام المحكمة الإدارية بوجدة التي لا تتماشى مع رغبات بعض الماسكين بزمام أمور مجلس الجماعة، والتي تفرض عليهم قراءة النص من جديد وضبط كل تحركاتهم وقراراتهم وفقه. تنص المادة 33 من القانون التنظيمي 113.14 من الباب الثاني الخاص بتسيير مجلس الجماعة، على أن يعقد مجلس الجماعة وجوبا جلساته أثناء ثلاث دورات عادية خلال أشهر فبراير وماي وأكتوبر، مضيفة على أن يجتمع المجلس في الأسبوع الأول من الشهر المحدد لعقد الدورة العادية... وبما أن مجلس جماعة وجدة شكل محطة استثنائية، نظرا للتشنجات والصراعات التي واكبت عملية انتخاب الرئيس ونوابه، والمتمثلة في تأجيل جلسة انتخاب الرئيس ونوابه، وانسحاب الرئيس من الجلسة، وتقديم العديد من الطعون من قبل كل الأطراف، تعذر على المجلس أن يعقد دورة اكتوبر في وقتها المحدد، وبالتالي لم يتم تنزيل مقتضيات المادة 33 من القانون التنظيمي. لكن وبمجرد أن أصدرت المحكمة الإدارية قراراتها خصوصا قرار إلغاء انتخاب الرئيس والنواب مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، قام رئيس مجلس جماعة وجدة بمراسلة أعضاء المكتب من أجل عقد اجتماع لتدارس العديد من النقط وتخص القانون الداخلي، اللجان ومشروع الميزانية، إلا أن الرئيس تخلف عن الحضور، وهذا ما زاد في الطين بله و وسع هوة الصراع والغضب بين الرئيس ونوابه. وقد اعتبر المتتبعون أن استدعاء الرئيس للنواب هو إقرار بقانونيتهم رغم أنه في الاستدعاء لم يذكر أن الاجتماع يتعلق باجتماع مكتب المجلس، وعليه تم طرح السؤال الجوهري: إذا كان فعلا كذلك فلماذا تم الطعن في طريقة انتخابهم؟ ولماذا لم يفكر الرئيس الاجتماع مع أعضاء المكتب قبل إصدار القرار من قبل المحكمة الرامي إلى إلغاء انتخاب الرئيس؟ وتمر الأيام، وتعاد المراسلة، ليس بصفتهم نوابا وإنما أعضاء المجلس، وليس من أجل اجتماع مكتب المجلس لمناقشة النقط ثم عرضها على المجلس من أجل المصادقة، وإنما من أجل الحضور لإشعال الدورة الاستثنائية التي دعا إليها عامل الإقليم بتاريخ 30 شتنبر 2015 التي ستعقد يوم الاثنين 9 نونبر 2015. بالنظر إلى تاريخ مراسلة عامل الإقليم والتاريخ المقرر لعقد الدورة الاستثنائية التي دعا إليها الرئيس، تكون الآجال القانونية لعقد هذه الدورة خارج الوقت المنصوص عليه قانونا، حيث تنص المادة 37 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية على ما يلي: "يعقد المجلس دورة استثنائية بحكم القانون في حالة تلقيه طلبا في هذا الشأن من قبل عامل العمالة والإقليم أو من ينوب عنه. ويكون الطلب مرفقا بالنقط المقترح إدراجها في جدول أعمال الدورة وكذا الوثائق المتعلقة به عند الاقتضاء. وتنعقد هذه الدورة خلال عشرة 10 ايام من تاريخ تقديم هذا الطلب..." و إن افترضنا جدلا أن الدورة ستعقد داخل الآجال المحددة فستبقى غير قانونية لعدم اجتماع المكتب مسبقا من أجل تحضير جدول أعمال الدورة، طبقا للمادة 38 من القانون 113.14 التي تنص على أن يعد رئيس المجلس جدول أعمال الدورات، بتعاون مع أعضاء المكتب مع مراعاة أحكام المادتين 39 و40 بعده. ومصطلح الدورات المنصوص في المادة تهم الدورات العادية والاستثنائية. فالرئيس أكد إصراره على عدم الاعتراف والتعامل مع النواب المنتخبين يوم 29 شتنبر 2015، لم يعد الميزانية بمعيتهم، ولم يعقد اجتماع المكتب للتشاور في شأن تدبير هذا المرحلة التي تتطلب تضافر الجهود خاصة أن القانون التنظيمي 113.14 يرتكز على التدبير الحر والتداول الديمقراطي، إضافة إلى ذلك، فإن النواب المعنيين ينتمون لحزب يشكل الأغلبية بمجلس الجماعة مما يعني أن قراراته وكل ما سيطرحه في الدورة مرفوض مسبقا. فما رأي السلطة الإقليمية في دورة يوم الاثنين؟ وهل سيتم التصويت على النقط من قبل النواب أم لا؟ وهل من صالح الرئيس أن ترفض الميزانية، ليتم اعتماد ميزانية السنة الماضية..؟ أسئلة الأيام القادمة هي الكفيلة لتجيبنا وتكشف عن الغموض وعن حقيقة ما يدور...