باريس.! أينك من قنديل العرب.؟ منذ قرون وكوكبة الشعراء العرب والمفكّرون الإسلاميون منهم بالذات، قصدتك أقلامهم قبلةً، ولجأت إليك أفكارهم الأم الرؤوم الصانعة للخط الجارودي بالفكر والقلم وليس بالسيف والرشاش كما تزعمين .. والحاضنة للمهاجر العربي الإسلامي بقلمه وعلمه وفكره وأدبه .. فذاك أمير الشعراء (أحمد شوقي) قبل مئة عام من باريس: جَهدُ الصَبابَةِ ما أُكابِدُ فيكِ لَو كانَ ما قَد ذُقتُهُ يَكفيكِ وَلَقَد أَقولُ وَأَدمُعي مُنهَلَّةٌباريسُ لَم يَعرِفكِ مَن يَغريكِ
وتلك (هدى الزين) قبل اقل من مئة يوم من القاهرة، وهى رئيسة تحرير مجلة "وهج باريس" الصادرة من باريس باللغتين العربية والفرنسية تردد فيك: (باريس علمتني احترام الآخر)
إذ، ولازال فيك يترنّم إبن القلم العربي ببنات إفكاره، وتتراقص لك بنت القلم العربي بثوب زفافها، وأنتِ لم تقتبسي من ترنيمة العشاق هذه وثوب العرس ذاك والقنديل العالق بينكما، الا العداء الفاحش نحو مشاعر مليار مسلم يا باريس.!
ولم أعد اراك تلوحين من رائعة محمد مهدي الجواهري: تعاليتِ " باريسُ " ..أمَّ النضالْ .. وأمَ الجمال.. وأمَّ النغم تَذوَّبَ فوقَ الشِفاهِ الألَم .. وسال الفؤادُ .. على كلِّ فم
لكنك تعاليتِ ياباريس بل وتماديتِ بفرنسا التي يسكنها خمسة آلآف مسلم، وبكوكب الآرض ومن عليها من ملياري مسلم .. تعاليتِ بالتعدي والتحدي لثاني أكبر دين تحت زرقاء السماء، وأنتِ تتشدقين بطبعك 5 ملايين نسخة من العدد الجديد من اللقيطة (شاري إبدو) وعلى الغلاف اللئيم رسم النبي الكريم.! تعاليتِ يا باريس بإستعراضك طوابير الإصطفاف، وبتأكيدك على انه أنا باريس وبهذه الطريقة.! وبالغتِ يا باريس في تضخيمك لمعسكر فرنسا المليوني في جميع أرجاء البلاد، لحماية المعابد اليهودية، والمطارات.!
لو كانت القناديل بأضوائها المشتركة بيننا، لما تسرعتي الى نصب حلبات صراع الثيران بهذه الطريقة .. فرنسا يسكنها خمسة آلآف مسلم ببؤس في الأرياف والمناطق النائية، بينما في دنيا العرب والإسلام الفرنسيون يعيشون في نعيم بأرقى مناطق عواصمها ومبانيها الشاهقة .. لوكانت قناديل العقل والعلم لازالت بأضوائها اللامعة بيننا، لكنا جعلنا من تلك المطبوعة 5 ملايين نسخة حاضنة تلمّ الشمل بين الشعوب كلها بالأديان والمعتقدات كلها، ولكنّأ إلتقينا بكل نسخة من 5 ملايين نسخة من الجانب الفرنسي وهى تلد خمسين مليون نسخة عن كل نسخة في الجانب الآخ، وتهتف بين 2.2 مليار مسيحي (المذهب بالأغلبية على وجه الارض) وبما يقارب 2 مليار مسلم (المذهب الأسرع إنتشارا على وجه الأرض) يهتفون معاً في وجه كل فرنسي بعواصمنا الإسلامية والعربية، وفي وجه خمسة آلاف مسلم في القرى والأرياف الفرنسية، يهتفون هتافا مشتركا بترنيمة إنسانية مشتركة، وهم يلوحون بغلاف المجلة المرجوّة المتسائلة: كيف نحرس بلادنا .. كيف نحمي مقدساتنا .. كيف نفرش مساجدنا وكيف نزيّن كنائسنا .. وكيف نعّر أوطاننا.؟!!
لكنك لم تلجأي لتلك القناديل بلغة الضاد التي طالما اشتعلت بأضواء تعاليتِ يا باريس تعاليتِ يا باريس..؟!! وإنما لجأتي الى ما قيل عنه (صدر من باريس .. وطبع في باريس.!) مما لم أقرأه، فلن أقرأه .. لأنه بالعنوان الذي يُكتفى به أسفاً.؟!!