كثيرة هي الأماكن التي تقصدها ساكنة مدينة آسفي للترويح عن النفس مباشرة بعد تناولها لوجبة الفطور خلال شهر رمضان الأبرك،بحيث تختلف هذه الأماكن بين المقاهي والمنتجعات والشوارع وذلك حسب طبيعة الوافدين عليها،كما أنه كثيرة هي التقاليد والعادات التي اندثرت بشكل كلي. " هانت كتشوف،الناس كثار بزاف في هاد المنطقة ديال سيدي بوزيد،أوراه كيجو ليها غير الناس مالين طوموبيلات باش يتنزهو شي شويا في هاد رمضان ويستمتعو بمنظر آسفي من هذا لبلاصة" يقول أحد الأشخاص الذي كان رفقة أفراد من عائلته على متن سيارته حضروا إلى منطقة سيدي بوزيد بعدما تناولوا وجبة الفطور.وتعتبر منطقة سيدي بوزيد المتواجدة في مكان استراتيجي مهم والمطلة مباشرة على مياه المحيط الأطلسي أهم مكان تقصده العائلات المسفيوية خلال هذا الشهر المبارك وبالضبط بعد الإفطار للترويح عن النفس الذي يظلون به إلى منتصف الليل،بحيث لو كانت وسائل النقل متوفرة في الليل بهذا المكان البعيد عن وسط المدينة لارتفع عدد زواره،وقد تم تسجيل في اليوم الأول من شهر رمضان الذي عرف ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة توافد عدد قياسي من المواطنين على هذا المكان،نفس العدد يتم تسجيله كلما كانت درجة الحرارة مرتفعة. ولكون شهر رمضان الأبرك قد حل هذه السنة مع فصل الصيف،فإن أغلب الساكنة تغادر منازلها ليلا بعد يوم كامل من العمل داخل البيوت أو داخل الإدارات،بحيث منها من يلجأ إلى منتجع "الكورنيش " المتواجد وسط المدينة والذي تصطف بجنباته للاستمتاع بمنظر مياه البحر وبالسفن البحرية التي تنتشر وسط المياه منتظرة دورها قصد ولوج ميناء آسفي،ومنها من يلجأ إلى كورنيش سيدي بوزيد. " كنجيو لهاد الكورنيش لي وسط المدينة باش نبدلو الجو شي شويا،أوراك عرفتي آسفي ما كاين فين تمشي فيه،سيدي بوزيد بعيد علينا،اللهم هنا اولانمشيو لقهاوي،غاديا تقتلنا غير ريحت الكارو " يقول أحد الشباب الذي كان رفقة فتاة يستمتعان ذلك الليل بمنظر مياه البحر. وإلى جانب الأماكن المطلة مباشرة على البحر،هناك مواطنون آخرون يختارون التجوال في الشوارع بعدما يكونوا قد تناولوا وجبة الفطور المسفيوي والتي غالبا ما تتكون من السمك الغني بالفيتامينات والبروتينات باعتبار المدينة ساحلية وغنية بشتى أنواع السمك،إلى جانب " الحريرة " أو الحساء الأبيض المعد من سميدة القمح،وسميدة القمح المفسخ الممزوج بالحليب،وحلويات" المخرقة " والشاي المنعنع،والحليب الممزوج بالبن،ومادة " سلو"،والبيض المسلوق،والتمر.ولكون هذا الشهر يزداد الإقبال فيه على التدين من طرف أغلبية المواطنين،فإن شريحة مهمة من المواطنين يجدون راحتهم في تأدية صلاة العشاء والتراويح وقراءة القرآن الكريم،حيث يضطر هؤلاء ومباشرة بعد تناولهم لوجبة الفطور إلى التوجه على شكل جماعات صوب المساجد والتي غالبا ما يتم اختيار بعضها قصد تأدية التراويح،ومنهم من يقصدها قبل ساعة تقريبا عن موعد الصلاة ليتسنى له الظفر بمكان في الصفوف الأولى،كما أن هناك بعض المساجد التي أصبحت معروفة بتوافد المصلين عليها بشكل كبيرا كمسجد السنة المتواجد في قلب المدينةالجديدة،والمسجد الكبير بالمدينة القديمة،ومسجد بدر بحي أناس،ومسجد المطار،ومسجد الشيخ أبي محمد صالح المقابل للكورنيش،والمسجد الذي بني مؤخرا من طرف أحد البرلمانيين بسيدي بوزيد،بحيث يبرر المصلون اختيارهم لهذه المساجد في كون أئمتهما أغلبهم شباب ذوو خاصية فريدة من نوعها في ترتيل القرآن بأصوات جميلة،وتطبيق سليم لقواعد قراءة القرآن. المقاهي بدورها لم تسلم من الأعداد الكبيرة للمواطنين الذين يتوافدون عليها في هذا الشهر المبارك،ما يضطر بأصحابها إلى احتلال الملك العمومي بزيادة الكراسي في المساحات المقابلة لها،حتى يتسنى لهم امتصاص هذه الأعداد الكبيرة من الزبناء الذين غالبا ما يقضون الفترات الليلية في لعب" الكارطة"،والتحدث في مواضيع مختلفة.ومن المقاهي من أصبح أربابها تعاقدون مع بعض المطربين الشعبيين المتحدرين من مدينة آسفي لتنظيم سهرات ليلية على طول شهر رمضان،حيث يضطر الزبون إلى تأدية ثمن المشروبة زائد ثمن الفرجة حتى يتسنى له قضاء الوقت هناك،وغالبا ما تملأ هذه المقاهي عن آخرها بالشباب والشابات الذي يظلون يرقصون ويغنون.ظاهرة أخرى استفحلت بشكل كبير خلال شهر رمضان وبالضبط في المنطقة الجنوبية لآسفي وذلك بإقدام مجموعة من الشباب على وضع طاولات عند ملتقيات الطرق بالشوارع والأزقة وضعت عليها قوالب السكر و"صينية "،ثم يستنجدون بالمارة والراكبين قصد مساعدتهم ببعض الدريهمات من أجل جمع مبلغ مالي يتم منحه إلى إحدى المجموعات الغنائية الشعبية التي ستؤدي أغانيها في الحي مباشرة بعد صلاة العشاء إلى حدود وقت السحور،وهو الأمر الذي يجعل ساكنة هذه الأحياء تقضي الليل في الاستمتاع بهذه الأغاني.ولوحظ خلال هذا الشهر توافد ساكنة المنطقة الشمالية لآسفي بشكل كبير على شارع "س" بالقرب من القصر الملكي للجلوس هناك لتبادل الحديث واتقاء شر حرارة البيوت بعدما تمت تهيئته مؤخرا ،نفس الأعداد الغفيرة من الشباب والشابات تعرفها ساحة محمد الخامس المتواجدة قبالة مقر عمالة آسفي هناك يتواجد "الطجين" الكبير الذي تشتهر به مدينة آسفي. ومن بين العادات والتقاليد التي بدأت تزول حسب تصريح أدلى به للجريدة رجل مسن تبادلنا معه أطراف الحديث تلك المتعلقة بالطقوس التي كانت تعيشها الأسر عند صوم الأطفال الصغار لأول مرة،بحيث كان الطفل الصغير الصائم عند حلول موعد الإفطار تقوم عائلته بوضع " دملج" من الفضة على فمه،ثم يتم تقديم الماء إليه بواسطة خاتم أو ملعقة من مادة الفضة،ومن العائلات التي كانت تقدم لأطفالها الماء عن طريق غشاء " الحلزون"،لكن ودائما حسب تصريح الرجل المسن هذه العادات قد زالت بشكل كلي.ومن بين العادات أيضا ما يسمى ب" حمام السبيل" الذي كان تتمة عملية الغسل فيه يومي 25 و26 من رمضان عندما تقدم المشرفات عليه بدعوة نساء وبنات الحي للاغتسال فيه بشكل مجاني أي في سبيل الله بمبرر أن ذلك سيساعد الفتيات العازبات على الزواج، ما يضطر بالمعنيات بالأمر إلى حمل معهن هدايا للمشرفة على الحمام والتي تتكون هذه الهدايا في غالب الأحيان من النقود والسكر. وكانت العائلات المسفيوية وعند رؤيتها هلال شهر رمضان تقصد أحمد الفلكي باعتباره مؤقت المدينة ليسلمهم نسخا من مواقيت الصلاة في الشهر المبارك،كما تعرف الحمامات ذلك الليلة توافد عشرات المواطنين والمواطنات للاغتسال قصد استقبال هذا الشهر المبارك.وتشكل ليلة القدر أهم ليلة في شهر رمضان من خلال إقدام النساء والبنات الصغار على وضع مادة " الكحل" على عيونهن ومادة " السواك" في شفاههن مع ارتدائهن لأبهى ملابسهن،ثم تذهبن صوب المساجد لتأدية صلاة التراويح،بحيث يضطر المصلون إلى تأديتها في مختلف المساجد إلى حدود موعد السحور،كما أن جل المساجد تأخذ حلة جميلة في هذه الليلة وذلك بتزيينها بالرايات والمصابيح المختلفة الألوان،كما تنبعث منها روائح البخور الطيبة،ليتم في اليوم الموالي أي يوم 27 رمضان الذهاب إلى المقابر قصد زيارة الموتى بعدما يحمل الزوار التمر والخبز والماء الزهر مع توزيع النقود على الأطفال الصغار الذين يتوافدون على هذه المقابر وعلى المساكين الذين يرابطون بجنباتها.ويعتبر يوم 26 رمضان اليوم الذي تشجع فيه الأسر أبناءها البالغين عشر سنوات على الصوم،ثم يأخذونهم إلى أضرحة بعض الأولياء الصالحين لزيارتها كضريح زينب الكوابلية و ضريح للا موعلي و ضريح الشيخ محمد أبي محمد صالح،أما يوم 28 من رمضان فيشرع فيه في إخراج زكاة الفطر التي تقدم للمساكين والمحتاجين،كما يتم تهييء الحلويات قبل انتهاء رمضان بيومين تقريبا استعدادا لفرحة حلول عيد الفطر وغالبا ما تتكون حلويات هذا العيد من " الكعك وكعب الغزال والمخرفة والمسمن والمقروط والمصبان والفطائر...".