كان بودي ان اعفي نفسي من الدخول في هذا النقاش الذي يعودبنا الى طرح ادبيات المبتدأ والخبر، لاني بكل بساطة كنت اظن ،وبعد كل ما وصلنا اليه من احتقان اجتماعي وسياسي وما نمربه من أوضاع اقتصادية صعبة ترخي بظلالها على فئات واسعةمن المجتمع ، وما صاحب هذا وذاك من نقاشات ومن تفاعل للكثيرمن النخب الفكرية والثقافية والسياسية من داخل الدولة والمجتمعتجمع على نقد الأوضاع و تقر بفشل السياسات العمومية فيإحقاق مطالب المجتمع في التنمية والديمقراطية والعدالةالاجتماعية .أن النخبة المتحكمة في مركز القرار، قد استلهمتالدروس وأدركت ما يحيط بالوطن من مخاطر، وأنها تجاوزتمنهجيتها التقليدية في التفكير التي تحولت الى حطام يصلحفقط لتأجيج نار الأزمة التي يمكن أن تطال الجميع .وانها قدانتقلت الى مستوى صياغة الجملة الفعلية التي تتطلب إجراء ماتم طرحه من مواضيع و قضايا تهم مصلحة الشعب والوطن ،بدلالركون الى مستوى المبتدأ والخبر في علم السياسة الذي يقتصرعلى التدبير اليومي للأزمة والارتهان الى المقاربة الأمنية لإخضاعالمجتمع لسيطرتها ولحل الأزمات الاجتماعية وما يصاحبها مناحتجاجات جماهيرية . أقول قولي هذا انطلاقا مما رصدته من فقر فكري وسياسي لنخبنا الحاكمة التي يبدو أن خوفها من فقدان ما راكمته منامتيازات ومصالح لعقود من الزمن، قد حجب عنها زوايا النظر،فلم تعد تسمع ولا ترى إلا من زاوية مصالحها الضيقة، ودون انتتلمس ما يشهده المجتمع من تحولات في وعيه الجمعي الذي تجاوز الدولة ومؤسساتها ، فأصبح يتابع بتهكم تارة وبلا مبالاةتارة أخرى، ما يطبخ من سيناريوهات لا تعمل الا على تمديد حالةالفساد والاستبداد .ولكي اوضح اكثر لابد من محاولة للغوصفي طريقة تفكير هذه النخب الحاكمة ،لانها فعلا تستحق منا عناءالدراسة كحالة يائسة عصية الفهم لما يجري من حولنا منتغيرات وتحولات عصفت بالكثير من الانظمة السياسية في دولالجوار ، بل لم تستفد حتى مما يقع داخل الدولة الفرنسية كدولة راعية وضامنة لما تتمتع به هذه النخبة الحاكمة من مصالحوامتيازات، وهي الدولة التي رضخت للكثير من مطالب الستراتالصفراء وأطلقت في سابقة بالنسبة للتاريخ الفرنسي المعاصرورشات للنقاشات العمومية حول الكثير من القضايا التي تهمالمجتمع الفرنسي، بما فيها إعادة طرح سؤال التنمية والديمقراطية والجهوية الخ … .هذا في الوقت الذي تتمادى فيهنخبنا الحاكمة في اعتماد نفس المقاربة التقليدية في الحكم التيتعود الى بدايات الاستقلال، بعد ان فشلت عن تقديم نفسها بديلا للرعيل القديم، ليس كوجوه جديدة ، بل بأفكار وتصوراتسياسية ، وغير مدركة لما يشهده المجتمع المغربي و العالم منحولنا من ارتجاجات وذلك من خلال الوقوف عند عنصرين يبدوان لي مهمين لفهم طريقة التفكير عندها. 1/ النخبة الحاكمة ونظرية المؤامرة. يبدو أن نخبنا الحاكمة ينطبق عليها تحليل الكاتب والمؤرخالأمريكي daniel pipes الذي ورد في كتابه "اليد الخفية.الشرق الاوسط والتخوفات من المؤامرة" التي يرى من خلاله انطبيعة الاستبدادية للأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي والعربي، هي من جعلها تعتمد نظرية المؤامرة التي تعفيها من البحثعن الأسباب العلمية لحقيقة أوضاعها ،والتنصل من مسؤولياتها،من خلال إلقاء اللوم على قوى خارجية او حتى خرافية. ان هذا التحليل ينطبق الى حد ما على نخبنا المتحكمة فيالسلطة السياسية والاقتصادية ،و التي لا ترى في ما يشهدهالمجتمع من احتجاجات مطلبية مشروعة ألا مؤامرة تنسجخيوطها أطراف خارجية . ومن هنا يمكن فهم تجاهلها لواقعالازمة المركبة التي يشهدها المجتمع المغربي ، وكذلك فهم ما وردمن اتهامات للمات من نشطاء الحراك المعتقلين التي تشكك فيولائهم للوطن، وتتهمهم بالعمالة للأجنبي ،وهي نفس التهم التي بصمت محاضر المعتقلين السياسيين المعارضين على امتدادالتاريخ السياسي المغربي المعاصر ، وذلك أعمالا لنفس النظرية القائمة على المؤامرة التي تحولت " إلى مسالة ايمان بدلا مندليل " حسب قول العالم السياسي مايكل باركون ، وهو ما يجعلاعتقادها الراسخ بها يغلق لديها اي امكانية للاجتهاد والنقدالذاتي . أقول قولي هذا لاني فعلا وجدت صعوبة في فهم واقع نخبناالحاكمة ،وطريقة تفكيرها التي رغم إقامتها الطويلة في البلدانالديموقراطية الأوروبية والتكوين الذي تلقته في معاهدها، إلاأنها في بلدها الأصلي تابى الا ان تفكر وتمارس الحكم بطريقةتقليدية موروثة عن اسلافها ،ولا تستحضر ما يقع من تحولاتاجتماعية وسياسية ،ولا تستمع لضمير الشعب وما يعبر عنه منامتعاض من واقعه المعيشي المرير ،الذي هو نتاج تدبيرهاالسيء لمجمل السياسات العمومية التي راكمت من الاخفاقات مايكفي لأن تدفع المرء الذي يحتكم للعقل والمنطق السليم ، إلى مراجعة طريقة تفكيره وتدبيره للشأن السياسي العام. وأن يكفعلى اعتبار أن تدبيره لحالة الاحتقان الاجتماعي التي عبرعنها المجتمع من خلال حركة 20 فبراير سنة 2011 ولا من خلالالحراك الشعبي الحالي انجازا ، هذا في الوقت الذي يعلم كلمتتبع لواقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي أن شروطتأجيجه لا زالت قائمة، بل و تزداد شدة واحتقانا ، إيذانا بأنالقادم سيكون عنيفا ووبالا على الجميع .وبذلك سيكون ما تماعتباره من طرف هذه النخب الحاكمة استقرارا وامتيازا للمغرب عن باقي دول المنطقة ، التي عاشت ولا تزال على وقعاهتزازات اجتماعية وسياسية عنيفة، اسقطت انظمة ودولا سوى استقرارا هشا ،واحتواء مؤقتا لواقع الأزمة الذي يزداد تفاقما. وبالتالي تكون بتماديها في أعمالها مقاربتها الترقيعية لحل الأزمات الاقتصادية واعتمادها المقاربة الأمنية لحل الأزماتالسياسية والاجتماعية قد فوتت على المغرب إمكانية خلق شروطاستقرار سياسي واجتماعي حقيقي منذ سنة 2011 ، او حتىقبل ذلك بكثير ، ينقل البلد من منطقة الخطر الذي يحدق به ،وذلك من خلال تشخيص الأسباب الموضوعية الكامنة وراء الاحتجاجات الشعبية ،والاستماع لنبض الشارع من أجل طرح الحلول الجريئة لمعالجة ما نحن عليه من أوضاع، حتى وان كانتعلى حساب بعض الامتيازات والمصالح الخاصة التي راكمتها لعقود من الزمن ،من داخل نظام حكم سياسي فاشل وأن له انيتغير، لأن في استقرار الوطن وسعادة الشعب قوة الدولة والنظام، ولكون مصالح الأوطان تسمو على المصالح الخاصة. لكن ورغم كل هذه الاحتجاجات ،وارتفاع منسوب الكراهية ازاءالدولة ومؤسساتها والتقارير الدولية التي تنذر بقرب حدوث الكارثة، والانتقادات الموجهة من طرف الكثير من النخب الفكريةوالسياسية الغيورة على مصلحة الوطن، والغليان الاجتماعيوالسياسي الذي يشهده محيطنا الإقليمي والدولي ،ورغم كل هذاوذاك إلا أن نخبنا المتحكمة في صنع القرار، لا زالت متمادية فيانتهاج مقاربتها التقليدية في الحكم والسلطة القائمة على إنكارالواقع ،وما يحبل به من عناصر موضوعية داخلية متفجرة، تأبىإلا ان تنسبها لفعل فاعل حتى تنأى بنفسها عن المسؤوليةالاخلاقية والسياسية لما يعيشه المجتمع من أزمات نتيجة تدبيرهاالسيء للشأن العام السياسي والاقتصادي. انها فعلا بتبنيها لنظرية المؤامرة ،تزداد انغلاقا على نفسها،وتتجنب البحث عن حقيقة المشاكل التي تمر بها البلاد، وتعفينفسها من المحاسبة عن ما تقترفه من أخطاء.وهي بذلك تكثفمقولة roger cohen بكون نظرية المؤامرة "هي الملاذ الأخيرللضعفاء."
2/ النخبة الحاكمة و تدبيرها لشؤون الحكم والدولة في سياق منهجيتها القائمة على التنصل من المسؤولية الأخلاقيةوالسياسية عن واقع الازمة المركبة ، وانسجاما مع فهمهاالميكافيلي للسياسة كألية للتحكم والاستمرارية في السلطة بغضالنظر عن ماهية الوسيلة ، نجد أن نخبنا المتحكمة في مراكزالنفوذ والقرار لازالت مستمرة في تدبيرها السيء للشان العام .ولازالت تشتغل وفق الميكانيزمات التقليدية ، بل اكثر من هذاوبالرغم من محاولة التخلص من ارث الماضي المرتبط بمرحلة الراحل الملك الحسن الثاني سواء ما تعلق منها بماضيالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عبر اطلاق مبادرةالإنصاف والمصالحة والعدالة الانتقالية ، او من خلال إنهاءصلاحية حكومة التناوب التوافقية التي كان يترأسها الأستاذعبد الرحمن اليوسفي ،والعمل على تأسيس مشهد حزبي جديد يترجم توجهات وطموحات النخب الحاكمة الجديدة ممثلا فيحزب الأصالة والمعاصرة ،الذي أريد له أن يشكل قاطرة للعملالسياسي للمرحلة الجديدة عبر تهيئه لترأس الحكومة، وفي نفسالآن مواجهة المد المتواصل لحركات الإسلام السياسي التيهيمنت ولا تزال على نتائج كل استحقاق انتخابي لأكثر منتجربتين متتاليتين .فضخت الدولة الكثير من الإمكانيات المادية واللوجيستيكية في المولود الجديد، وطعمته بمناضلين كانوامحسوبين الى امد قريب على صفوف القوى التقدمية واليسارية،وذلك في تكرار لنفس المنهجية التي تم الاشتغال بها في العهدالقديم الذي عملت على انتقاده ولو بشكل غير مباشر ،من خلالإطلاقها لتجربة العدالة الانتقالية التي تقر ضمنيا بما مارسه هذا العهد من انتهاكات جسيمة ملازمة لأنظمة الحكم الاستبدادية. .وهو ما يعكس عدم قناعتها بالتغيير المطلوب للاجابة على تحدياتالمرحلة وما يختزنه المجتمع من احتقان ونزوع نحو الحريةوالديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بل عملت على تكرار نفسالتجربة السابقة مختزلة بذلك علم السياسة في الدولة وما يتشكلمنها من مؤسسات وجب الحفاظ على استمراريتها بكل الوسائلحتى وإن كانت ظالمة وغير عادلة، وذلك على حساب المجتمع الذييشكل العنصر الثاني الثابت في نظريات العلوم السياسية منذعصر أفلاطون ،الذي اعتبر العدل أساس الحكم وهو الفيصلبين الحاكم الفيلسوف والشعب ،بغض النظر على طريقة تقسيمهلطبقات المجتمع . وهو العنصر المغيب عند نخبنا المتحكمة فيالقرار السياسي والاقتصادي التي تعرف السياسة كفن لإتقانالمكر والخديعة ،وإن السلطة والحكم حق شرعي للاقوياء علىالضعفاء وذلك في تماهي تام مع مفهوم السوفسطائيينللسياسة، وفي تناقض مع مفهوم أرسطو ومن بعده تلميذهأفلاطون الذي اعتبر أن تبوء الحكم والسلطة يجب ان يستند الىقوة العقل والحكمة وليس الى البطش وقانون الغاب، وهو مايجعل من السياسة بالنسبة إليه علما متصلا بالأخلاق والقوانين. اذن من خلال فهمها الضيق هذا للسياسة فهي بحاجة فقطالى تقنيين وليس الى منظرين سياسيين ينبهون الى انحرافاتالدولة ومؤسساتها من خلال الإنصات لنبض المجتمع وما يختزنهمن هموم واحساس بالظلم والمهانة، او ما يصبو اليه من طموحاتقوامها العدل والحرية والمساواة أمام القانون . .ومن هنا يأتيفهم ما تطبخه هذه النخب المتحكمة في مراكز القرار منسيناريوهات تقليدية تعود إلى العهد القديم ، كل همها هو ضمان التحكم في مؤسسات الدولة بغض النظر عن ما يعتريها من ظلموفساد. وحتى وإن لزم الأمر إعادة أحياء نفس الممارسات القمعية السالبة للحقوق والحريات ، والرجوع الى نفس الأدوات السياسية التي تم استعمالها في مرحلة سياسية سابقة ، والتي تمت محاكمتها ولو بشكل غير مباشر من خلال تجربة العدالةالانتقالية نظرا لكونها كانت شريكة في السلطة التي ارتكبتأفظع الانتهاكات. يبدو أن نخبنا الحاكمة قد أفلست فعلا من خلال تبنيها لهذهالمقاربة التي ترتكن إلى نظرية المؤامرة في تدبير للشأنالسياسي ، وتجعل من السياسة فنا للإيقاع بالخصوم والمعارضين، وليس علما لتقويم انحرافات الدولة و الاختلالات القائمة بينها وبين المجتمع. انها فعلا فشلت من حيث ابتدأتحين قدمت نفسها بديلا في إطار ما أطلق عليه بالعهد الجديد. واذ بها تعود بنا الى كل ممارسات وسلوكيات العهد القديم ويمكناستحضار ثلاثة عناصر دالة على هذا الفشل: أ/في شأن إنهاء تجربة حكومة التناوب التوافقية يمكن القول أن السياقات التاريخية والسياسية التي تمخضتعنها حكومة التناوب التوافقية سنة 1998 كانت فرصة ملائمةلإنجاز انتقال ديمقراطي حقيقي .كما أنه و بالرغم من كلالانتقادات والمؤاخذات التي وجهت لها على كونها انتصرت لمنطقالتوافقات وليس التعاقدات الملزمة للدولة والمجتمع عبر دستورديمقراطي انتقالي ،إلا أنها كذلك اتسمت ببعض الإيجابياتالتي أنعشت آمال الكثير من المغاربة في الإصلاح السياسيوالاقتصادي ، وتخليق الحياة العامة .لكن النخب الجديدةالمتحكمة في دوائر صنع القرار لم تكن مستعدة لإحداث التغييرالمطلوب خاصة في غياب ما يلزمها دستوريا ولا قانونيا ، فعمدتالى الاجهاز على حكومة التناوب التوافقية كأول مؤشر سلبي فياختبار النوايا ، وإفراغ ما طرحته هذه الحكومة من مشاريعاصلاحية من مضامينها ، وتعيين وزير أول من التكنوقراط فيأنتظار تهييء المولود السياسي الجديد. وذلك رغم أن الحزب الذي يرأسه الوزير الأول أن ذلك كان قد تصدر الانتخابات التشريعيةلسنة 2002 وهو ما يمكن اعتباره كأول انقلاب من طرف النخبةالجديدة على المنهجية الديمقراطية.مؤذنة بعودة المنهجية السابقةفي تدبير شؤون الحكم والسلطة ، لكن هذه المرة بمنطق القطع معأحزاب الحركة الوطنية التي شكلت عنصرا أساسيا في تاريخالممارسة السياسية لمغرب ما بعد الاستقلال، وتهميش دورهاالتاريخي الذي انتهى بالنسبة لها مع انتقال العرش الى ملكالبلاد الجديد محمد السادس، وهو ما يمكن اعتباره خطأ غيرمحسوب العواقب خاصة وان هذه القوى ورغم ما يمكن انيسجله المجتمع عليها من تقصير في انجاز عملية الانتقال إلىالديمقراطية بعد ان أضاعت على الشعب المغربي فرصا تاريخيةكثيرة ، الا انها كانت تتمتع بالحد الأدنى من الغيرة على الوطن ،كما ان ولائها للعرش والملك ،رغم الصراع الذي طبع علاقتها بهفي محطات تاريخية معينة، لم يكن موضع الشك والتخمين. ب / في شأن العدالة الانتقالية. نعلم جيدا أن هذا الورش لم يكن مبرمجا من داخل حكومة التناوبالتوافقية ، لكن نعرف كذلك أن هذا الورش كان قد قطعت فيهوعود كثيرة من أعلى سلطة في الدولة ليشكل تتويجا لمجهوداتالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وذلك بمشاركة فعالة منطرف الكثير من الفعاليات اليسارية والتقدمية ومن ضمنها تلكالمحسوبة على الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، والتي اعتقدت عنحسن نية بالعهد الجديد وأنها فرصة تاريخية للانتقال الىالديمقراطية بما تعنيه من قطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمةلحقوق الإنسان ، ومقدمة للتأسيس الفعلي لدولة الحق والقانون. .في حين اعتبرها رجالات الدولة الجدد على كونها مناسبة للقطعمع الإرث الثقيل في مجال الحقوق والحريات الذي ارتبط بالمرحلةالسابقة، وتبييضا لصفحة العهد الجديد.وبما أن الأهداف لم تكننفسها فقد تم افراغ هذه التجربة من محتواها ابتداء يومتأسيسها في يناير 2003 حتى الإعلان عن توصياتها النهائيةالتي بقيت حبيسة الرفوف لما يقارب الخمس سنوات.قبل انتتحول الى نصوص جامدة في دستور 2011 بعد انتفاضة 20 فبراير من نفس السنة وليبدء معها فصل جديد من فصولالانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان سواء مع نشطاء هذهالحركة او مع نشطاء الحراك الشعبي بالريف وباقي الوطنلاحقا، وهو ما يؤشر على غياب إرادة الإصلاح والتغيير عندالنخبة الجديدة ويدفعنا اكثر للتساؤل حول جدوى إحداث هيأةالإنصاف والمصالحة إن لم تكن مقترنة بالانتقال إلى نظام حكمديمقراطي كضمانة لعدم التكرار . ت/النخب و تدبيرها للشأن الانتخابي . صحيح ان الانتخابات هي من العناصر المؤثثة للعمليةالديموقراطية شريطة أن تكون حرة ونزيهة ،وتتسم بالتنافسية بينالفرقاء السياسيين على أساس البرامج. هذا في الوقت الذيعلى الدولة أن تقف موقف الحياد والمراقب لضامن نزاهتها.لكنعندما نستحضر التجارب الانتخابية السابقة وما اتسمت به منتدخل للدولة من أجل التأثير في نتائجها لصالح حزب الأصالةوالمعاصرة ، وكذلك ما يطبخ الآن من سيناريوهات في الغرفالمغلقة للانتخابات المقبلة ،التي يبدو أن النخب الحاكمة الجديدةقد حسمت أمرها بالرجوع الى التركة القديمة لعهد الملك الراحلالحسن الثاني، بمنح الصدارة لحزب الأحرار في الاستحقاقاتالتشريعية لسنة 2021 وذلك في إشارة واضحة لفشل الرهانعلى حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس بإيعاز منها بعدفشله في تصدر نتائج الانتخابات التشريعية السابقة لسنة 2016 والذي يعكس فشلا ذريعا لطريقة تفكير النخبة السياسيةالحاكمة ، وليس فقط لحزب الأصالة والمعاصرة الذي وقع كلاللوم عليه ،و ذلك في إشارة واضحة على نيتها الاستمرار فينفس النهج القديم ،و على عزمها التدخل في شان الاستحقاقات التشريعية المقبلة ،متناسية ان تدبير الشأنالسياسي لا يمكن اختزاله في العملية الانتخابية أو وما تستلزمهمن مكائد لضمان تحكمها في المؤسسات حسب فهمها التقليديللممارسة السياسية. وانها بفهمها هذا ، واستمرارها على هذاالنهج و رهانها عليه ،ستفشل حيث فشلت مع حزب الأصالةوالمعاصرة.وأن حزب العدالة والتنمية ومعها باقي أطياف حركاتالإسلام السياسي ستتصدر من جديد أي استحقاق انتخابيمستقبلي، ليس لكونها تحظى بثقة عموم الشعب، او لنجاعةبرامجها من داخل مسؤوليتها الحكومية ، بل لثبات قاعدتها الانتخابية التي تزداد توسعا من خلال تحكمها في مؤسساتالحقل الديني، ومؤسسات اجتماعية أخرى ، في مقابل التدنيالمضطرد لنسب المشاركة الشعبية في الانتخابات التي فقدتجدواها عند غالبية الشعب المغربي الذي فقد الثقة في الدولةوالاحزاب والمؤسسات.وبالتالي كان على الممارس للسياسة فيالوضع الحالي من النخب المتحكمة في دوائر صنع القرار، انيعالج الأسباب الحقيقية الكامنة وراء فقدان ثقة المجتمع منالعملية السياسية، عبر إطلاق النقاشات العمومية حول الاوراشالكبرى التي تهم الشعب المغربي في أفق إصلاحات سياسيةودستورية تؤسس لانتقال ديموقراطي حقيقي ، والعمل علىاطلاق سراح نشطاء الحراك الشعبي بالريف وجرادة وزاكورة وماتبقي من معتقلي حركة 20 فبراير. أما الاستمرار في المقاربالتقليدية لتدبير أمور الدولة و المجتمع، فلن يزيد الأوضاعالاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلا تأزما وفي الأزمة تنتعشكل أشكال التطرف ويتوسع مجال فعل حركات الإسلام السياسيالتي يبدو لي أنها ستتصدر المشهد السياسي في المرحلة المقبلة.