ما إن أطلقت شركة “واتساب” خدمة المكالمات الصوتيّة المجانيّة حتى لاقت صدى طيّبًا لدى المستخدمين الذين تخطّى عددهم النشط الثلاثمئة مليون مستخدم، بحسب إعلان “فيسبوك” في يناير/كانون الثاني الماضي. ومع أنّ التطبيق ليس الأول من نوعه الذي يُطلق هذه الخدمة، لكنّ مستخدميه حول العالم أظهروا “هستيريا” في التعامل مع إطلاق الميزة، رغبةً منهم في الحصول عليها. الخدمة ما زالت تجريبية و“مكالمات واتساب” لا تزال تجريبيّة. والشركة لم تُطلقها رسميًا، إلا أنّها متوفّرة على الأجهزة العاملة على نظام “أندرويد”، وهي مُتاحة وفق نظام الدعوات. أي إنّ من لديهم الخدمة فقط يستطيعون تشغيلها لمن يُريدونها، بعد الاتصال بهم. وأعلن المؤسس المشارك في خدمة التراسل الفوري “واتساب”، بريان أكتون، أن المكالمات الصوتيّة من التطبيق على النسخة الخاصة بنظام التشغيل “آي أو إس” الذي يُشغّل هواتف “أيفون” آتية خلال أسابيع. شركات اتصالات تحجبها وتعمل خدمة مكالمات “واتساب” وفق بروتوكول الصوت عبر الإنترنت VOIP. ودفع إطلاقها التجريبي بعض الدول وشركات الاتصالات الكبرى في العالم العربي، إلى “التنبّه إلى خطورة ذلك عليهم”، فعملوا على حظر استخدام هذه الخدمة، لما يترتّب على ذلك من خسائر ماليّة ضخمة الناتجة عن إقبال المستخدمين عليها. وكانت دولة الإمارات أوّل من قامت بحجب هذه الخدمة، عبر بيان صدر عن الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات. كما أشارت صحف سعوديّة إلى أنّ المملكة ألغت أيقونة الاتصال من تطبيق “واتساب”؛ وذلك بالتعاون مع شركات الاتصالات المرخّص لها؛ حفاظًا على حقوقها وحرصًا على روح المنافسة في سوق الاتصالات في المملكة. كما نشرت وسائل إعلام مصريّة رسالةً تؤكّد أنّ شركة “فودافون” للاتصالات، طلبت من وزارة الاتصالات المصريّة حجب هذه الخدمة؛ وذلك “لما فيها من أضرار ماديّة على الشركة”. ويؤكّد الرئيس التنفيذي لشركة “الإمارات للاتصالات المتكاملة” (دو)، عثمان سلطان، أنّ الشركة ملتزمة بمنح الشركات المرخّص لها أولويّة تقديم مثل هذه الخدمات عبر شبكاتها، وفق ما صدر عن الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات. ويُضيف عثمان في حديث ل “العربي الجديد”: “شركة واتساب غير مرخّص لها في الإمارات”. أمّا عن إمكانيّة تراجع الهيئة عن هذا القرار، فيقول: “لكلّ حادث حديث”. إقرأ أيضاً: الإمارات تحجب مكالمات “واتساب”.. ومصر قريباً لبنان على طريق الحجب لا يزال استعمال خدمة المكالمات الصوتيّة في لبنان خجولاً. لكنّ مدير عام شركة “تاتش” للاتصالات في لبنان، وسيم منصور، يُرجّح أن يرتفع حجم الاستخدام في المستقبل. ويقول منصور ل “العربي الجديد”: “استعمال الخدمة سينعكس سلبًا على إيرادات شركتي الاتصالات اللبنانيّة “تاش” و”ألفا”… إلاّ أنّنا كشركة “تاتش” نستعدّ بما لدينا من علاقة مباشرة مع شركة “واتساب” سنرى كيف يُمكننا أن نتفادى تأثير هذه الخدمة على إيرادات الشركة”. ويوضح منصور أنّ لشركة “تاتش” خدمات خاصة بمشتركيها عبر تطبيق “واتساب”. ويشرح منصور النتائج الماديّة المترتّبة على هذه الخدمة، ويقول: “عندما يستخدم الأشخاص الاتصالات الصوتيّة عبر “واتساب” لن يستعملوا المكالمات الصوتيّة المدفوعة عبر شبكتنا، وهذا سيؤثر على الإيرادات الرئيسيّة للشركة فيمكن للمستخدم أن يتحدّث عبر شبكات ال “واي فاي”، وليس من خلال خدمات الإنترنت التي نوفّرها له عبر خطوط الهاتف أو الشرائح المخصّصة لخدمة البيانات والإنترنت، وعندها ستنعدم الإيرادات الماديّة”. وعن أنّ خدمة VOIP ممنوعة في لبنان، يقول منصور: “إن كانت كذلك فعلى السلطات اللبنانيّة المعنيّة اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا الموضوع”. ويُضيف: “هناك دول عربيّة حجبت تطبيقات عدّة تُقدّم خدمة الاتصالات المجانيّة ك “فايبر” وغيره، لكن في لبنان لا أحد يوقف مثل هذه الخدمات”. VOIP ممنوعة في لبنان لبنان يمنع أي خدمة اتصالات مجانية تعمل باستخدام بروتوكول الصوت عبر الإنترنت VOIP، وفق القانون. وتوضح رئيسة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية، الرائد سوزان الحاج، أنّ “هناك تطبيقات تُقدّم VOIP ولم يعد بالإمكان السيطرة عليها في بلدان عدّة”. وتشرح الحاج أنّ “خدمة مكالمات واتساب ممنوعة قانوناً في لبنان، لكنّ الجميع يستخدمها”. وتضيف: “لا يُلاحق أي مستخدم لمثل هذه الخدمات، بالإضافة الى أننا لا نملك الإمكانات والأجهزة للقيام بذلك”. وتقول الحاج: “قامت بعض الدول العربيّة بإقفال خدمات الVOIP وأعادت فتحها؛ لأنّها لم تتمكن من السيطرة على مستخدميها؛ إذ بإمكان المستخدم التخفّي والاحتيال على الدولة، ويستعمل الخدمة بشكل بسيط، حينما يعتمد على الظهور كأنّه خارج الدولة، وهذا ليس بالأمر المعقّد”. وتتابع: “نحن لا نتعامل مع هذا الموضوع على اعتبار أنّ كلّ مستخدم من الVOIP بمثابة سارق للأموال العامة، وبالتالي تصبح المسؤوليّة على كاهل مكتب تبييض الأموال و”أوجيرو” لأنّ هذه الخدمة لا تعتبر ضمن نطاق جريمة المعلوماتيّة”. وتضيف: “ولكن عند وقوع أي جريمة، ويكون العمل وفق طرق وقوانين مختلفة فقد نلجأ للتواصل مع شركة “واتساب“، لترسل لنا البيانات لتساعدنا على اكتشاف الفاعل وفي الأغلب هم يتجاوبون مع مطالبنا، دون أن نقوم بمراقبة الاتصالات مسبقًا”. إقرأ أيضاً: رونالد اسحق… لبناني عمل في “آبل” ويُطور “واتساب” توفير في قيمة فاتورة الهاتف بعد انتشار خدمات الإنترنت بشكلٍ واسع، وتأمين باقاتٍ لها من شركات الاتصالات، أصبح ربح الشركات محصوراً في المكالمات المدفوعة بشكلٍ رئيسي. وفي هذا الإطار، يكشف الخبير في شؤون الاتصالات الدوليّة الدكتور زاهر ضاوي أنّ “خدمة “واتساب” الجديدة ستخفّض فاتورة الهاتف بنسبة 25 في المائة، حيث إنّ أغلبيّة الأشخاص سيتّجهون إلى الاتصالات المجانيّة؛ مما سينعكس بشكل سلبي على شركات الاتصالات في العالم بأسره”. ويُشير ضاوي، إلى أنّ “الدخل الرئيسي لشركات الاتصالات ناتج عن المكالمات الصوتيّة المدفوعة عبر شبكتها وخدمات الإنترنت، ولهذا سنرى أنّها ستتوجه إلى الهيئات الناظمة لهذا القطاع بالشكاوى على هذه الخدمة، والتي بدورها تدرس الموضوع لتتمكّن من اتخاذ القرار النهائي حول إن كانت هذه المنافسة شرعيّة أو غير شرعيّة/ وعن مدى تأثيرها على عمل الشركات المرخّص لها كما تدرس أيضا إمكانيّة حصر هذه الخدمة عبر الWi-fi فقط”. ويُشير ضاوي إلى أنّه “يمكن لأي دولة مراقبة هذه الخدمة عبر برامج أو أجهزة خاضعة للرقابة والقوانين، حيث توضع على الشبكات الرئيسيّة التي تأخذ منها الدولة الإنترنت لأنّ تلك الاتصالات من الممكن أن تؤثّر على الأمن القومي للبلد في بعض الأحيان”، على حد تعبيره. شروط وقوانين دوليّة من جهة أخرى، يؤكّد الخبير الدولي بشؤون الاتصالات والاقتصاد الرقمي، غسان حصباني، أنّ “استخدام تطبيقات الاتصالات المجانيّة عبر الإنترنت خاضعة لشروط وقوانين دوليّة، ولا يمكن لأيّ شركة اتصالات كبرى المطالبة بحجبها إن لم تكن هذه الخدمة تسبب أي ضرر للمستخدم أو على الأمن القومي، كما يجب على الدولة ألا تستجيب لتلك الطلبات”. وفي حديث ل “العربي الجديد”، يقول حصباني أنّ “سوق الاتصالات عبر الإنترنت سوق مفتوح، ولا يجب منعه في أي دولة لأنّه يُحسّن الاقتصاد الرقمي، ويحفز الشركات الوسطى على منافسة الشركات الكبرى، كما يوفر على المستهلك الكثير من المال، فلا يجب حماية عائدات شركات الاتصالات التقليديّة”. ويدعو حصباني الدول لتحفيز الشركات، وخلق مستوى معيّن من التنافس ومنع أي احتكار في قطاع الاتصالات. ويُضيف: “يكون ذلك عبر تخفيض كلفة المكالمات، فيجب على الشركات أن تجد لنفسها دورًا تلعبه في عالم التكنولوجيا، وخاصةً الإنترنت، وأن تعمل بشكل أفضل على تحسين شبكاتها، والاندماج بشبكات عالميّة؛ مما يُحسّن من القدرة الشرائيّة لديها”. ويُتابع: “ويجب أن يكون هناك إبداع تسويقي جديد لدى الشركات من ابتكار عروض تضمن لها إيراداتها الماديّة التي يمكن أن تخسرها نتيجة الاتصالات المجانيّة عبر الإنترنت، وخاصة الدوليّة منها”.