الآن وقد هيأ الرجاء لنفسه فريقا متميزا يمكنه الاشتغال به لفترة من الزمن، وجب عليه أن ينكب أكثر من أي وقت مضى على المستقبل، لعله ينشئ فريقا جيدا لما سيأتي من الأيام، يضم لاعبين يحيون مدرسة الأب جيكو، ويضمنون لها البقاء. فالأكثر أهمية ليس كما يعتقد البعض هو اليوم، بل المستقبل. والأخير لا يصنع بين عشية وضحاها، مثلما أنه لا يصنع بالجهد والمال فقط، بل بأن يعرف صانعه أين يريد أن يذهب، وكيف، وما هي أهدافه لكل مرحلة من المراحل المقبلة. لنوضح أكثر. رجاء اليوم، الذي يضم 13 لاعبا من أحسن ما جادت به البطولة الوطنية في السنوات الماضية، يمكنه أن ينافس على اللقب بسهولة، وأن يذهب أبعد من ذلك، بحيث يكون حضوره لافتا في البطولات القارية، ولم لا أكثر من ذلك بأن يحضر كأس العالم للأندية، وهو مطلب الجماهير التي تعشق هذا الفريق الكبير. كل هذا ممتاز، ولكن حال الفريق حاليا أشبه ما يكون بشخص لديه قدر كبير من المال، وينبغي عليه أن يفكر في المستقبل، لأنه في حال انشغل فقط بصرف أمواله الكثيرة لاشك سينتفع بها، ولكن ربما يفلس بعد حين إن لم يستثمرها في ما ينميها. إنها قاعدة من ذهب. وبما أن الرجاء سيكون "مرتاحا" لسنتين على الأقل، من حيث موارده البشرية، حتى وإن اختار بعض لاعبيه الحاليين تغيير الأجواء في فترات الانتقال المقبلة، فالمفروض فيه أن يفكر جديا في ما سيأتي، وبشكل خاص في أبناء المدرسة، حتى لا يدخل في دوامة التعاقدات الضخمة كل نهاية موسم. إننا جميعا نود أن تصير لدينا بطولة كبيرة، وهي لن تصير كذلك إلا بفرق جيدة، تمثل مدارس متنوعة، وفي حال ظل الحال على ما هو عليه اليوم، بحيث أصبحت فترة الانتقالات أهم مرحلة في بطولتنا، عوض أن يصير الدخول المدرسي هو الأكثر أهمية، ومعه بطولات الفئات السنية، ونقصد بها بشكل خاص بطولات الشبان والأمل، فسيبقى الوضع على ما هو عليه، وسيتكرر الأمر، وسيتحول الاستثناء، مع مرور الوقت، إلى قاعدة، "واجي فكها يا من وحليتها". إنك عندما تتأمل قليلا في عودة لاعب موهوب مثل محسن متولي إلى التألق مع الرجاء البيضاوي، وهو أمر محمود جدا، وممتع بحق، تكتشف بين ثنايا ذلك أمرا خطيرا، وهو أن هذا اللاعب الذي غاب فترة عن فريقه، لم يجد له من ينافسه على موقعه بعد عودته؛ أي أننا لم ننتج له بديلا، أو على الأقل لاعبا كفئا. أخيرا. كيفما كان الحال، فإن الرجاء، بالصورة الطيبة التي ظهر بها أمام أتلتيكو بلباو الإسباني، سيشعل البطولة الوطنية من بدايتها ولا شك. ونحن لا يسعنا إلا أن نشكره على ذلك، لأنه سيخرج كرتنا من رتابتها، وسيجعل لها طعما خاصا جدا، بحيث سيستدعي الآخرين إلى منافسة قوية.