قد لا يدرك المتتبّع لكرة القدم العالمية الكثير حول منتخب "بوهيميا"، بل و قد لا يدرك البعض أنّ منتخب "بوهيميا" ينتمي للقارّة العجوز و يفرض نفسه واحداً من كبارها. بل و قد يغيب عن الإدراك أيضاً أن منتخب "بوهيميا" توّج بطلاً لكأس أمم أوروبا لكرة القدم سنة 1976، و بلغ قبلها نهائي كأس العالم في مناسبتين، إذ حلّ وصيفاً للبطل في مونديال 1934 و كذا في دورة 1962. "بوهيميا" تعرّف اليوم كمنطقة تاريخية في أوروبا الوسطى، تحتلّ الأجزاء الغربية ومعظم الأجزاء الوسطى من جمهورية التشيك. و كي لا نتيه كثيراً في البوهيمية و معانيها، دعونا نوضّح بالمختصر أن بوهيما ذاك الزمان هي جمهورية التشيك هذا الزمن. "فقبل الحرب العالمية الأولى جمهورية التشيك كانت جزءاً من "الإتحاد الملكي" بين النمسا و هنغاريا، و كانت الجمهورية التشيكية تعرف آنذاك باسم "بوهيميا." (ويكيبيديا) "بوهيميا" اليوم، أو جمهورية التشيك، تقع وسط أوروبا، و لا تطلّ على البحر من أي جهة. لكن و من خلال كرة القدم تمكّنت البلاد من تجاوز الجبال و إختراق الحدود للوصول إلى العالمية من خلال نجوم كرة القدم التشيكية الذي أبدعوا في الملاعب الأوروبية و العالمية. و يبقى أبرز هؤلاء النجوم، صانع ألعاب نادي يوفنتيس الإيطالي بافل نيدفيف الذي ساهم بشكل كبير في صناعة أمجاد اليوفي، و قيادة منتخب بلاده في المونديال و اليورو. و مع إعتزال نيدفيد اللّعب، يبقى اليوم لاعب نادي الأرسنال الإنجليزي طوماس روزيتسكي نجم المنتخب التشيكي الأوّل، إلى جانب الحارس العملاق بيتر تشيك المتوّج أخيراً رفقة ناديه الإنجليزي تشيلسي بلقب عصبة الأبطال الأوروبية أمام بايرن ميوونيخ في معقل هذا الخير أليانز أرينا. و إذا كان الحارس العملاق بيتر تشيك قد نجح في الوصول مع البلوز لأكثر من لقب، فإنّ رهان منتخب بلاده على الوصول معه لمراحل متقدّمة كبير جدّاً. و يعتمد منتخب "بوهيميا' على اللّعب الجماعي من خلال تكامل الصفوف، و اللعب الجماعي، مع تغليب الإندفاع البدني و القتالية على أرضية الملعب. و يحمل منتخب التشيك في ذاكرته الكروية القريبة محطّة تاريخية مميّزة تمتزج فيها الفرحة بالحسرة، والبطولية بالفشل. والحديث هنا عن كأس أمم اوروبا 1996 حين بلغوا المباراة النهائية أمام منتخب ألمانيا الذي حسم اللّقب لصالحه 2-1 بالهدف الذهبي الذي كان قد طبّق لأوّل مرّة أنذاك. الجيل الذهبي للتشيك وقتها أزاح المنتخب الفرنسي بالضربات الترجيحية 6-5 بعدما تعادلا في 120 دقيقة من دون أهداف، وقبله أسقط البرتغال في الدور الثاني، والطليان في دور المجموعات لمّا فاز عليهم 2-1 في مباراة تاريخية للتشيك. وانتظر التشيكيون حتى العام 2004 ليتوهّج نجمهم من جديد في مسابقة أمم أوروبا حين بلغوا نصف نهائي المسابقة، ويغادروا بعدها بصعوبة كبيرة في مباراة مجنونة أمام اليونان بهدف قاتل في الدقيقة 105، ليصل بعدها اليونان النهائي ويتوّج بالبطولة. و خلال يورو 2012 سيجد أصدقاء بيتر تشيك أنفسهم في اختبار لن يكون سهلاً في مجموعة تضمّ روسيا صلبة، ويونان عنيدة، وبولندا منظمة. منتخب "بوهيميا" سيفتتح مشاركته في هاته المجموعة الأولى بمواجهة قويّة أمام روسيا، قبل التحولّ لمواجهة اليونان وبعدها بولندا. و التشيك الذي جاء إلى المسابقة من مباراة الملحق التي كسبها أمام منتخب الجبل الأسود ذهاباً و إياباً 2-0 و 1-0، يراهن على قلب الطاولة خلال يورو 2012، والجمع بين ماضيه البعيد والقريب لبلوغ إنجاز إنتظره البوهيميون كثيراً. يقودهم المدرّب التشيكي و اللاعب الدّولي السابق ميشال بيليك، متسلحين بعزيمته و روح الفريق الجماعية، في انتظار الإضافة النوعية من بيتر تشيك و طوماس روزيتسكي و ميلان باروش، هداف يورو 2004، وياروسلاف بلازل. فهل يعيد التشيكيون ل"بوهيميا" هيبتها و مكانتها الوروبية و العالمية بحمل كأس يورو بولاكرانيا 2012، قد لا نتق نحن كثيراً في ذلك، لكن.. "البوهيميون" على صناعة المجد قادرون.. على الأقلّ هكذا يقولون.