بعد الفضائح التي أثيرت حول عدد منها، والتي كلفت خزينة الدولة ملايير السنتيمات، وفي ظل تراجع مداخيل هذه الأخيرة، جراء تداعيات جائحة فيروس "كورونا"، يتجه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أخيرا، إلى إحكام الرقابة على النفقات الخاصة بصفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات. ودعا رئيس الحكومة، في منشور جديد له، وجهه، الثلاثاء الماضي، إلى وزير الدولة والوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام، وحصلت "رسالة 24" على نسخة منه، (دعا) كل القطاعات الوزارية ل"ترشيد نفقات الخدمات الخاصة بصفقات الدراسات"، من خلال "التحديد الدقيق للأهداف والنتائج المتوخاة منها، والحرص على تفعيل وتثمين الدراسات التي سبق انجازها لنفس الأهداف، والاستفادة المتبادلة بين مختلف القطاعات وعدم تكرار الدراسات لنفس الغرض". ولتحقيق ما سماه "مزيدا من النجاعة والالتقائية"، اشترط رئيس الحكومة، حصول القطاعات المعنية بهذه الصفقات على ترخيص مسبق موقع من طرفه، حيث قال في منشوره إنه "يتعين إخضاع طلبات العروض المتعلقة بالدراسات للترخيص المسبق لرئيس الحكومة، بعد استطلاع رأي اللجنة المحدثة لديه بموجب المذكرة التوجيهية لإعداد مشروع قانون المالية برسم سنة 2015، التي تضم ممثلي رئيس الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة والقطاع أو المؤسسة المعنية". وأكد رئيس الحكومة على أن هذه المقتضيات "تسري كذلك على مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة وعلى الحسابات الخصوصية للخزينة وكذا المؤسسات العمومية التي تستفيد من موارد مرصدة أو إعانات الدولة". وكشف العثماني في مراسلته عن دواعي توجيهه لهذا المنشور، بالقول إنه "لوحظ أن بعض القطاعات الوزارية تلجأ إلى طلبات عروض تتعلق بالدراسات دون التقيد بالتوجيهات المتعلقة بالتدبير الأمثل لنفقات التسيير الواردة في عدد من المذكرات التوجيهية، خاصة منها المتعلقة بمشاريع قوانين المالية، والتي تهدف إلى ترشيد نفقات الدراسات من جهة، واللجوء ما أمكن الى استثمار الخبرات والأطر التي تتوفر عليها الادارة من جهة أخرى مع تفادي انجاز دراسات مماثلة بدون دواعي مبررة". وسبق للعثماني أن طالب في المذكرة التوجيهية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، والموجه لكافة القطاعات الحكومية ولعدد من المؤسسات الدستورية المعنية، شهر غشت الماضي، ب"تقليص نفقات الدراسات"، مع "تشجيع اللجوء إلى استغلال الخبرات والأطر التي تتوفر عليها الإدارة"، و"ترشيد تخصيص وتحويل إعانات التسيير لفائدة المؤسسات العمومية في تغطية النفقات الضرورية، ولاسيما تلك المتعلقة بالأطر والمستخدمين وربط تحويل هاته الإعانات بمدى توفر هذه المؤسسات على موارد خاصة بها." وكان المجلس الأعلى للحسابات، قد فجر في تقارير عديدة، اختلالات مالية، مرتبطة بعشرات الصفقات الخاصة بخدمات الدراسات، والتي كان بعضها مثار بحث وتدقيق معمقين من قبل قضاة النيابة العامة لدى المجلس، أسفرت عن إحالة ملفات أصحابها على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، قصد اتخاذ "ما يراه ملائما" بخصوص أفعال من شأنها أن "تكتسي طابعا جنائيا". وكان بلاغ صادر عن النيابة العامة لدى المجلس الأعلى للحسابات، شهر مارس الماضي، قد كشف عن إحالة 5 ملفات، تتعلق ب"أفعال من شأنها أن تكتسي طابعا جنائيا تم اكتشافها في إطار ممارسة المجالس الجهوية للحسابات لاختصاصاته القضائية في مادتي التدقيق والبت في الحسابات والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية"، ضمنها ملف يهم "الجماعة الترابية، الفقيه بن الصالح"، حيث أفاد البلاغ بإبرام هذه الأخيرة وتنفيذ ّمجموعة من الصفقات العمومية المتعلقة بالتأهيل الحضري، بما في ذلك صفقات الدراسات وصفقات الأشغال المترتبة عنها، دون مراعاة المقتضيات ذات الصلة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل"، وكذا ملف "المجلس الإقليمي لكلميم"، حيث ارتبطت الأفعال المستكشفة في هذا المجلس، ب "تضمين الوثائق المتعلقة ببعض الصفقات والعقود البيانات غير صحيحة فيا يخص نوعية النشاط المزاول من طرف الشركات المتنافسة، وتقييد إحدى هذه الشركات بالسجل التجاري".