على طول الساحل، من المحيط إلى المتوسط، تتعدد مظاهر الاستغلال الفاحش للمساحات الشاطئية، الرملية أو الغابوية، تضاف إلى مخاطر التلوث المنتشر عبر النقط السوداء البيئية! لأن في طي نعمة مغرب 3.500 كيلو متر من الشواطئ، هناك نقمة الاكتظاظ السكني والسكانى الذي يجمع 60٪ من الساكنة على طول البحرين، معهم 90٪ من الوحدات الصناعية و70٪ من الوحدات الفندقية. مع ما ينتج عن كل ذلك من تلوث المياه الشاطئية، على غرار ما أصاب خليج طنجة ومولاي بوسلهام... كما أن في نعمة الخيار الليبرالي الدستوري، الضامن للمنافسة الحرة والملكية الخاصة، هناك نقمة استمرار الاستغلال الريعي لفضاءات وخيرات الساحل المغربي. يحدث كل هذا وذاك، رغم تعدد القوانين وتخصيص مقتضيات واعدة، لكن تنقصها أحيانا مراسيم تطبيقها، غالبا باقية بدون وسائل بشرية ومادية وممارسات مواطنة لمواجهة معضلات بيئية ونزاعات ريعية تضر بمغاربة اليوم والغد!. في انتظار تنفيذ ما لدينا من قوانين، غالبا ما تزرع الواجبات للجميع ليحصد البعض أفيد استثناءاتها، أضافت الحكومة الحالية قانون حماية الساحل، بعد نوم تشريعي عميق طال 15 سنة! جاء قانون يعدنا بتحديد شروط ومجال الاستثناءات (Dérogations) التي صارت قاعدة التحايل الخفي أو الاستعمال الواضح لرزوات المحسوبية العائلية أو الحزبوية أو المستفيدة من كوطات بعض أعلى التموضعات الإدارية! كما يعدنا القانون الجديد بتحديد شروط المنفعة العامة لاستغلال المساحات الساحلية، إلا أن عدم رجعيته تطرح لا محالة إشكالية المنفعة الخاصة التي مكنت خلال السنوات السابقة كل المستفيدين من تحويل الفضاءات الساحلية، البحرية والغابوية، إلى حدائق ومسابح، بل بناء فيلات بكاملها! دون نسيان الاستغلال الممنوح لمقالع رملية شاطئية أو غابوية، لا تؤدى حتى واجباتها الجبائية لجماعات قروية تدعى فقر مداخيلها، الذي يقل فقرا عن مسؤولية مسؤوليها، من سلطات معينة أو منتخبة، تأطر ربطها بالمحاسبة!. مع العلم أنه، بعد مصادقة البرلمان على قانون الساحل، وحتى حين يتضمن إجراءات زجرية في حق المخالفين لقواعد البناء فوق الملك البحري، سيبقى في انتظار تفعيله الميداني، المحتاج إلى ما لا يقل عن 16 مرسوما تطبيقيا! قد لا ترى النور كلها إلا بعد رحيل الفريق الحكومي الحالي حتى، لو تحقق العكس، ستعاني كل المحاولات التطبيقية من الضغوط اللوبية ومن إشكالية التناسق المفقود بين مختلف القطاعات المعنية: وزارة التعمير، وزارة التجهيز، المندوبية السامية للماء والغابات، الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، وزارة الداخلية، الجماعات والجهات المعنية... لأننا في المغرب، مع كثرة الضرائب التي تقتل التضريب، صار لنا تعدد المراقبين الذي يقتل المراقبة!. تعدد أكدته مؤخرا الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، عند وضعها مشروع قانون جديد يهيء لإحداث "شرطة البيئة" في حكومة لا شأن لها بالتناسق الضروري عند تقنين وضع متعدد المتدخلين المستفيدين والمخالفين والمرخصين والمراقبين. إذ لازال مشروع قانون المقالع يراوح مكانه منذ شهور داخل مجلس النواب. بعد كل "يلغى بلغاه"، ها هو الكل يسير على هواه!