لم يكن "أبدوح" النائب الثالث لعمدة مراكش يتوقع أن يكون عرضة لهجوم عنيف بسبب تسييره لقطاع النظافة بالمدينة الحمراء عندما قام بزيارة "توضيحية" لمجلس مقاطعة جليز، خلال دورة خصصت لمناقشة مشكل النظافة بالمقاطعة المذكورة نهاية الاسبوع المنصرم. فما ان تناول نائب العمدة الكلمة، محاولا ابراز ما "تستحقه" المقاطعة من خلال التعاقد الذي تم مؤخرا مع شركة لتدبير قطاع النظافة بمقاطعة جليز، على غرار صفقات تمت مع شركتين اخريين لتدبير النفايات الصلبة بباقي المقاطعات، حتى انبرى أحد المستشارين معبرا عن استغرابه من حضور نائب العمدة الى الدورة لشرح أمور ذات طابع تقني صرف لوحده، في حين كان لزاما أن يحضر معه المهندس البلدي المتخصص في مثل هاته الامور ، ليشرحها شرحا علميا ويجيب عن أسئلة المواطنين، كما استغرب المستشار في مداخلته من عدم حضور ممثل عن الشركة التي تم عقد الصفقة معها لتدبير قطاع النظافة بالمقاطعة ، لتشرح وتجيب على أسئلة المستشارين ، مؤكدا أن نائب العمدة خلال هاته الجلسة تحول الى ناطق باسم الشركة ، وتحول الى مهندس متخصص في هذا المجال. وقال المستشار:" لا يمكن أن نتحدث عن التدابير المتخذة في قطاع النظافة بالمدينة الحمراء وبمقاطعة جليز على وجه الخصوص ونحن نتغاضى عما وقع خلال الشهور السالفة ، وبشهادة الكل ، إن لم تكن مدينة مراكش، وتحولت الى مجموعة من المزابل الخطيرة ، التي فوتت على المدينة فرصا للتنمية ، حيث تزامن تراكم الازبال والقاذورات والاوساخ بالمدينة الحمراء ، مع مجموعة من المؤتمرات والمحافل والمشاريع التي كانت ستشهدها أو شهدتها مراكش ، حيث بدل أن يقف المجلس وقفة تاريخية من اجل شرح ما وقع للمراكشيين، فضل "هذا المجلس" كعادته الاختباء على طريقة النعامة ، واضعا رأسه في التراب ، تاركا المراكشيين يعيشون لعدة شهور على وقع الازبال ويغرقون في القاذورات على غير العادة ، فاختباء المجلس الجماعي وصمته الاخرس ، فوت على المدينة الكثير ، وجعلها تعيش وضعا غريبا عليها ، ويقلل من قيمتها ومن رصيدها التاريخي والثقافي والانساني". ونبه المستشار الى أن الشركة التي تم تفويض قطاع النظافة إليها سابقا بكل من مقاطعتي جليز والمنارة ، كانت تقوم بمهامها على أكمل وجه ولمدة ازيد من ثلاث سنوات على عهد المجلس السابق لمراكش ، وبمعدات جد متطورة ، وبإمكانيات لاتملك الشركة الحالية حتى جزءا يسير منها مما يجعل المقارنة لا تصح بين الشركتين ، ومشاكل النظافة لم تنشأ –حسب المستشار-الا مع المجلس الحالي وليس مع المجلس السابق ، مما يوضح ان الخلل لم يكن في الشركة بقدر ما كان المشكل الاساس في سوء تدبير هذا المجلس لهذا القطاع على غرار قطاعات اخرى ، لذلك لا يمكن ايهام المراكشيين ان المشكل في الشركة ، خصوصا ان التاريخ يبرز ان الازبال لم تنتشر في مراكش ومنها مقاطعة جليز الا بعد تولي المجلس الحالي مسؤولية تدبير الشأن المحلي للمدينة السياحية الاولى بالمغرب. وأضاف المتدخل في نفس السياق متسائلا ومستغربا من تواضع معدات هاته الشركة التي كلفت بتدبير النظافة بمقاطعة جليز، مبينا أنها لا تملك من الخبرة والامكانيات ما يجعلها تساير حجم التحدي الاتي في تدبير هذا القطاع الحساس، على عكس ما حاول "أبدوح " إبرازه، لأنه غير مزود بأية وثائق يمكن أن تطمئن المراكشيين بمستقبل النظافة، حسب ما اكده المستشار. وتساءل ذات المصدر عن سبب القفز الصاروخي للمبلغ المخصص للنظافة من 11 مليارا الى 23 مليارا أي بأزيد من الضعف ، مثقلا عاتق الميزانية بشكل غريب ويبعث على المساءلة وليس النقد ، معطيا المثال بالشركة التي كانت في عهد المجلس السابق، تدبر هذا القطاع بثلاث مقاطعات وهي النخيل والمدينة وسيدي يوسف بن علي ب 6 ملايير، مبرزا أن نفس الشركة تم التعاقد معها لتدبير نفس القطاع في نفس المقاطعات بنفس المواصفات مع حذف مقاطعة النخيل من اهتمامات ومسؤوليات هاته الشركة ، مع اضافة مليارين للستة ملايير لتصبح 8 ملايير ، وهو أمر اعتبره المتدخل بمقاطعة جليز جد غريب ويحتاج الى اكثر من وقفة ، ففي الوقت الذي كان المراكشيون ينتظرون حذف مليارين من المبلغ المخصص للشركة لأنه تم اعفاؤها من تدبير النفايات بمقاطعة النخيل والاكتفاء بمقاطعتين بدل ثلاثة ، وعلى عكس جميع التوقعات، تم ضخ 8 ملايير في حساب الشركة المذكورة ، أي بإضافة مليارين في الوقت الذي تم تقليص مساحة الخدمات من ثلاث مقاطعات الى مقاطعتين مع زيادة مهولة في الاجر ! مداخلة المستشار المذكور جعلت نائب العمدة في حرج بالغ خصوصا عندما أشاد هذا المستشار بالدور الذي لعبه والي جهة مراكش تانيسفت الحوز عبد السلام بيكرات، الذي ناب وينوب عن المجلس الجماعي ويتدخل بين الفينة والاخرى لإنقاذ المدينة من الفوضى التي باتت تعيشها من جراء الفشل الذريع للمجلس الجماعي للمدينة.