وسط موجة من الغضب والانتقادات الحادة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بلغت حد اتهامه بتسيير شؤون البلاد بعقلية أمنية، شرع النواب الفرنسيون في دراسة مشروع قانون غير مسبوق حول الهجرة يوسع بشكل كبير مروحة الحالات التي تمكّن السلطات من سحب الجنسية الفرنسية من مواطنين متحدرين من أصول أجنبية يكونون قد اقترفوا جرما ما في حق رمز من رموز السلطة مثل الاعتداء على رجل أمن. وتأتي مناقشة القانون في غمرة الجدل بشأن إجراء الطرد الذي أقدمت عليه باريس مؤخرا بحق غجر الروما، والذي تجاوز فرنسا إلى أوروبا ودخل الكواليس السياسية والقانونية لاتّحادها. وأعلنت فيفان ريدنج مفوضة العدل في الاتّحاد الأوروبيشروع الاتّحاد الأوروبي في اتخاذ اجراءات قانونية ضد فرنسا لطردها الغجر من أراضيها. وشرحت في تصريح تلفزيوني أن باريس "لا تطبق القانون الأوروبي بشأن حرية الحركة كما ينبغي لها. لذا سنبدأ اجراءات ضد فرنسا لانتهاكها القانون". وبشأن مقترح القانون الفرنسي الجديد موضع الجدل، فإنه يسهّل ترحيل الأجانب بمن فيهم الاوروبيون. وقال وزير الهجرة اريك بيسون لدى تقديمه مشروع القانون امام النواب إن "هذه التدابير لمكافحة الهجرة غير الشرعية تشكل الشرط للاندماج بالنسبة للهجرة الشرعية". وكان أول إعلان عن مشروع القانون الجديد ورد في خطاب شديد اللهجة للرئيس نيكولا ساركوزي ألقاه في غرونوبل أواخر جويلية-يوليو الماضي إثر أعمال عنف في احدى المدن وتضمن الإشارة إلى إمكانية إسقاط الجنسية عن الذين حصلوا عليها منذ اقل من عشر سنوات والذين يدانون بتهمة القتل وأعمال عنف ضد من "يمثل السلطة العامة". وينص مشروع القانون ايضا على ان الاجانب، بمن فيهم مواطنو الاتحاد الاوروبي، الذين يفرطون في الاستفادة من الحق في اقامة قصيرة "اقل من ثلاثة اشهر" "من خلال دخول وخروج متكررين" قد يجبرون على مغادرة فرنسا. كذلك سيطرد "الاشخاص الذين يشكلون عبئا غير معقول" على نظام المساعدة الاجتماعية والذين يشكلون "خطرا على الأمن العام من خلال أعمال سرقة متكررة او التسول المزعج". وقال بيسون وزير الهجرة الفرنسي إن بلاده "لا يمكنها الاستمرار في أن تكون الوحيدة في اوروبا التي تتميز بتعقيد اجراءاتها التي تؤدي الى فشل 75 بالمئة من قرارات الابعاد". كذلك يزيد مشروع القانون في مدة الاحتجاز الاداري من 32 الى 45 يوما كحد اقصى، وينشئ حظرا على العودة الى فرنسا ويسهل اقامة العمال الأجانب من اصحاب الكفاءات العالية ويجعل منح الجنسية مشروطا بالتوقيع على "ميثاق حقوق وواجبات المواطن". ويرى منتقدو القانون الجديد من اليسار الفرنسي خصوصا أنه مؤشر نوعي على بداية مرحلة انغلاق وتقوقع تدخلها فرنسا التي كانت رمزا للانفتاح، وبنت عناصر قوّتها الراهنة العلمية والاقتصادية على تعدد الأعراق والأفكار بداخلها. فيما يلمس فرنسيون متحدرون من أصول مهاجرة في القانون الجديد تنكرا فرنسيا لجهودهم وجهود آبائهم في تحرير فرنسا من النازي والمشاركة لاحقا في بنائها بعد الحرب.