قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، لحسن الداودي، صورة شاملة حول وضعية التعليم العالي. وقال إن “المغرب، إذا لم يتدارك الخطر المحدق بمستقبله في هذا المجال، فإن الغد سيكون أكثر من صعب”. وأوضح الوزير، الذي تحدث إلى صحافيي مجموعة “ماروك سوار”، يوم الأربعاء المنصرم، في إطار لقاء نظمته المجموعة، بمناسبة عقد شراكة مع وكالة “نوار سور بلان” (أسود على أبيض)، الفرنسية المتخصصة في تصنيف المدارس والمعاهد العليا التجارية، أن المغرب في حاجة إلى إعادة النظر في كافة الاستراتيجيات والبحث عن حلول، ولو اقتضى الأمر الانطلاقة من الصفر. وسلط الداودي الضوء على مشاكل التعليم العالي في المغرب، بصنفيه العمومي والخصوصي، معتبرا أن لمشاكل القطاع، على مستوى تصنيف الشهادات ومعادلتها، والجودة والتوظيف، أسبابا متجذرة، تتعلق بمناهج التعليم المتهالكة، وقلة الأساتذة (أستاذ لكل 300 طالب)، إضافة إلى تردي وضعية فضاءات التعليم العالي وتشتتها، ما يجعل المغرب بعيدا عن الاندماج في العولمة والاستفادة مما توفره العلوم والتكنولوجيات المستحدثة. وقال الداودي إن الوزارة أقدمت على استراتيجية جديدة، تأمل من خلالها جعل المغرب قبلة إقليمية ودولية للتعليم العالي، مستدلا بخطة استقدام جامعات لها سمعة عالمية من كندا، وإيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدةالأمريكية، وزرعها في قلب المغرب، موضحا أن هذه الاستراتيجية ستكون لها انعكاسات إيجابية على مستوى تعليم وتكوين الشباب المغاربة، وتمكينهم من دبلومات عالمية، تسمح لهم بولوج عالم الشغل، كما أنها (أي هذه الاستراتيجية) ستوفر على المغرب ملايين الأورو والدولار، التي تنفق سنويا لتدريس أبناء المغاربة في الخارج. وقال الوزير إنه “سيكون بإمكان المغرب الحصول على مورد للعملة الصعبة من خلال استقبال أبناء دول أخرى، خاصة من إفريقيا والمغرب العربي، قصد الدراسة في تلك الجامعات”، مشيرا إلى أن الوزارة شرعت في وضع برنامج لتنفيذ هذه الاستراتيجية، وبناء عدد من الجامعات والمعاهد في جهات متفرقة من البلاد. على صعيد آخر، أوضح الداودي أن مستقبل التعليم العالي الخاص في المغرب يحتل الاهتمام نفسه لدى الوزارة، وأن الخطوات المتخذة حتى الآن تصب في اتجاه تحسين منظومة التعليم العالي، بشقيه العمومي والخصوصي، وأن دعوة وجهتها الوزارة إلى كافة القطاعات والمؤسسات والوزارات الأخرى لتوحيد الجهود وتنسيق العمل من أجل “رؤية واضحة للجميع، تسمح بتحقيق إصلاحي واقعي، وليس نظري على الورق”. من جهتها، قالت بريجيت فورني، الرئيسة المؤسسة لوكالة “نوار سور بلان” المتخصصة في تصنيف المدارس والمعاهد العليا للتجارة، إن الوكالة، التي رأت النور في باريس قبل 22 سنة، أصبحت اليوم تتوفر على أزيد من 150 مرجعا عبر العالم، وتربطها شراكات مع أعرق الجامعات الأوروبية والدولية، في فرنسا، وبريطانيا، وكندا، والولايات المتحدة، مشيدة بقرار مجموعة “ماروك سوار”، ويومية “لوماتان” التي ستعمل مستقبلا على لعب دور مهم في عملية تصنيف المعاهد العليا وقياس جودة التعليم العالي فيها. وأشارت بريجيت على أن “لوماتان” تسير بمحاذاة لوفيغارو الفرنسية، وجرائد عالمية أخرى تساهم في تبيان مستوى التعليم بعدد من المعاهد العليا وتشكل نبراسا للطلبة والباحثين خلال محطات التوجيه والترشيد. وقالت فورني إن يومية “لوماتان”، بواسطة هذه الشراكة، سيكون بمقدورها القيام بدور إعلامي مهم لنقل معايير التعليم العالي وإدخالها إلى المغرب، وتحميس المعاهد والمدارس العليا على اتباعها. من جهته، أكد محمد الجواهري، المدير العام، مدير النشر لمجموعة “ماروك سوار”، التي نظمت هذا اللقاء، أن المجموعة سيكون لها شرف المساهمة في الدفع بعملية تطوير التعليم العالي في المغرب، والقيام بما يوفر الإعلام من إمكانيات لتحقيق الاندماج بين التعليم والتنمية، داعيا وزير التعليم العالي والفعاليات، التي حظرت اللقاء، إلى ندوة مماثلة، خلال أبريل المقبل، لمتابعة مسار إصلاح التعليم العالي في المغرب.