1 - إذا استثنينا المواقف السياسية و الإعلامية الإسرائيلية و السعودية المؤيدة للانقلاب العسكري الإرهابي ، و الداعمة لأسلوبه الأمني الدموي أثناء فض المعتصمين السلميين ، المطالبين بإعادة الشرعية الديمقراطية ، فإننا نجد في المقابل مواقف إنسانية خالدة صدرت ‘عن مسؤولين غربيين رفيعي المستوى ، فضلوا الإعلان الصريح عن الرفض المطلق لسفك دماء مواطنين أبرياء . و لئن كنا انتظرنا من الجهاز العسكري و الأمني المصريين هذا المسلك القمعي للشعب ، فإننا لم نكن نتصور أن الأمر سيصل إلى هذه الدرجة من الحقد و الكراهية و التنكيل الهمجي بالمعارضين . و الآن و بعد أن نفذ الانقلابيون هذه المجزرة غير المسبوقة في تاريخ الأمم ، تبن للعالم كذب الماكينة الإعلامية المحسوبة على نظام مبارك ، و التي استمرت أكثر من سنتين لشيطنة المكون الإسلامي المعتدل ( الإخوان المسلمون ) ، و تشويه صورتهم ، عبر فبركة الأحداث و الدعاية بالغة السواد ، و بدا للعالم أن المعتصمين كانوا فعلا مجهزين بأقوى الأسلحة ، لكنها أسلحة الإيمان بالقضية التي خرجوا من أجلها : الدفاع الأسطوري عن إرادة الشعب و الاختيار الديمقراطي ، هذا الاختيار الذي يقض مضجع أغلب "الزعماء"العرب الذين اتخذوا من عدائهم للديمقراطية و القيم الإنسانية الكونية هدفا استراتيجيا لهم ! 2- إن الإرهاب الوحشي الصادر عن المسؤولين العسكريين و الأمنيين لا يترجم إلا حقيقة واحدة ، الرغبة المميتة في القضاء على الآخر و إقصائه ، و إسكات الصوت المخالف .. إنها الديكتاتورية العسكرية بأجلى صورها و معالمها الفاشية . هل سيقبل "العالم الحر" هذا الاغتصاب السياسي غير المسبوق : سرقة الديمقراطية بالصوت و الصورة عالية الجودة و (على الهواء مباشرة ) ؟ في رأي كاتب هذه الأسطر ، سيستمر التنديد بالمذبحة من قبل فعاليات وازنة في المنتظم الدولي ، و الإيحاء بإمكانية محاكمة عصابة الانقلابيين .. بخلاف المسؤولين الحكوميين الدوليين ، فهم سيبحثون عن مخارج للاعتراف ب"الأمر الواقع" ، ما دام الانقلاب مطلبا إسرائيليا و سعوديا ! و يضمن المصالح "الحيوية" للدول الديمقراطية "جدا" . لقد أضحى العرب مدركين أكثر من أي وقت مضى أنهم لن ينعموا بالديمقراطية كنظام للحكم السياسي الرشيد ، الذي قد يجعلهم قوة إستراتيجية عظمى في منطقة جيو- سياسية محرقية ، كما أنه بالديمقراطية وحدها يمكن رد الاعتبار للذات العربية الجريحة .. 3 - و ما الحل ؟ تأسيسا على ما سبق لا يمكن الاعتماد على المساندة الغربية على الرغم من أهميتها ، و لا يمكن انتظار أي خير ممن يجيء على ظهر دبابة ، يسفك الدماء و ينشر الموت الزؤام و يغرق الوطن في الحرب الأهلية .. الحل الأوحد يكمن في الاعتماد على النفس ، بالاستمرار في الاعتصامات و المسيرات من دون كلل ، و المطالبة الدائمة و المستمرة بعودة الشرعية الديمقراطية ، و الإنصات إلى خطاب العقل و المصلحة العليا للوطن .إن الانقلاب العسكري المصري جاء لخدمة المصالح الأجنبية الخارجية ؛ الإسرائيلية و السعودية ، فلابد مما ليس منه بد ، لا بد من الانقلاب على الانقلاب ، خاصة وان في المؤسسة العسكرية المصرية رجال شرفاء وطنيون قادرون على إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي ، فالجيش في كل البلدان وجد للدفاع عن الوطن و الوقوف في وجه العدو الخارجي ، و حماية المؤسسات الديمقراطية .. و لم يوجد إطلاقا من أجل السطو على المكتسبات الديمقراطية و التنكيل بالمواطنين الشرفاء و الإجهاز عليهم بدم بارد ؛ بارد جدا ! ..( و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ) . الصادق بنعلال /