بعد أحداث ما بات يعرف بالسبت الأسود، الذي قتل فيه مشجعان وأصيب عشرات آخرون في مباراة كرة القدم في الدوري المغربي، وما سبق ذلك من أعمال شغب أخرى؛ قررت الداخلية المغربية منع روابط الألتراس في المغرب. فما نجاعة هذه الخطوة؟ كما كان منتظرا بعد أحداث الشغب الأخيرة، التي شهدتها بعض ملاعب كرة القدم المغربية، أقدمت السلطات المغربية على قرار صارم يقضي بحل روابط "الألتراس″ (المشجعين المتعصبين) في جميع الأندية المغربية ومنع أنشطتها بشكل كلي. وحسب مصادر متطابقة فقد أصدرت وزارة الداخلية هذا القرار رسميا وكلفت السلطات المحلية بتبليغ الأندية الكروية التابعة لمنطقتها بهذا القرار. شغب الملاعب في المغرب بلغ ذروته فيما بات يعرف بالسبت الأسود، حيث لقي شخصان حتفهما وجرح أكثر من 50 مشجعا في مباراة الرجاء البيضاوي وشباب الريف الحسيمي، يوم 19/ مارس آذار الماضي، ضمن مباريات الدوري المغربي لكرة القدم. وما زاد من بشاعة هذه الأحداث أنها لم تأت نتيجة مشاحنات بين جماهير تنتمي لأندية مختلفة، وإنما دارت بين مجموعتي ألتراس لفريق الرجاء البيضاوي بسبب رغبة كل مجموعة منهما في تقديم نفسه على أنه الأفضل، لتتحول المنافسة إلى خلاف أسفر عن قتيلين وعدد من المصابين واعتقال عشرات المشجعين. ومباشرة بعد هذه الأحداث قامت ولاية جهة الدارالبيضاء-سطات المغربية، بمنع جميع أنشطة الألتراس التي تشجع الفرق الكروية في الدارالبيضاء. وذكرت في بيان أنها قررت: "منع أنشطة جميع الفصائل المحسوبة على الفرق الرياضية، وما يسمى بروابط الألتراس التي تشتغل خارج إطار القوانين، وذلك على إثر الأحداث الأليمة التي شهدها الملعب الرياضي محمد الخامس″. وتشتهر مدينة الدارالبيضاء بفريقيها العريقين الوداد والرجاء، ولكل منهما ألتراس خاص به، "الغرين بويز″ للرجاء، و"الوينرز″ للوداد. والآن وبعد مرور أزيد من أسبوعين على أحداث ملعب محمد الخامس المؤلمة عممت وزارة الداخلية منع الألتراس على جميع الأندية المغربية ولم يعد الأمر يقتصر فقط على فريقي الوداد والرجاء. فما مدى نجاعة هذه الخطوة؟ وهل هي قادرة فعلا على الحد من ظاهرة شغب الملاعب التي زادت في الملاعب المغربية في السنوات الأخيرة؟ "المنع ليس الحل" يرى الدكتور منصف اليازغي أن قرار حل الألتراس جاء كرد فعل طبيعي على ما حدث في السبت الأسود، بيد أن الباحث في السياسة الرياضية يتساءل في حوار مع DWعربية حول كيفية إيقاف أنشطة روابط الألتراس. ففي غياب إطار قانوني ينظم نشاط الألتراس، لا يمكننا الحديث، حسب اليازغي، عن حل الألتراس؛ لأن الحل لا يسري إلا على إطار قانوني. ومادام معظم روابط الألتراس في المغرب غير منظمة في إطار جمعيات، فإن المصطلح الصحيح هنا هو المنع وليس الحل. وفي ظل غياب قاعدة بيانات تتضمن أسماء الأشخاص المنتمين للألتراس فإن ما يمكن فعله هنا هو "منع الأنشطة الجماعية الاحتفالية التي يقوم بها عناصر الألتراس قبل وبعد المباريات. وينفي اليازغي أن تكون كل روابط الألتراس في المغرب لديها نزعة عنيفة وإن كانت جميعها تتحد في شيء أساسي وهي التمرد ورفض الالتزام بالإطار القانوني ورفضها الاندماج في إطار جمعيات. ألتراس الرجاء تدافع عن نفسها وبعد قرار تعليق نشاطها من طرف سلطات ولاية الدارالبيضاء في وقت سابق، خرجت رابطة "ألتراس إيغلز″ المساندة لفريق الرجاء البيضاوي ببيان قوي دافعت من خلاله عن نفسها ضد ما أسمته الحملة الشرسة التي طالتها مؤخراً ونالت من سمعتها. وتبرأت ألتراس إيغلز من تهمة إثارة الفتنة والشغب بالملاعب المغربية، كما تطرقت في نفس البيان لما وصفته بالإنجازات التي حققتها والأجواء الاحتفالية التي رسمتها بالملاعب المغربية. وأعربت الرابطة عن أسفها للأحداث الأخيرة وللأرواح التي راحت ضحية للشغب، وأكدت أنها تعلّق حضورها بمباريات الرجاء متمنية التوفيق للفريق في مشوار الدوري. المطلوب استراتيجية شاملة ومن الواضح أيضا أن أسباب ظاهرة الشغب في الملاعب المغربية لا تقتصر على سلوكيات الألتراس فحسب، بل لها أسباب أكبر تتمثل في الفقر والتهميش وانتشار المخدرات ودخول القاصرين بدون مراقبة للملاعب. كل ذلك يجعل الخبير في السياسة الرياضية منصف اليازغي يطالب بمقاربة شاملة لمعالجة هذه الظاهرة. ويقول اليازغي بهذا الخصوص في حوار مع DWعربية: "لماذا يتم الاقتصار في التعامل مع هذه الظاهرة على جهات معينة مثل وزارات الداخلية والعدل ووزارة الشباب والرياضة دون إشراك جهات أخرى؟". فمادامت ظاهرة الشغب معقدة ومتشعبة فلا بد من إشراك أطراف أخرى. فحسب اليازغي فإن وزارة التربية الوطنية بدورها قادرة على المساعدة في التخفيف من حدة الشغب في الملاعب باعتبارها مسؤولة عن تربية التلاميذ في المدارس. نفس الشيء ينطبق على وزارة الاتصال التي يمكنها القيام بحملات التوعية ضد العنف في قنوات التلفزيون والإذاعات العمومية. وأيضا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي يمكنها تمرير خطابات تنبذ العنف خصوصا خلال صلاة الجمعة، "فالأمر يتطلب مقاربة وإستراتيجية شاملة عكس ما يتم التعامل به الآن من خلال إستراتيجية مجزئة ومقطعة والتي لا تعطي أكلها." ويؤكد اليازغي ل DWعربية أن "إجراء منع الألتراس لن يحل لوحده ظاهرة الشغب في المغرب".