بافتتاح ميناء “طنجة المتوسط 2” أصبح المغرب يتوفر على مركب مينائي بإمكانات وقدرات ضخمة متفوقاً بذلك على دول أوروبية عدة، وبذلك عزز شمال المغرب مكانته كمنصة عالمية للتجارة. وجرى الافتتاح بحضور ولي العهد الأمير مولاي الحسن، ممثلا الملك محمد السادس في إطلاق هذه البنية التحتية التي ستُمكن من تحويل المركب المينائي طنجة المتوسط إلى ميناء رائد وأول قدرة مينائية بالبحر الأبيض المتوسط. وسيُضاعف هذا الميناء الجديد الطاقة الاستيعابية للحاويات في طنجة المتوسط ثلاث مرات، وهو ما سيُخول المغرب من تحسين مرتبته في الربط البحري عالمياً وتحسين عدد الموانئ التي يرتبط بها بخطوط بحرية مباشرة. وبفضل هذا الميناء الجديد، سيتجاوز طنجة المتوسط موانئ عدة في دول البحر الأبيض المتوسط، مثل الجزيرة الخضراء في إسبانيا وفالينسيا في إيطاليا وبور سعيد في مصر ومالطا وبرشلونة الإسباني. قدرات استيعابية ضخمة ويُعتبر ميناء طنجة المتوسط مشروعاً مندمجاً، بحيث يضم مركباً مينائياً بثلاثة موانئ، طنجة المتوسط 1 و2 وميناء المسافرين، إضافة إلى 6 مناطق للأنشطة اللوجستية والصناعية والحرة، كما يتوفر على ربط بالطريق السيار والسكة الحديدية. ويقع المركب المينائي طنجة المتوسط على مضيق جبل طارق، ويمثل قطباً لوجستيكياً موصول بأكثر من 186 ميناء عالميا، وبقدرة استيعابية تصل اليوم إلى 9 ملايين حاوية، و7 ملايين راكب و700 ألف شاحنة ومليون سيارة، و15 مليون طن من المحروقات. ويمثل طنجة المتوسط قطباً صناعياً لأكثر من 900 شركة عالمية ناشطة في مجالات مختلفة من صناعات السيارات والطائرات والنسيج واللوجستيك إلى الخدمات، بحجم تبادل يفوق 7,3 مليارات أورو. ويمتد المركب المينائي “طنجة المتوسط” على مساحة 1000 هكتار ويشمل ثلاثة موانئ، ومنصة صناعية تضم 6 مناطق للأنشطة المطورة على مساحة 1600 هكتار. وقد تطلب هذا المشروع الضخم، الذي انطلق منذ قرابة عقدين من الزمن، حوالي 88 مليار درهم مُنفذة ضمن مخطط شراكة بين القطاعين العام والخاص؛ وهو ما ساهم في خلق مناصب شغل بلغت 75 ألفا، منها 5000 في القطب المينائي، و70 ألفا في القطب الصناعي. وخلال السنة الماضية، تدفق عبر طنجة المتوسط حوالي 2,8 مليون مسافر، فيما بلغت تدفقات البضائع حوالي 52 مليون طن من البضائع المعالجة بقيمة استيراد وتصدير بلغت 317 مليار درهم. ويتميز ميناء طنجة المتوسط 1 و2 بمياه عميقة تصل إلى ناقص 18 مترا؛ وهو ما يمكن المركب من استقطاب أكبر الخطوط البحرية وأكبر السفن البحرية، وهو ما أسهم في تقليص عبور الحاويات، ففي السابق كانت الحاوية التي يتم شحنها في ميناء شنغهاي بالصين مثلاً تستغرق حوالي 45 يوماً للوصول إلى موانئ المغرب، لكن حالياً تبلغ المدة حوالي 20 يوماً. أول منصة للتجارة يرتبط ميناء طنجة المتوسط ب77 بلداً عبر العالم، وتتوزع حركة الحاويات عبره نحو القارات المختلفة، فالزمن المتطلب لوصول الحاوية من أوروبا لا يتجاوز ثلاثة أيام، وآسيا ب20 يوماً، أما جنوب وشمال أمريكا فهي في حدود عشر أيام. ويرتبط الميناء بأربعين ميناء في إفريقيا، وهو أول ميناء في القارة وأول منصة للصادرات والواردات بالمغرب. وقد تبوأ المغرب بفضل هذا المرتبة السابعة عشرة دولياً في الربط البحري، بعدما كان سنة 2005 في المرتبة ال84. اللوجستيك والصناعة يوفر المركب المينائي حوالي 400 ألف متر مربع من المساحات المغطاة و200 هكتار من المناطق اللوجستيكية، وتشمل خدماته اللوجستيك ذات القيمة المضافة للتجميع والتوزيع والإمداد، إضافة إلى إعداد الطلب والتخزين والتغليف ووضع العلامات والتجميع ومراقبة الجودة. ولدى المركب المينائي عدد من العملاء اللوجيستيين العالميين، منهم EMIRATES وDHL وDachser وOMSAN وNIPPON EXPRESS، إضافة إلى شركات متعددة الجنسيات منها هواوي وديكاتلون وأديداس. ويوفر ميناء طنجة المتوسط 2 المفتتح أمس الجمعة حوالي 2800 متر من الأرصفة و4600 متر من الحواجز بطاقة استيعابية تصل إلى ملايين الحاويات، وهي مفوضة لAPM TERMINALS العالمية بطاقة استيعابية تصل إلى 5 ملايين على 2000 متر، و800 متر المتبقية بطاقة مليون حاوية تدبرها شركة مرسى المغرب. أما المنطقة الصناعية في الميناء فقد حققت خلال السنة الماضية حجم صادرات صناعية بقيمة 80 مليار درهم، وهي بذلك أول منطقة حرة صناعية في القارة الإفريقية، بحيث تتوفر على عملاء في النسيج والإلكترونيك وصناعات الطائرات والسيارات والصناعات الغذائي والقطاع شبه الطبي. ميناء طنجة المتوسط للمسافرين وبالإضافة إلى نشاط الحاويات، يتوفر المركب على ميناء خاص بالمسافرين، فهو يعتبر أول بوابة لمغاربة الخارج إلى المغرب، وفي أيام الذروة تصل عدد الرحلات البحرية اليومية إلى 50 يومياً؛ وهو ما يجعل منه جسراً بحرياً بمعنى الكلمة. ويشير إدريس أعرابي، مدير عمليات الاستيراد والتصدير بميناء طنجة المتوسط، في حديث لهسبريس، إلى أن السنة الماضية عرفت مرور 2.8 مليون مسافر عبر الميناء وأكثر من 326 ألف حافلة للنقل الدولي. ويؤكد المسؤول في المركب المينائي أن الرحلة البحرية بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا تستغرق ساعة من الزمن وهو ما يسمح بنقل 45 ألف مسافر يومي في أيام الذروة. تخزين المحروقات وبالإضافة إلى كل ما سبق، يتوفر المركب المينائي أيضاً على محطة لتخزين المحروقات، البنزين والفيول، شُرع في استغلالها منذ سنة 2012 وتمتد على مساحة 12 هكتاراً وحققت خلال السنة الماضية 6 ملايين طن من المحروقات. وتخزن هذه المحطة المحروقات المستوردة من الخارج إلى المغرب، إضافة إلى ضمانها لعمليات المسافنة، أي إعادة شحن المحروقات. كما تزود أيضاً البواخر التي ترسو بميناء طنجة المتوسط أو خارج الميناء بالوقود.