المستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان: وصمة عار على جبين وزارة الصحة !! انتظار يتلوه انتظار، وفي أغلب الأحيان يعطونك موعدا آخر للانتظار، انتظار عند الباب الخارجي وعلى عتبات غرف الكشف.. انتظار قبل مجيء الطبيب المنتظر، وغالبا ما لا يأتي في الوقت القانوني لبداية العمل.. في الباحات والدهاليز ومختلف الأقسام والمصالح، جلوس ووقوف، جيئة وذهاب، همهمات وصراخ....هذا هو الحال المستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، المؤسسة الاستشفائية الوحيدة على صعيد المدينة والإقليم. فما أن تتمكن من اجتياز البوابة الرئيسية وتدلف بضع خطوات حتى تخال نفسك أنك داخل إلى بلاد أخرى لا تمت بصلة لمغرب القرن الواحد والعشرين الذي تحرص الجهات الرسمية على وصفه بأنه جنة الله على الأرض، "رجال البوليس" ليس الأمن الوطني طبعا يتلقفونك الواحد تلو الآخر بالسؤال والنظرة المريبة كأن في جعبتك مخدرات أو متفجرات.. بقي لهم فقط أن يسألوك هل أنت من تنظيم القاعدة؟! حتى تشعر بالخوف والانكسار. وبعد اجتياز هذا الصراط غير المستقيم، والوصول إلى القسم أو المصلحة التي تقصدها، فهناك يبدأ مسلسل آخر لا تنتهي حلقاته حتى تبدأ من جديد، مسلسل من الانتظارات والتسويفات ولامبالاة المسؤولين والأطباء والممرضين، لكن هذا المسلسل سرعان ما تنتهي حلقاته ويتلاشى بمجرد دس اليد في الجيب وإخراج الأوراق المعلومة، خاصة إذا كانت بلون الصفرة والزرقة، وبقدر قادر تقضى جميع أغراضك وتحل جميع مشاكلك في رمشة عين وإن كنت آخر الملتحقين!! إنها قمة الاستخفاف والاستهتار بصحة وأرواح المواطنين التي تظل فوق كل اعتبار، ومنتهى السادية وانعدام الضمير!! قسم المستعجلات.. أو قسم الاحتضار البطيء؟!! أضحى قسم المستعجلات بهذا المستشفى النقطة السوداء ومثار احتجاج واستنكار المواطنين، هذا المرفق الأساسي الذي يعد الشريان والقلب النابض للمؤسسة الصحية يفتح أبوابه لاستقبال المرضى والجرحى على مدار الأربع وعشرين ساعة، وتعكس الخدمات الطبية المقدمة به الواقع الصحي المرير بهذه المؤسسة الاستشفائية والتراجع الواضح للدولة عن الوفاء بالتزاماتها في هذا المجال الاجتماعي، فعند زيارتك لهذا الأخير تطالعك وجوه المرضى في طوابير مصطفة تنتظر المجهول وعلامات الحسرة والمعاناة بادية على محياهم، الإحساس نفسه تتقاسمه الأطر الطبية التي تجد نفسها عاجزة عن القيام بأدوارها في ظل غياب أبسط الوسائل اللوجيستيكية من أجهزة طبية وأدوية وهو ما يجعلها في مواجهة دائمة مع أفول المحتجين من مرضى ومرافقين، الشيء الذي يفسح المجال ويشجع أكثر على انتشار العديد من الظواهر المرضية المشينة كالرشوة والابتزاز، وهكذا وبالإجهاز وإفقار قسم المستعجلات بالمستشفى العمومي الذي ترتاده الطبقات الفقيرة والمسحوقة يكون المخطط والتوجه العام للدولة الهادف إلى التراجع عن المكتسبات الاجتماعية للمواطن المغربي البسيط والذي يبقى من أبرزها حقه في التطبيب قد نجح بامتياز، ونجحت معه الحكومة في مخططها لخوصصة القطاع وتشجيع المصحات الخاصة التي أصبحت تنتشر كالفطر بمحاذاة مستشفيات الدولة. فهذا القسم يستقبل يوميا مئات المرضى الوافدين من مختلف مناطق الإقليم، مما يشكل عبئا ضغطا كبيرين على العاملين به ليتحول في أغلب الفترات إلى فضاء لتضميد الجراح وانتظار الفرج خصوصا في ظل افتقاره للمعدات الطبية اللازمة بالإضافة إلى الأجهزة المهترئة من أسرة العلاج والأسرة المتحركة التي تحولت إلى مصدر للروائح النتنة، هذا دون الحديث عن الخصاص المهول في الأطر الطبية وشبه الطبية والممرضين. وأمام افتقار هذا المستشفى للأدوية يضطر الطبيب المعالج إلى مطالبة المرضى باقتناء كافة المستلزمات من إبر وخيط وحقن... والتي غالبا ما تباع بأكشاك بالقرب من المستشفى، وهو ما ينشط الحركة التجارية بهذه الأكشاك الطبية، أما ليلا فتتكفل بعض الممرضات ببيع هذه المواد للمواطنين، لتبقى أسئلة معلقة تنتظر إجابة المسؤولين حول مصدر هذه المواد الطبية هل هي وزارة الصحة أم تجار خاصين؟؟ ومن جملة المشاكل التي يعاني منها الوافدون على قسم المستعجلات بتطوان النقص الحاد في الأدوية ذات الطابع الاستعجالي، بحيث يضطر المرضى في حالات عديدة تكون مستعجلة ولا تتطلب التأخير إلى شراء الأدوية، ويعترف المسؤولون بهذا النقص ويبررونه بتأخر الوزارة في إرسال مستحقات الإقليم. إلا أن الطامة الكبرى، تظل في اعتماد هذا القسم على طبيب واحد والذي غالبا ما يكون من الطلبة المتدربين ليشرف على استقبال ومعالجة جميع الحالات التي ترد على هذا الأخير وخاصة في الفترات الليلية، الأمر الذي يجعله عاجزا عن القيام بالمهمة الموكولة إليه، خصوصا أمام الحالات الخطرة التي تتطلب أطباء متمرسين أكفاء. ولا أدل على هذا العبث السريالي بأرواح المواطنين، ما عايناه شخصيا ليلة الإثنين 28 مارس 2011، حيث وردت إحدى الحالات في غاية الخطورة ويتعلق الأمر بسيدة أصيبت بانخفاض حاد في الضغط الدموي مصحوب بغثيان ودوار شديدين، إذ عوض الإسراع في تقديم الإسعافات الضرورية لها وعرضها على طبيب مختص، تم التخلي عنها في قاعة الانتظار وهي تواجه مصيرها بنفسها دون أن يكلف الممرضون الحاضرون أنفسهم حتى عناء نقلها إلى سرير تستريح عليه في انتظار وصول دورها للدخول إلى الطبيب، والمفاجأة كانت حينما تقدمت من طبيبة المداومة والتي لم تكن سوى طالبة في طور التدريب، والتي وقفت عاجزة أمام حالتها ولم تستطع حتى إمدادها بوصفة الدواء اللازم، مكتفية بحثها على شراء أقراص "فيتامين" لا تجدي نفعا مع الحالة لتي وصلت إليها. أليس هذا هو منتهى العبث والتلاعب بصحة وأرواح العباد؟؟! مصلحتي الراديو والسكانير.. قمة الاستهتار والفساد!! من أبرز الإشكالات وأشد المعيقات الت تعترض المواطنين الذين يقصدون هاتين المصلحتين ما يتعرضون له من شتى أشكال الإهمال والمماطلة، فبعد الأداء المسبق لثمن الفحص (82 درهما) بالنسبة للراديو والتوجه صوب القسم المختص بذلك، ومهما كانت درجة خطورة الحالة (كسر، تشقق...) فإن لغة الانتظار والإهمال تظل سيدة الموقف، نظرا للأفواج الهائلة من الناس التي يعج بها هذا القسم صباح مساء، وما أن يحالفك الحظ ويصل دورك في الولوج، حتى تجد نفسك مضطرا لإخراج "ورقة الاعتماد" المعلومة وتمنحها للمشرف على هذا الجهاز، هذا إذا أردت أن تخفف عنك العبء وتقضي غرضك لأول وهلة، أما إن لم تقم بهذا "الواجب" فإن مصيرك سيكون حتما هو أداء ثمن الفحص للمرة الثانية وربما الثالثة والرابعة و... إلى ما شاء الله، للعودة مجددا إلى نفس المصلحة بدعوى ضبابية الصورة أو عدم وضوحها أو...بشكل متعمد ولغرض يعلمها الجميع! أما السكانير فطامته أكبر ومصيبته أعظم، فبعد أداء ثمن الفحص مسبقا كما هو معلوم والمحدد في 800 درهم، سيكون من المحتم عليك أخذ موعد لا يقل عن ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال، ليقال لك في النهاية ''إن الجهاز معطل حاليا، وعليك أخذ موعد آخر‘‘!!، ولكن إذا فهمت اللعبة وقمت بحك جيبك فإنك ستكون طبعا من الأوائل الذين سيحظون بالفحص وربما دون حاجة لأخذ موعد لذلك!!!، هذا مع العلم أن شهادة الاحتياج غير معترف بها في هذه الحالات! فهل يوجد تفان في خدمة المواطنين أكثر من هذا ؟!!! قسم طب النساء والولادة.. الوجه الآخر للإجرام!! يظل قسم الولادة البؤرة الأكثر سوادا وقتامة بهذا المستشفى إلى جانب قسم المستعجلات السالف ذكره، ولمعرفة مدى الفساد المستشري بهذا القسم والجرائم المقترفة داخل أروقته، نتابع شهادة هذه السيدة التي أدلت بها لنا: ''في إحدى ليالي شهر دجنبر الماضي لما اشتد علي المخاض توجهت صوب هذا القسم (قسم الولادة) وحسبت أن ملائكة الرحمة سوف يجرين نحوي ويمسكن بذراعي مشجعات ومادات يد المساعدة، إلا أني تفاجأت بوجوه ليست عبوسة فحسب، بل مكفهرة ومتجهمة، تكرهني وتنظر إلي كمصيبة زادها الله على المصائب اللواتي مايزلن يصرخن ويتوجعن صراخا ووجعا لا بداية له ولا نهاية. قالت لي إحداهن: اصعدي، وكنت قد استعددت للكشف، وبأصبعين برز ظفراهما في القفاز البلاستيكي بدأت كشفها العنيف على الرحم دون مراعاة أن هذه هي الولادة الأولى لي، مما جعلني أصرخ، وجعلها تشتمني، أذكر أني رددت عليها بالمثل، وامتنعت أن تولدني، واشترطت علي منحها مبلغ 200 درهم إن أردت أن تولدني، فقلت لها: "لا، لن أعطيك الرشوة" هكذا حتى أفقدتني صوابي وحين شعرت أني في خطر، أغلقت الباب في وجهي وتركتني ملقاة على الأرض أواجه مصيري المحتوم، إذ لولا الألطاف الإلهية لكنت الآن وجنيني في عداد الموتى......‘‘. ولكم على هذه القصة التي تدمي القلب وتدمع المقلة كامل الحرية في التعليق كيفما شئتم !!! قسم العمليات الجراحية.. ابتزازات ونصب واحتيال!!! سبق للعديد من المواطنين والجمعيات الحقوقية والمدنية أن وجهت شكايات إلى المسؤولين المعنيين مركزيا وجهويا ومحليا في شأن التواطؤ المكشوف لبعض الأطباء عديمي الضمير المختصين في العمليات الجراحية مع صاحبة إحدى الشركات المختصة في بيع وتوزيع المستلزمات الطبية والجراحية والتي أصبحت المورد والموزع الوحيد لهؤلاء الأطباء للمواد المذكورة، بحيث أن جميع عمليات البيع والشراء تتم عن طريق السمسرة بين الأطباء في المستشفى الإقليمي وصاحبة هذه الشركة. وحيث أن الكل يعلم أن عائلة المريض تقوم بأداء ودفع ثمن الفاتورة للشركة المذكورة دون أخذ المستلزمات المتطلبة للعمليات الجراحية، بحيث تقوم صاحبة الشركة بالدخول لغرف العمليات كل صباح وكأنها موظفة بهذا المستشفى دون رقيب أو حسيب، حيث تتم عملية النصب والاحتيال على المريض، دون تمكينه من جزء بسيط من المستلزمات المؤداة للشركة ودون معرفة جودتها أو صلاحيتها بالنسبة للعملية الجراحية المتطلبة. وحيث أن جل المسؤولين بالمستشفى الإقليمي على علم ودراية تامة بهذه التعسفات والممارسات اللاأخلاقية والغير قانونية لصاحبة الشركة المذكورة وبعض الأطباء العاملين هناك، إلا أن الأمور لم تزدد إلا تفاقما وسوءا، حيث يقومون بتشجيع وتزكية هذه الجرائم النكراء التي يذهب ضحيتها المواطنين البسطاء. وكل ماذكرناه في هذا الملف هو مجرد غيض من فيض ما يعانيه الآلاف من المواطنين الذين يقصدون هذا المستشفى الذي يظل وصمة عار على جبين وزارة الصحة المغربية وبحر ظلمات الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، هذا دون الحديث عن العشرات من الأطباء العاملين بهذه المؤسسة العمومية الذين يتركون مكاتبهم فارغة ويذهبون للاشتغال بالعيادات الخاصة، همهم الوحيد هو مراكمة الأموال والثروات ولو كان ذلك على حساب صحة وأرواح المواطنين، لا ضمير ولا مبادئ ولا قيم ولا.....، ناهيك عن الأخطاء الطبية المرتكبة بالجملة دخل أقسام ومصالح هذه المؤسسة الاستشفائية أبطالها أطباء أخطأوا التشخيص فعرضوا مرضاهم للموت دون أن تطالهم أية محاسبة أو معاقبة على الجرائم التي اقترفوها... وصدق الشاعر الذي قال: نفر إلى الطبيب إذا مرضنا ****** فكيف إذا مرضنا بالطبيب.