دعهم يغرقون. في إطار الحرب التي تشنها العولمة على اللغة العربية ، لصالح اللغات الأنجلوساكسونية والتبعية للاقتصاد الاستعماري ، نظم مؤخرا كل من منتدى ) أماديوس ( ومؤسسة ) زاكورة ( ندوتين استدعي لهما الحاقدون على اللغة العربية والمتنكرون لها ، فتقاسموا الأدوار فيما بينهم لمهاجمة اللغة العربية الفصحى والتنقيص من أهميتها وقيمتها.فمنهم من هاجمها باسم علم النفس مثل - الدكتور إبراهيم الموساوي أستاذ علم النفس بكلية الطب بالدار البيضاء ، الذي أكد أن الطفل يصاب بالانفصام نتيجة تعلم اللغة العربية الفصحى المفروضة عليه ، والمتعارضة مع اللهجة الدارجة التي تعود على سماعها في المرحة الجنينية ، دون أن يذكر أن الطفل قد يصاب كذلك بنفس الصدمة ونفس الانفصام عندما يفرض عليه تعلم اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو حتى الأمازيغية ،التي لم يتعود عليها قبل أن يخرج إلى الوجود بل أصبحت بعد الطفولة تدرس لأبنائنا كرها وليس طوعا – ومنهم من اتهمها بالوعائية للمقدس ) يقصد القرآن الكريم( الشيئي الذي يعرضها إلى الانقراض والموت ،كما حدث للكثير من اللغات ، التي لم تتقدم ولم تتجدد ، لأن القرآن أو ما ينعت بالمقدس يحول بين اللغة وبين التقدم الشيء الذي يعرضها للموت والانقراض مثل – الدكتور كلود حجاج أستاذ بكوليج دو فرانس-) تونسي الأصل – فرنسي الجنسية – يهودي العقيدة (. إن الهدف الأساسي لمنظمي الندوتين ،وللهجمة الشرسة على اللغة العربية ، هو إقصاؤها من الميدان التربوي والتعليمي ، وإحلال اللهجة الدارجة والأمازيغية محلها ، مع اعتبارهما لغة رسمية لكل المغاربة ، بحجة إصلاح التعليم. أما في مجال المعاملات التجارية، والأعمال الاقتصادية بصفة عامة، فعلى المغاربة أن يقبلوا على تعلم اللغة الفرنسية والتعامل بها ، لأنها لغة المال والأعمال والتكنولوجيا الحديثة والإعلام والتواصل ...إن هم أرادوا اللحاق بالعالم الغربي المتحضر. والغريب في الأمر أن اللغة التي ساد ت هاتين الندوتين كانت هي الفرنسية وليست الدارجة المغربية أو الأمازيغية التي يحترق قلبهم عليها ادعاء طبعا . أقول لهؤلاء ولمن يخطط وراءهم لن تنالوا مبتغاكم ا لسببين : أولهما أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظ القرآن الكريم [ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) سورة الحجر آية 9 ( وثانيهما أن اللغة العربية هي وعاء القرآن الكريم ، وبها نزل وبدونها لا يمكن أن نفهم القرآن الكريم ، أو نتحدث عنه كقرآن معجز له قدسيته ، وهذا ما انتبه إليه مؤخرا أعداء الإسلام من بني جلدتنا ، إذ بدأنا نسمع ، أن هناك من ينادي بترجمة القرآن الكريم إلى الدارجة ،ليس حبا في القرآن الكريم أو في نشره بين العامة ، بل طمعا في إفراغه من محتواه ، وتجريده من قدسيته . إن أي لغة غير العربية، لا يمكنها أن تستوعب القرآن الكريم. بدليل فشل كل الترجمات على كثرتها وتعددها في الإيفاء بالمطلوب. إن حفظ القرآن مرتبط بحفظ اللغة العربية، التي هي وعاؤه، فحفظ أحدهما، لا يكون إلا بحفظ الأخر، فهناك ترابط جدلي بينهما. يقول تعالى " ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ". ) سورة الزمر آية27-28 ( فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ القرآن الكريم ، فهو ضمنيا تكفل بحفظ اللغة العربية لشرفها ومكانتها عنده سبحانه وتعالى .فبقاء الدين الإسلامي مرتبط ببقاء اللغة العربية والعكس صحيح . ألا ترى معي أن هذه اللغة ظلت صامدة على الرغم من أنها محملة بالثقل المقدس ، كما يدعي كلود حجاج ومع ذلك ، فهي على خلاف لغات الدنيا التي ماتت أو لحقها التحريف بفعل الغزو اللغوي والثقافي وبفعل الاستعمار الذي يعمد إلى لغة مستعمراته في أول خطواته الاستعمارية ، فيدمرها ويشكك في قدرتها على استيعاب الحضارة ، ومن ثم تسهل عليه الهيمنة على شعوب مستعمراته. لكن تجربة اللغة العربية مع كل أصناف الغزو، كانت مختلفة لا يحكمها الناموس الاستعماري ، بل كانت على غير العادة هي التي تؤثر في الغالب وتستقطب المستعمر وتجعله يركن إليها ويخدمها من حيث يشعر أو لا يشعر . مثال ذلك : تعامل أفروم نعوم تشمسكي مع الأجرومية لابن آجروم المغربي الأمزيغي وغيره من المستشرقين الذين أعجبوا باللغة العربية ، فتحولوا إلى متبنين لها ثم مدافعين عنها ، والتاريخ يحدثنا عن التتار والمغول الذي تخلى عن لغته لصالح لغة الضاد لغة القرآن . بالإضافة إلى المستشرقين الذين بذلوا جهدا كبيرا في فهم اللغة العربية وقواعدها وخدموها بوعي منهم أو بدون وعي . وفي أيامنا هذه ، نجد الدول الغربية وخاصة بعد حرب العراق تدعوا إلى تعلم اللغة العربية وكان بوش على رأس المتحمسين الذين دعوا شعبهم إلى تعلم اللغة العربية طبعا لحاجة في أنفسهم فرضتها الحرب وحب الهيمنة على العالم العربي والإسلامي. ولكن ويا للأسف فقد ظهرت في هذه الأيام أصوات مأجورة تنعق بالظهير البربري الاستعماري لكن بلهجة جديدة وفي حلة جديدة ، هذا الظهير الذي رفضه في حينه أبناء هذه الأمة بربرها وعربها لوعيهم بمقاصد المستعمر الدنيئة . نعم لقد عاد الظهير البربري في شكل حركة أمزيغية تطالب برحيل العرب والإسلام ، و في شكل حركة قومية تطالب بالدارجة المغربية كلغة رسمية للمغاربة . هذا ما أبدته أفواههم من بغضاء أما ما تخفي صدورهم فأكبر .وفي الحقيقة أن الحركة الأمزيغية ، وأنصار اللهجة الدارجة يستهدفون اللغة العربية الفصحى والقرآن الكريم ، تحت غطاء إصلاح التعليم وتهمة العرب بالغزو لبلاد المغرب ، اقتداء بالمستشار الأمريكي صاحب كتاب صراع الحضارات، الذي قال بأن العرب والمسلمين كانوا غزاة ومستعمرين للمغرب العربي. قلنا قبل هذا وفي مناسبات مختلفة للحركة الأمازيغية ودعاة العودة إلى اللهجة الدارجة المغربية ، لا تفسدوا ما أصلح الأجداد، لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ... ولكن اختلال موازين الإخلاص في سريرتهم لله ولوطنهم ولدينهم ولملكهم ،والتجرد من الذاتية منعهم من الشعور والحس بفسادهم وشرهم ، الذي يزرعونه . من أجل مقام زائف في أعين الناس لأنفسهم ، قد يكسبونه . إن الحركة الأمازيغية بدأت تطلق تصريحات من شأنها أن توقض الفتنة النائمة ، التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من أيقضها، والتي لا يستفيد منها إلا عدو متربص ، ينتظر انهيار الاستقرار الأمني في البلاد . وقد أوحى إليها شيطانها مؤخرا ، بناء تذكار للكاهنة الداهية اليهودية بالقطر الجزائري , جعلت منه مزارا ومحجا للأمزغيين واليهود باعتبار أن الكاهنة كانت أول امرأة يهودية وقفت في وجه ما يسمونه بالغزو الإسلامي. نحن لا نرفض الأمزيغية ولا اللهجات الدارجة المغربية كتراث وطني وكلهجات محلية ، ظلت متعايشة مع اللغة العربية الفصحى دون أن تفقد هويتها ردحا من الزمن . بل ما يجعلنا نفتخر بها أن رجالا أمزيغيون فقهاء وأدباء وشعراء كانوا دائما في طليعة من خدم وطور وضبط قواعد اللغة العربية دد مؤلف الأجرومية أمزيغي هو بن آجروم المغربي إن الذين يعادون اللغة العربية من الحركة الأمازيغية وأنصار الدارجة لا يهدفون إلى نصرة اللهجة الأمازيغية أو الدارجة المغربية ، لأنهم هم أنفسهم يستعيضون عنها باللغة الفرنسية في كتاباتهم التي يدافعون فيها عن الأمازيغية وفي حديثهم الذي يجادلون به عنها، وأكثر من هذا فهم لا يتحدثون الأمازيغية إلا عندما يركبهم شيطان التعصب إن الهدف من وراء هذه الحركة ومن وراءها هو ضرب اللغة العربية الفصحى ، فان نجحوا في ذلك كان لهم ما يريدون ،وهو عزل الأمة عن قرآنها الذي به ظلت أبية صامدة في وجه الاستعمار بأشكاله وأنواعه ولم تستسلم يوما استسلاما نهائيا ، كما فعل اليابان أو ألمانيا الذي استسلم لأمريكا بمجرد انهزامه ولم يعاود الكرة للمقاومة إلى حد الآن . أقول للمعادين للغة العربية من الأمازيغ إنكم تنفقون وقتكم وجهدكم وسيكون عليكم غما ولن تنالوا أنتم ومن في الأرض من اللغة العربية ، لأنها لغة التعبد ، فالمسلم لا تقبل صلاته ولا تصح إلا إذا قرء الفاتحة بالعربية وهي أقل ما يقرأ حتى تكون الصلاة صحيحة ,ناهيك عن الأذكار والأوراد اليومية التي يتقرب بها إلى الله .وخطيب الجمعة وإن كان في قرية نائية لا يعرف أهلها إلا الأمازيغية ، يلقي خطبته بالعربية الفصحى، ويحدثهم الفقيه والإمام في كل مناسبة سارة أو مأساوية باللغة العربية وإن تخللتها بعض الكلمات الأمازيغية للتوضيح أو التفسير. دون أن ننسى الحضور المكثف للأحاديث النبوية والآيات القرآنية أضف إلى هذا الزوايا المنتشرة في كل مكان والتي تعمل ليل نهار على نشر الذكر والقرآن .فمثل هذه الإستراتيجية كفيلة بالوقوف أمام كل الموجات العاتية التي تريد النيل من اللغة العربية. أما فيما يتعلق بالمستحدثات التكنولوجية والتقنية فان اللغة العربية قادرة على استيعابها على المدى القريب بقليل من التعريب وبقليل من الإصدارات للمعاجم المتخصصة في التكنولوجية . وعلى المدى البعيد بتشجيع العلم والعلماء والبحث العلمي وبإقامة صرح علمي تكنولوجي تقني بعيدا عن التبعية واجترار ما يقوم به الغرب ونقل التكنولوجية بإعادة العقول المهاجرة خصوصا وأن التكنولوجية لم تعد حكرا على أحد في عصر ثورة الاتصالات . هذا وإن لم ترعو الحركة الأمازيغية ودعاة التدريج عن كيدهم للغة العربية الفصحى والقرآن الكريم ، وإن لم يرجعوا عن فسادهم وخيانتهم لدينهم ووطنهم لأقولن لهم موتوا غيضا وكمدا .فمأربكم, لن تصلوا إليه أبدا ، فا لله قد أحال بينكم وبينه بحفظه لقرآنه.وأقول لمن يتحسر عليهم دعهم يغرقون في عهرهم وفسادهم وخيانتهم لدينهم ووطنهم ومقدساته. دعهم يغرقون في كذبهم وخداعهم ، ويرتعون في جهلهم. دعهم يغرقون في أحلامهم الشيطانية .دعهم يغرقون ، دعهم يغرقون