ساقتني الأقدار في الأيام القليلة الماضية اثر حادث أصبت به الى مستشفى الفرابي قسم المستعجلات و المخصص حسب ما ألفناه نحن الشعب للشعب و كل من أصيب بحالة تتطلب الاسعافات الضروريةرغبة في تشخيص المرض بشكل أولي و تحديد القسم الواجب نقله اليه . الا أنني اصطدمت بمواقف لم أكن أتخيلها قط ،لكونها تراكمت علي بشكل مخالف لكل تطلعاتي و آمال وضعتها على عاتق أكبر مضجع صحي بالجهة الشرقية كلها فتبخرت و أنا ألمس جملة من التناقضات بين أحضان "الفرابي".ليس الذنب بيد الجدران ، فقد أصلح عيبها و تم ترميمها باذن ملكي جنى منه العامة خيرا كثيرا بعدما طليت الجدران و استحدثت النوافذ و أدخلت تحسينات عدة على المرافق و طريقة تسييرها ،فيبقى الخلل في الانسان /ذلك الكائن الذي كلما كبر الا و استكبر ومع امتلاكه القوة و السلطة الا و يزداد طغيانه و تجبره و سعيه وراء تحقيق الربح حتى و ان كان على حساب سعادة الشعب و هناءه في مجتمع لا يعير أهمية للطبقات البسيطة التي تشكل نسبة الأسد في المغرب.الطاقم الطبي و الاسعافي و حتى جهاز الحراسة لا يحسد عليه في مستشفى "الفرابي " ، الا أن النفع ليس بالكم بل بالكيف و هذا هو الأمر الذي يغيب بشكل بالغ بين صفوف مركب استشفائي تعج جدرانه بلافتات كتب عليها بالوان زاهية "لا للرشوة , معا من اجل خدمات صحية مجانية " مع ان هذا الشعار غير مطبق بتاتا او ربما مازال وقت تفعيله لم يحن بعد, لانه مع كل ولوج لقسم المستعجلات عليك دفع مبلغ مالي يقدر ب 45 درهما او مايلقبونه من يسهرون على تحصيله بالثمن الرمزي المناسب وان امتنعت عن ذلك او فكرت فقط في تاجيله ستحرم لا محال من حقك في الاستفادة من خدمات صحية الى حين عدولك عن قرارك فلا يثير شفقتهم مريض على حافة الموت أو مصاب في حالة حرجة.حالات عدة هي التي تستلقي على جنبات قسم المستعجلات تنتظر دورها و تعطف أولئك الذين أدوا القسم في بداية مشوارهم ، و ليتهم بعد ذلك يتكرمون بأداء الواجب الوطني كما يجب ، فهم رغم ما يتقاضوه من راتب يحتم عليهم مباشرة كل حالة بلطف إلا أنهم طالما يستقبلونها بتضجر و استنفار يحسس المصاب و كأنه شحاذ يلتمس عطفهم الذي اندثر من قاموس صار مكرسا لكلمة المال لا غير .أمر آخر صار عادة يتداولها الطاقم بأكمله في مستشفى الفرابي و هو "تشطيطهم" للمرضى فهذا يبعثك لذلك و كأنك كرة يلعبون بها ،كل واحد منهم يحاول إلقاء المسؤولية على الآخر أو تخفيف ضغط العمل عليه ، و كأنهم بذلك يحاولون تدفيعك ثمن العلاج في مستشفى عمومي يستقطب المئات يوميا .هذا لا ينفي وجدود أطر ممن مازالوا يحافظون على يمينهم و يسعون من أجل إرضاء ضميرهم ، حتى و إن كانوا قلة و يعدون على الأصابع، إلا أنهم مازالوا أصحاب ذمة و شرف في زمن اغتصب إخلاصه ذئاب بشرية اتخذوا من" الفرابي " وسيلة لتحقيق أطماعهم التي تظافرت مع انعدام الوازع و ضعف المراقبة و كثرة الإغراءات..