تنقل سيارات الإسعاف المرضى والمصابين، للمستشفيات، وأقسام المستعجلات، إذ غالبا ما تربك هذه الأخيرة بدورها، حركة المرور، وتفزع المارة أو السكان الذين يتناهى لهم ذلك الصوت المقرون دائما بالفاجعة وبالمأساة.في الطرقات البيضاوية تتزاحم سيارات الإسعاف بأشكالها وأحجامها وبأرقامها المكتوبة بألوان متنوعة، مع غيرها من وسائل النقل في سباق محموم، إذ من المفروض أن تعطى الأسبقية لهذه الأخيرة، التي تنقل المصابين بالأزمات المفاجئة أو في حوادث سير، التي ارتفعت نسبتها لدرجة كبيرة، وأصبحت الطرق مسرحا للعديد منها، إلى أقسام المستعجلات في ظروف تتناسب ووضعيتهم الصحية المحرجة، خاصة إذا كانت هذه الأخيرة تتوفر على مسعفين وآلات خاصة. الواقع شيء آخر، إذ يشتكي المواطنون الذين اضطروا إلى استعمال سيارة إسعاف، سواء تابعة للقطاع العمومي أو الخاص، من تدني الخدمات التي تقدمها أو انعدام أبسط وسائل الإسعافات الأولية، التي يجب أن تقدم للمريض أو المصاب، يقول أحد المرضى، استدعت حالته الصحية المتدهورة، نقله على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات"، إنها سيارة مهترئة ومتسخة، لا توجد بها أجهزة أو أدوات إسعاف، كما لا يوجد بها مسعف أو ممرض له خبرة للتعامل مع الحالة التي يرافقها في السيارة، وهذا ما يدعو إلى القلق بالنسبة إلى من يضطر إلى استعمال سيارة الإسعاف"، سيما تلك التي توجد أمام أقسام المستعجلات وأبواب المستشفيات، باستثناء نسبة قليلة من السيارات المكتوب على ظهرها، أنها تتوفر على تجهيزات وآلات لتقديم الإسعافات الأولية. سيارات مهترئة تقف سيارات الإسعاف متراصة، بالقرب من أقسام المستعجلات، وأمام المستشفيات العمومية والخاصة، تنتظر دورها لنقل مريض أو جريح يتخبط من شدة الألم، إلى أقسام المستعجلات، والمستشفيات، خصوصا إذا لم يكن أهله يتوفرون على وسيلة نقل خاصة، أو أن تكون حالته حرجة جدا، تستدعي نقله في سيارة إسعاف، مهما كانت، المهم أن توصله لأقرب مستشفى، حتى يتخلص من آلامه. أغلب السيارات المتوقفة أمام أقسام المستعجلات شكلها، غير لائق ويثير التقزز، لاتساخ كل ما يوجد بداخلها من سرير وغطاء، وكأنها ستنقل حيوانات لا بشر، وهيكلها متلاشية، وإن تمعنت فيها كثيرا، تلاحظ أنها طالها الصدأ، وانعدام الأجهزة الضرورية بداخلها، فكم من مريض توفي داخل سيارة الإسعاف، لعدم توفرها على مسعف، ولا أكسجين، ولا أدوات وأدوية، دون أن نتحدث عن التقنيات المتطورة، التي تتوفر عليها سيارات الإسعاف المتقدمة جدا، وذات الاتصال المباشر مع المستشفيات المتوجهة صوبها، ويوجد بها مسعفين مختصين، كما هو الشأن بالنسبة، لسيارات الإسعاف الموجودة في الدول الغربية، التي تعنى بصحة وسلامة مرضاها ومواطنيها. هذا ما قاله أحمد الخوضي ( 28 سنة)، مريض يتلقى العلاج بأحد مستشفيات الدارالبيضاء في تصريح ل" المغربية"، عن استيائه لما عاينه ذات مرة وهو بداخل سيارة إسعاف، أنه حينما أصيب بأزمة صحية مفاجئة، فقد على إثرها الوعي، طلب أهله سيارة إسعاف لنقله إلى أقرب قسم للمستعجلات. وأكدقائلا "كان هم أصحاب السيارة هو استخلاص تكلفة النقل أولا، فكان مبلغا مبالغا فيه رغم قرب المسافة، دون مراعاة أن حياته في خطر". السيارة كانت مهترئة، وليس بداخلها سوى سرير وغطاء متسخين، كما أنها لا تتوفر على آلات وأدوات طبية ولا ممرض، ولم يكن يرافقه بداخلها سوى أخوه، التي كان يجلس على كرسي بمقربة منه لا يعرف ما يمكنها فعله، وهو مغمى عليه، بينما المشرفان على السيارة كانا يجلسان بالمقاعد الأمامية وغير مبالين بما يمكن أن يحل به، خاصة أن باب السيارة الخلفي كان غير محكم، وعند وصولهم لقسم المستعجلات، سحب بقوة، إذ اصطدمت إحدى رجليه بباب السيارة، وأصيب بجرح كبير زاد من ألمه"، مضيفا " أن أولئك، كان همهم الوحيد، أن يدخلوه لقسم المستعجلات ثم ينصرفوا، للبحث عن مريض آخر، المهم عندهم الربح في أقل وقت ممكن، أما حياة المريض فلا تعنيهم، كما أن الثمن كان باهظا، لأنهم يستغلون الظروف والارتباك الذي تكون فيه أسرة المريض، التي تعطي كل ما يطلبونه مقابل نقل مريضهم لأقرب مستشفى، حتى لا يفارق الحياة أو يتضاعف ألمه". تطور ملموس وحسب خليل (30 سنة)، صاحب سيارة إسعاف من النوع الجيد، التقته "المغربية" بالقرب من أكبر مستشفى بالدارالبيضاء، أن "قطاع سيارات الإسعاف أصبح يعرف تطورا طفيفا ونوعا من التحسن، كون بعض الشركات أصبحت، تسعى لتحسين صورة خدماتها، خصوصا تلك التي تعمد إلى شراء سيارات إسعاف مجهزة، بمعدات طبية، من دول أجنبية، وتعيد بيعها، لأشخاص يريدون العمل في هذا الميدان. وأشار، هذا ما نلاحظه أمام هذا المستشفى، سيارات بألوان مختلفة ومنها من لا يزال يحمل ترقيم بلد أجنبي، رغم أنها تتوفر على جميع الوثائق القانونية، إلى حين تغير أرقامها، متمنيا أن يحظى هذا القطاع بالاهتمام الكافي، لأن يسموا إلى أهداف إنسانية نبيلة، وإلى خدمة أشخاص هم في أمس الحاجة للتخفيف من آلامهم". غرف متحركة سيارات الإسعاف من المفروض أن تكون بمثابة غرف عناية مركزة، ويجب أن يكون تعاون بين الطبيب الذي يوجد في المستشفى، الذي تقصده سيارة الإسعاف والممرض الذي يوجد بها، حيث يجب على هذا الأخير، أن يقدم تقريرا مفصلا عن الخدمات التي قدمها للمريض الذي بعهدته، وحسب ياسين العنسي (45 سنة)، طبيب بقسم المستعجلات، بتدني مستوى خدمات سيارات الإسعاف، إلا القليل منها جدا، الذي قال ل "المغربية" إن هذه الأخيرة يمكن أن تلعب دورا مهما في حياة المريض إذا ما كانت تستجيب للحاجيات وتؤدي مهمتها كما يجب، إذ يمكننا إنقاذ الكثير من الأرواح لو أسعفت بطريقة مهنية فعالة، لذا من الواجب أن تكون سيارة الإسعاف مجهزة بكل الوسائل الضرورية، للتخفيف عن المرضى والمصابين بأزمات مفاجئة أو في حوادث السير الخطيرة". وأشار إلى " أنه كان حاضرا بأحد شوارع الدارالبيضاء، فإذا به يلاحظ تجمهر الناس حول بعض الأشخاص، تبين له في ما بعد، أن الأمر يتعلق بشخص مغمى عليه، خرج من سيارته وتوجه نحوه، على الفور قام بفحصه وقدم له بعض الإسعافات الضرورية، ثم طلب سيارة الإسعاف التي تأخرت كثيرا، ولدى وصولها لم تكن مجهزة كما لم تتوفر على ممرض مختص"، مضيفا "يجب أن تكون سيارات الإسعاف، بمثابة غرف عناية مركزة متحركة، وأن يكون بها ممرض مختص في الإنقاذ، لكي يقدم الإسعافات الأولية للمريض قبل وصوله للمستشفى، بل الأكثر من ذلك على الممرض المسعف عند وصوله قسم المستعجلات، أن يقدم تقريرا للطبيب المشرف عن نوع الإسعافات التي قدمها للمريض، قبل استكمال العلاج"، مضيفا في الإطار نفسه أنه "توجد سيارات مجهرة، عن كانت قليلة، لكن إمكانيات أغلب الناس متواضعة، ولا يتجرأون على طلبها، حتى لا يكون ثمنها باهظا، أو أن تفكيرهم في تلك اللحظة، يستقر على أقرب سيارة إسعاف توجد بالقرب منهم، لذا يجب أن يكون على الأقل داخل كل سيارة إسعاف أجهزة وآلات وأدوية ومسعف، حتى يتسنى إنقاذ المصابين الذين يحملون على مثنها". خدمات غير مرضية بينما أبرز خليل العدوي (38 سنة) ممرض بقسم المستعجلات بإحدى مستشفيات الدار البيضاء، في شهادة ل"المغربية"، إن خدمات بعض سيارات الإسعاف غير مرضية على العموم، فهي لا تحمل سوى الاسم "إسعاف"، يلاحظ ذلك من خلال معاينتنا للمرضى الذين تقلهم لنا هذه الأخيرة، وهم يتوجعون من شدة الألم والبعض منهم في غيبوبة يصارع الموت. وأضاف "أن خدماتها ضعيفة جدا أو منعدمة، نظرا لخلوها من الأدوية والأجهزة الضرورية التي من الواجب أن تقدم للمرضى بمجرد نقلهم من أماكنهم لأقرب قسم للمستعجلات"، وتأسف العدوي بكون أغلب سيارات الإسعاف خالية من هذه المواصفات، وليس بها حتى ممرض متخصص كي يقدم الإسعافات الأولية للمصابين بمجرد نقلهم إلى حين وصولهم لقسم المستعجلات ". يقول خليل العدوي، "فكم من مرة فقد مريض الحياة وهو على متن هذه السيارات، كما حدث أخيرا، إذ أصيب رجل في حادثة سير خطيرة بضواحي الدارالبيضاء، ولم تقدم له أي إسعافات أولية، ففقد الحياة بداخل سيارة الإسعاف، وتأتينا حالات من مناطق بعيدة في حالة سيئة، الشيء نفسه بالنسبة للحوامل، اللواتي لا تقدم لهن خدمات داخل سيارات الإسعاف، خصوصا إن جئن من مناطق بعيدة".