شددت السلطات المغربية، أخيرا، على أمن حدودها البرية مع الجزائر، خصوصا في المنطقة التابعة لنفوذ عمالة وجدة أنجاد، حيث تم تثبيت عشرات الكاميرات وإحداث مراكز حدودية جديدة من أجل مراقبة دقيقة للشريط الحدودي بالشرق المغربي. وكشفت مصادر متطابقة أن السلطات الأمنية المغربية عمدت إلى تعزيز الحماية الأمنية على الشريط الحدودي من خلال تدعيم المنطقة بأكبر عدد من حراس الحدود وإعادة انتشارهم مع عصرنة الخدمات الأمنية بوسائل الحراسة الحديثة وإحداث مراكز مراقبة جديدة مجهزة بأحدث الوسائل اللوجيستيكية من وسائل المراقبة وأخرى للمطاردة. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن الأجهزة الأمنية المغربية كثفت من مراقبتها لمختلف المسالك والمنافذ المنتشرة على الشريط الحدودي المغربي الجزائري، من خلال الرفع من حدة درجة التأهب الأمني خصوصا في المنطقة التابعة للنفوذ الترابي التابع لعمالة وجدة أنجاد التي ثبتت بها عشرات الكاميرات التي تعمل بنظام الأشعة تحت الحمراء. وقد خلفت الإجراءات الأمنية حالات من الترقب والتوجس لدى سكان الشريط الحدودي حول الهدف والغاية منها، وأوضحت في هذا الإطار مصادر مطلعة أن الإجراءات المذكور تندرج في إطار الإستراتيجية الأمنية المعتمدة لتضييق الخناق على شبكات التهريب التي تنشط بقوة على الشريط الحدودي وتشديد الرقابة على الحدود البرية لمكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية وضمان فعال لأمن الحدود . ولم تخف المصادر ذاتها، أن يكون الاستنفار الأمني بالشريط الحدودي جزء من خطة أمنية جديدة لتأمين الحدود الشرقية على خلفية تدهور الأوضاع في منطقة الساحل بعد التدخل العسكري الفرنسي بمالي، وعلاقة ذلك بإمكانية تسلل إرهابيين ينتمون إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عبر الحدود مع الجزائر، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن الحملة الأمنية التي تباشرها السلطات الجزائرية على الجماعات الإسلامية المتطرفة قد تدفع إرهابيين آخرين إلى "النزوح" إلى المغرب، كما أن تهديدات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي للمغرب، زادت حدة خلال السنين الأخيرة. وأوضحت مصادر مطلعة أنه إلى جانب ترصد تحركات المجموعات الإرهابية، تسعى الأجهزة الأمنية من خلال إجراءاتها بالشريط الحدودي، إلى تتبع نشاط شبكات التهريب الدولي للمخدرات بالمنطقة الشرقية التي ازدادت عملياتها في الآونة الأخيرة. وكشفت مصادر مطلعة، أن المصالح الأمنية بالجهة الشرقية تجري تحقيقات أمنية موسعة من أجل حصر لائحة أباطرة المخدرات الذين ما زالوا يواصلون عمليات التهريب الدولي للمخدرات انطلاقا من الشريط الحدودي أمام حالات حجز المخدرات التي تمت مباشرتها في الآونة الأخيرة. أوضحت المصادر ذاتها، أن الأجهزة الأمنية تركز خلال هذه التحقيقات على الارتباطات التي قد توجد بين مافيات تهريب المخدرات بالجهة ومافيات المخدرات بالديار الأوربية وعلاقتها بمافيات دولية قد تكون امتدادا لشبكات خاصة بتجارة السلاح. وأشارت المصادر أنه من بين مجريات التحقيق التي تركز عليها المصالح الأمنية من بعد حصر لائحة تجار التهريب الدولي للمخدرات و مناطق الإقلاع، هي تحديد العلاقة بين تجار المخدرات وعناصر إسلامية متطرفة. وتندرج هذه التحقيقات التي تشرف عليها جهات أمنية، في إطار المجهودات التي تبذلها الدولة في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، أمام التخوفات المطروحة من الارتباطات المحتملة لعناصر إسلامية متشددة والمحسوبين على تنظيمات جهادية أو بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من خلال اعتماد هذه الأخيرة على الاستعانة بشبكات التهريب الدولي للمخدرات بالتنظيمات الإرهابية لحمايتها. ويعكس التحقيق الأمني درجة اليقظة الأمنية لاستباق خطر التنظيمات الإرهابية أمام تطوير قياداتها لوسائلها واعتمادها على التكنولوجيا الحديثة في التواصل بين أفرادها، وهو الأمر الذي يوضح بأن التنظيمات الإرهابية ما تزال تشكل تهديدا للمغرب. ورغم الإغلاق الرسمي للحدود البرية بين المغرب والجزائر، فإن هذه الحدود عمليا مفتوحة على مصراعيها في وجه مافيات التهريب التي تتاجر في كل شيء، فيما تساعد الوضعية الجغرافية والتضاريسية للشريط الحدودي، على الانتعاش النوعي لظاهرة التهريب، خصوصا أن مراقبة المنافذ البرية التي قد تسلكها شبكات التهريب مهما كانت الإمكانيات المرصودة للعناصر الأمنية لحراستها تبقى فوق السيطرة.