التهريب ظاهرة تتسم بها جميع المناطق الحدودية في العالم،مما لا يعني أننا مع هذه الظاهرة الخطيرة على الأمن الاقتصادي للبلاد، والتي أضحت ظاهرة بنيوية في الجهة الشرقية بفضل سياسة البصري وأزلامه بالمنطقة من رسميين ومنتخبين، إلى أن صارت ومازالت صندوقا أسود للعديد من المسؤولين الجهويين والإقليميين بالإدارات والجهات المعنية بالتهريب.. حسب بحث ثلة من الجامعيين المهتمين بدراسة ظاهرة التهريب بجامعة محمد الأول بوجدة، فإن" الربح المحقق لبيع الأدوية بسوق الفلاح بوجدة، يصل إلى حوالي ألف درهم كربح يومي، أي مليون سنتيم كمعاملة تجارية"، في حين أن المعاملات التجارية ل246 صيدلي بنفس المدينة حسب مصادر مالية مطلعة، تصل إلى 100 مليون سنتيم يوميا، أي بربح قدره عشرة ملايين. وإذا ما قمنا بعملية بسيطة بتوزيع ربح سوق الفلاح، أي ألف درهم على 246 صيدلية، سيحرم كل صيدلي من ربح قدره حوالي أربعة دراهم يوميا. فهل مبلغ أربعة دراهم يؤثر يوميا على حياة الصيدلي ومدخوله؟ عضو بغرفة التجارة والصناعة والخدمات لولاية وجدة أكد" أنها مغالطة تقوم بها فئة تدعي الدفاع عن المهنة، علما بأن لهم شكوكا في بيع الأدوية المهربة بصيدلياتهم.. لهذا وجب إعادة النظر في تفعيل قانون مهنة الصيدلة من طرف جهاز لا يتأثر بالتدخلات أو العلاقات الحزبية والإدارية، لكي يقوم الصيدلي بدوره كما هو الحال في الدول العريقة في هذا الميدان". ومن طرائف التهريب بالجهة الشرقية، هو أن بعض المهربين لجأوا إلى صاحبة صيدلية رقم معاملاتها ضعيف، ونصحوها بنهج سياسة زميل لها( وضع من طرف رجال أحد الأجهزة الأمنية موضع شبهة تصدير كميات هامة من" الكلونوبان"( أقراص مخدرة) إلى دولة عربية معروفة، واستطاع في ظرف سنتين أن يوفر لنفسه مسكنا فاخرا، وسيارة من آخر طراز ومنزل ثانوي بالسعيدية، زيادة على رصيد بنكي، مع إحداثه لشركة خاصة بالمواد الصيدلانية الخاضعة لضريبة جزافية، نعرف جميعا كيف كانت تستخلص من طرف مصلحة الضريبة.. لكن جواب الصيدلية كان" آسيدي راجلي طبيب وحنا بغينا الربح الحلال ونتمشاو بالشوية علينا.. والله يخليك ما تعاودش تجي تشري علينا الدوا" . كما تم ضبط شاحنة منذ حوالي سنتين، محملة بحوالي نصف مليون درهم من الأدوية، آتية من الأقاليم الجنوبية ومتجهة نحو مدينة وجدة، تم توقيفها على مستوى مدخل مدينة جرسيف من طرف رجال الجمارك الذين قاموا بحجزها، وإثر تدخلات عالية المستوى تم طمس القضية لتورط صيدلي معروف لدى ساكنة الجهة فقط بانتمائه العائلي والسياسي. وأمام ذهول صيادلة الجهة الشرقية الذين يعانون من الضغط الضريبي، افتضح مصدر هذا النوع من التهريب على أعلى مستوى. وتم إخبار الصيدلي صاحب الحمولة المهربة ليلا، حيث استعمل علاقات عائلته لتلافي ذكر إسمه في القضية، مقابل وعد سائق الشاحنة بأداء جميع صوائر الواقعة بما فيها ثمن الشاحنة المحجوزة. ويلاحظ كذلك أن بعض حافلات النقل الدولي ترسل كميات هائلة من المواد والأدوية المنشطة، يقتنيها أصحابها من عدة صيدليات قصد تصديرها/ تهريبها إلى فرنسا وبلجيكا، وبيعها بدون وصفة طبية في الدول الأوروبية، و" يختص في ذلك بضعة صيادلة بالجهة الشرقية معروفين بهذا النوع من التعامل" يؤكد مصدرنا الصيدلاني غير المنتمي لأي نقابة. فأين هو دور مفتشي الدواء الذين لا يأتون إلى المنطقة إلا في شهر رمضان.. فقد ضبط من طرف بعض الجهات الاستعلاماتية وكذا بعض الصيادلة، منذ حوالي ثلاثة سنوات المفتش الرئيسي( ز.ع. ر) لوزارة الصحة بمدينة بني ادرار" كويت سيتي الجهة الشرقية أو بورصة التهريب بها" يحمّل سيارته بصناديق من التمور الجزائرية الرفيعة وهو صحبة صيدلي خضعت صيدليته للتفتيش في نفس اليوم.. أما التهريب بسوق الفلاح، وتخزين الأدوية بالدور المجاورة له، فلا يمثل إلا حوالي واحد بالمائة من التهريب المنظم والاحترافي، حيث نجد بضعة علب من أدوية متداولة وعادية لا تهدد المعاملات التجارية للصيادلة بصفة عامة، ويتحمل المواطن وحده اختياره لاقتناء الأدوية المهربة التي يقل ثمنها بالطبع عن الأدوية المتواجدة بالصيدليات، زيادة على احتمال تزوير تواريخ صلاحياتها في مصدرها وليس بوجدة،لأنه لم يثبت أو يسمع بذلك لحد الآن. والمواطن يلجأ دائما إلى ما هو أرخص، كلجوئه إلى البنزين والمواد الغذائية الجزائرية والإسبانية المهربة لضعف القدرة الشرائية. بينما استغربت الساكنة الوجدية من تخصيص ولاية أمن وجدة لفرقة خاصة لمحاربة الأدوية المهربة، والحالة أن وجدة هي عاصمة التهريب بمختلف أنواعه وأشكاله، وكانت المدينة أولى بتلك المجموعة من رجال الأمن بالزي الرسمي والمدني( أدمنوا على لعبة القط/ الشرطي والفأر/ المهرب التي غالبا ما تنتهي بفوز هذا الأخير...) أن تعسكر بالأحياء الهامشية التي استأسدت فيها نهارا وليلا عصابات مختصة في بيع المخدرات والخمور، ومسلحة بالعصي والسيوف وماء النار والذين كثيرا ما هاجموا المواطنين، أو أن توجه لمحاربة باعة المخدرات والأقراص السامة بالجملة وبالتقسيط الذي امتلأت بهم جميع أحياء المدينة بما فيها تلك التي يطلق عليها بالراقية. وآخر قصص التهريب بوجدة، تلك التي وقعت شهر أبريل 2007، حيث فوجئ صيدلي في الصباح الباكر( الخامسة صباحا) بوقوف شاحنة محملة بالأدوية وطرق سائقها لباب منزله، وعندما خرج إليه الصيدلي قال له السائق"ها الأمانة جاتك 40 مليون" فأجابه الصيدلي"ربما أنت غالط، أنا لم أطلب دواء، لكن أرني الإسم الموضوع على الصناديق"، ليتفاجأ الصيدلي بإسم زميل له من الصيادلة الأثرياء، وصهر عائلة سياسية معروفة بالمدينة والجهة والوطن، يقتني الأدوية بهذه الطريقة غير الصحية، وبدون فاتورة وبأداء نقدي للتهرب من الضرائب.