استعدادا لاستقبال عيد الفطر، يتجند أهل وجدة له بتحضير أشهى أنواع الحلويات التقليدية، غير أن اللافت للانتباه أن كثيرا من ربات البيوت يلجأن لاقتنائها جاهزة بعدما كانت الظاهرة في السنوات الأخيرة تقتصر على ربات البيوت، فيما قل عزم العائلات الوجدية في المحافظة على صنع حلويات العيد بالمنزل، مفضلين تخصيص جزء من ميزانية مصاريف البيت لاقتنائها جاهزة أمام الارتفاع المذهل لأسعار لوازم تحضيرها شخصيا. في جولة استطلاعية قمنا بها ببعض المحلات المختصة في صناعة الحلويات التقليدية، كانت بدايتنا بأحد المحلات الذي يتوسط الحي الشعبي فيلاج مولاي الميلود، حيث تفاجأنا بالإقبال الواسع للطلبات وتهافت الزبائن على طلب الحلويات التقليدية الشهيرة التي تبقى تتربع على عرش مائدة عيد الفطر المبارك على غرار الكعك، وأنواع الكاطو والمقروط ولغْرِيبِيَّة. وعلى الرغم من الارتفاع الذي تشهده الحلويات الجاهزة في المحلات، إلاّ أن ذلك لم يثنِ من عزيمة النساء اللواتي يرغبن في شرائها في هذه المناسبة الدينية، فلم يعد الأمر يقتصر على السيدات العاملات، بل حتى ربات البيوت صرن هنّ الأخريات زبونات أوفياء لمحلات الحلويات التي تفاجأنا لما تشهدهُ من إقبال واسع على الرغم من الارتفاع الملحوظ في أسعارها إذ يتراوح الكيلو الواحد ما بين 20 و80 درهم، وهو ما لم يثن من عزيمة النسوة على طلب مختلف الأصناف والإلحاح على طلب الممزوجة منها باللوز والفستق. فحتى وإن كانت النسوة العاملات يتحججن بالتزامهن المهني إلا أن الماكثات في البيت صرن الأكثر تهافتا عليها لتجنب التعب والانشغال بتحضيرها في البيت. وعن ظاهرة اقتناء حلويات العيد جاهزة بالنسبة للنساء العاملات التي يلجأن إلى شرائها حتى لا يفتقدن أجواء العيد التي ألفنها، أكدت السيدة سعاد وهي موظفة بالبريد المركزي أنها لم تجد من خيار آخر في تزيين مائدة عيد الفطر بالحلويات التقليدية سوى التوجه إلى المحلات الخاصة بصنعها، مما يوفر عليها العناء والتعب. وأضافت سيدة أخرى وهي موظفة بشركة خاصة بقولها "إن تكاليف تحضير الحلوى تقارب مصاريف شرائها، إضافة إلى أن الشراء يجنبنا التعب والإرهاق". في حين اعتبرت أخرى أن عملية تحضير الحلوى أضحت مستحيلة في البيت بسبب ضيق الوقت والتعب الذي تلاقيه خلال ساعات النهار بالعمل لذلك فهي تلجأ إلى شراء أنواع مختلفة من الحلويات دفعة واحدة قبيل أيام العيد احتفالا بهذه المناسبة. وبينما كانت تجتمع الأسرة الوجدية كباراً وصغاراً لإعداد حلويات العيد والتفنن في صنعها بمساعدة الأطفال في شراء الدقيق والسكر ومواد التزيين، باتت الظاهرة تتجه نحو الاندثار. وفي هذا الصدد ذكرت السيدة فتيحة 48 سنة وهي ماكثة في البيت أنها دأبت منذ ثلاث سنوات على اقتناء حلويات العيد جاهزة، مؤكدة أن تحضيرها خلال الأيام الأخيرة من رمضان يأخذ كثيرا من وقتها أمام انشغالها بتنظيف المنزل وإعداده لاستقبال العيد، لاسيما أن طفليها البالغين من العمر 4 و3 سنوات يعيقانها عن القيام بأشغال المنزل. كما حدثنا سيدة أخرى كانت بالمحل نفسه، أنها ونظرا لارتفاع أسعار مستلزمات المواد الأساسية لصنع الحلويات، قررت هذه السنة اقتناءها جاهزة كون تكاليف تحضيرها في البيت تعادل تقريبا مصاريف شرائها. لتضيف أن الدافع الآخر الذي أجبرها على اقتناء حلويات العيد جاهزة هو ارتفاع شدة الحرارة وأنها غير قادرة على ملازمة المطبخ لأيام والبقاء بمحاذاة الفرن لساعات طوال من أجل إعداد الحلوى إلى جانب تحضير مائدة الإفطار، فهي تجد في اقتنائها جاهزة الحل المجدي. ليدعم قولها رجل قصد المحل لنفس الغرض، وذكر لنا أنه للسنة الثانية على التوالي وهو يشتري حلويات العيد جاهزة ليتجنب إرهاق زوجته من تحضيرها في البيت، وأنه يكلفها فقط في إعداد حلوة لَغْرِيبِيَّة التي يعتبرها صنفا مميزا من الحلويات التي يرى أنها أساسية ضمن حلويات العيد. وحسب أصحاب محلات بيع الحلويات الجاهزة، فإنهم وبمناسبة عيد الفطر يتلقون طلبات يومية على الحلويات التقليدية، لاسيما في الأيام الأخيرة من شهر رمضان من ربات البيوت، حيث توافدت الكثيرات على تسجيل طلباتهن، حيث أكد صاحب أحد المحلات أنه سجل طلبيات لتحضير نحو حلوى تقليدية في مقدمتها الكعك، بعض أنواع الكَاطُو، والمقروط ،وأنواع أخرى، طلبات أولية أولية مرشحة للارتفاع في اليومين الأخيرين قبل العيد، مؤكدا أنّ هذه المظاهر تزيد عاماً بعد عام بسبب هموم الناس ومشاغلهم وارتفاع الأسعار الخاصة بالمستلزمات من فرينة وسكر وسمن وبيض ومكسرات من جهة، وبسبب أعباء الحياة وكثرة المصاريف ولتوفير الوقت والراحة من جهة أخرى. ورغم ارتفاع الأسعار وانشغال الناس وصعوبة الحياة يبقى للحلويات مظهر جميل من مظاهر عيد الفطر في المغرب، فالعيد مناسبة تستحق أن تتبارى النساء في إظهار مهاراتهن وتميز كل واحدة والتي تظهر في كرم الضيافة وأناقة الاستقبال، وحتى وإن فضلت الكثير منهن على اقتنائها جاهزة إلا أن البعض الآخر من النسوة يصررن على أن يشممن رائحة إعدادها في المنزل ومن دون هذه الرائحة فهن لا يشعرن ببهجة العيد.