إفراغ مستشفى للمجانين الجزائريينببشار وإلقائهم في الحدود المغربية وشخص أبكم من جنسية تونسية ضمن الضحايا عقد المكتب الوطني لجمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، يوم الأحد 26 شتنبر 2009 بمدينة بوعرفة لقاءا تواصليا مع الضحايا في هذه المدينة التي تبعد عن مدينة وجدة ب 250 كلم جنوبا. هذا اللقاء التمهيدي الذي ترأسه محمد الهرواشي رئيس المكتب الوطني للجمعية تطرق فيه الضحايا إلى مختلف المعانات التي تعرضوا لها على يد النظام الجزائري ،وكل واحد من الضحايا أورد حكايته الخاصة به،حيث وصف التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له على يدي زبانية بومدين وساعده الأيمن بوتفليقة،ولم تخلوا حكايات الضحايا من وصف مؤثر لمشاهد الترحيل،وبعض الحكايات المضحكة التي قال فيها القائل "شر البلية ما يضحك" . منها أن المسؤولين الجزائريين عمدوا إلى إفراغ مستشفى للمجانين بمدينة بشار و كدسوهم في حافلات مغلقة من تلك التي تستعمل لنقل المساجين و ألقوا بهم إلى الحدود المغربية.رغم أنهم يعلمون أنهم جزائريون كما أنهم طردوا إلى المغرب شخصا أبكم من جنسية تونسية حيث نزعوا منه أوراقه التونسية وأرسلوه للحدود رغم أنه كتب لهم في ورقة بأنه تونسي.و حينما حل في المغرب ضمن المرحلين تعامل المسؤولون المغاربة مع وضعيته بإنسانية، حيث استخرجوا له بطاقة هوية مغربية وشغلوه في إحدى الإدارات. اللقاء التواصلي هذا أسفر عن تكوين لجنة تحضيرية لتأسيس فرع جهة بوعرفة فكيك لجمعية ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر،حيث سيتم تأسيسه بعد استكمال الإجراءات القانونية . و في حديث مع محمد الهرواشي حول ما يشاع عن استقالته من الرئاسة وما يقوم به من تأسيس فروع جديدة،أجاب أن تقديم الاستقالة شيء و استكمال هياكل الجمعية شيء آخر. مضيفا أن عمله في سبيل القضية سيتواصل إلى أن يسلم المسؤولية لمن سيأتي بعده ويسير بها نحو الأهداف المسطرة لها،و انه أي الهرواشي ليس من ذلك النوع الذي شعارهم " أنا و من بعدي الطوفان". وسبق للهرواشي أن تحدث عن المعاناة المستمرة والمسترسلة لبعض ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر،كمسنة سيدي بنور "رقية عباس"،التي بعث لها مدير الأملاك المخزنية بإقليم الجديدة رسالة لمطالبتها بأداء 27 سنتيم كثمن للكراء الذي حدده في 1400درهم شهريا و10 في المائة زيادة والمسكينة تتقاضى من الدولة المغربية مئة درهم شهريا. أو مأساة "فاطنة بنعودة" عمرها 75 سنة وكانت تسكن سابقا في بيت تابع للقاعة المغطاة بوجدة،سخر أكثر من 30 عنصرا من مختلف القوات الأمنية لإلقائها في الشارع،حيث انضافت مباشرة إلى المرحلين المشردين في مدينة وجدة. زيادة على بنعربية جيار،والتي اعتقلت وجرَت إلى المقاطعة الخامسة،وهي المريضة بالقلب وتبلغ أكثر من 65 سنة،وحرر لها محضرا لإحالتها على المحكمة بتهمة الهجوم على مسكن الغير،بينما لم يلتفت أي مسؤول إقليمي أو جهوي أو وطني لشكاويها التي رفعتها ضد المدير الجهوي للأشغال العمومية،بسبب هذا الأخيرالذي كسر باب بيتها،وألقى بأغراضها إلى قارعة الطريق. وللتذكير،فالمساكن التي طرد منها كل من "رقية عباس" و "فاطنة بنعودة" و "بنعربية جيار" وغيرهم العديد،كانت تأويهم تلك المنازلف بعد أن منحت لهم في أعقاب طردهم من الجزائر بأوامر من المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. "..ويورد الهرواشي وعلامات الحسرة بادية على محياه نماذج عديدة من الأسر تعرض أفرادها للتنكيل واستخدام القوة ضدهم لإجبارهم على ترك مساكنهم، " لا يمكن أن تتصور منظر نساء مسنات مريضات تسخر القوة العمومية لإخراجهن من بيوتهم المتواضعة، قبل أن يتم نقلهن إلى مخافر الشرطة لتحرير محاضر لهن بتهم التهجم على مسكن الغير..". كما سرد حالات عديدة من الأسر المعروفة بالعوز الشديد،والتي تعرضت لنفس المعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية،ومنها كذلك إحدى الأسر بمدينة الدارالبيضاء التي اضطرت بعد تشريدها بنفس الطريقة إلى السكن في محطة أولاد زيان. هذا وسبق "للجمعية أن راسلت الوزير الأول بخصوص هذه المسألة بتاريخ 5/7/2007 لأجل إثارة انتباه السلطات إلى ضرورة مراعاة الوضعية المزرية التي يوجد عليها هؤلاء،وكونهم حرموا من ممتلكاتهم التي استحوذت عليها السلطات الجزائرية،كما طالبت ذات الرسالة الحكومة المغربية بتفادي طرد الضحايا من السكن الوظيفي وإيجاد حل لمشكلتهم في إطار برنامج السكن الذي تقوم به الدولة أو تحرص عليها داخل جميع أقاليم المملكة،غير أن مفعول هذه الرسالة ورسائل أخرى وجهت للمسؤولين المحليين لم تلق أية استجابة تذكر". وبحسب الهرواشي فان الحل يكمن في استفادة الأسر المعنية بقرارات الإفراغ من السكن الاجتماعي، "خصوصا أن عددها لا يتجاوز عبر التراب الوطني 150 أسرة، غير أن أثار عدم حل هذه المسألة كارثية، فالحكومات المتعاقبة والإدارات المعنية بسكنى هؤلاء المطرودين لم تنجز أية تقارير بشأن وضعيتهم". كما ان الادعاء باحتلال هؤلاء للسكن الوظيفي ليس صحيحا على الإطلاق، " فلا يعقل تطبيق الفصول المتعلقة بالسكن الوظيفي على هؤلاء مادام ان تشغيلهم اتي في سياق قرار من الوزير الأول آنذاك احمد عصمان، ولم يخضعوا لمساطر المباريات والتوظيفات، فضلا عن ان هؤلاء ادمجوا في إطار السلم واحد، ولم يكن لهم ليحلموا بالترقي، والأدهى أن راتبهم لا يتجاوز ما بين 500 و 600 درهما" يضيف الهرواشي...وأمام هذه اللامبالاة التي تواجه بها مطالب الجمعية،واستخفاف السلطات بتظلمات الجمعية المتعلقة بحماية اسر المطرودين من التشرد،لم يجد الهرواشي بدا من إعلانه عن التنحي من المسؤولية لأنه كما يقول لا أريد أن أكون شريكا في الجريمة التي ترتكبها السلطات بحق نساء مسنات عليلات وأرامل،فمسلسل الإفراغات ما يزال مستمرا بالرغم من مراسلة أعلى سلطة في البلاد،وهذه الخطوة كانت بالنسبة إلي أقصى ما يمكن. ونفي الهرواشي في تصريحاته أي علاقة للمخابرات المغربية بقراره التنحي عن رئاسة الجمعية،معتبرا في الوقت نفسه أن السلطات المغربية ظلت تراهن على تحجيم نشاط الجمعية وهذا ما ظهر في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت أمام السفارة الجزائريةبالرباط (18 دجنبر 2008)،حيث كانت الأخيرة تفترض حضورا باهتا للمطرودين إلى الرباط،.لكنها لما تفاجأت بقدوم الحافلات من مختلف المدن المغربية سارعت إلى دفع المحتجين بعيدا عن محيط السفارة.من جانب آخر يعتبر الهرواشي أن موقف السلطات من مطالب جمعيته يكشف الوجه البشع لبعض المسؤولين المغارب،وهو موقف من شأنه أن يؤجج إحساسا شديدا بالغبن والحكرة لدى المطرودين،لكنه بالمقابل يكذب مزاعم تقول بتبعية الجمعية للأجندة السياسية للدولة المغربية وتوظيفها كورقة دبلوماسية كما يقول بعض الجزائريين". ومعلوم أن بلاغ أشغال المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في اجتماعه ليوم الأحد 9 غشت 2009،جاء في نقطته السادسة "بمناسبة اللقاء الذي نظمته جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر بالناضور يذكر المكتب المركزي بمطلبه بهذا الصدد المتجلي في فتح تحقيق دولي حول ما جرى والكشف عن كل الحقائق المرتبطة بقرار الترحيل والظروف المصاحبة لتنفيذه واحترام حق الضحايا في جبر الضرر المعنوي والمادي.وبهذه المناسبة أيضا يؤكد المكتب المركزي مطلبه الثابت بفتح الحدود البرية مع المغرب لرفع المعاناة بالخصوص عن آلاف الأسر الموزعة على جانبي الحدود". دون أن ننسى،تدخل الصحافي الجزائري أنور مالك من العاصمة الفرنسية باريس الذي وجه كلمته عبر الهاتف،خلال المؤتمر الاستثنائي لجمعية المغربية لضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر،المنعقد تحت شعار"حتى لا ننسى التاريخ" بتارخ 26 من ابريل الماضي بقاعة علال الفاسي بالرباط،تدخل استطاع أن يبلسم جروحا موشومة في القلوب والذاكرة،فبعدما حيا الحضور قال" أحسست بمرارة كبيرة كجزائري وأنا أكتب من قبل حول هذه الفضيحة والعار الذي سيظل يلاحق حكام الجزائر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،عندما كتبت تلك الأسطر التي نشرت من قبل والله ما كتبتها بحبري ولا على الورق بل كتبتها بدمي وسقيتها بدمعي ووشمتها على جلدي،فقد انتابني إحساس بالذنب وأنا الذي كنت حينها صبيا لا أفقه شيئا سوى ما يلاك عبر أبواق الحزب الواحد،من إذاعة وتلفزيون وصحف،وفرحت كطفل على طرد هؤلاء الذين تم تصويرهم لنا في شكل عملاء الصهاينة عن طريق بوابة المغرب،ولما كبرنا وفهمنا ووعينا أدركنا أننا كبقية الناس من عموم المواطنين كنا ضحايا لإعلام مرتزق كاذب ونظام فاسد متسلط ليس إلا"،وهو الكلام الذي اهتزت له القاعة بالتصفيق،وأضاف السيد أنور مالك في كلمته بالرغم من مرضه ومعاناته من آثار التعذيب التي تذوقها على يد زبانية النظام الجزائري العسكري "اليوم وأنا أتحدث عبر هذا الأثير إلى عائلات اكتوت من جحيم ذلك النفي وتلك المجازر في حق الأخوة والتاريخ والدين،والله طوفان المرارة امتد إلى حلقي ووجداني،وربما لو كنت بينكم وتأملت في وجوهكم التي لا يزال عليها غبار المأساة قد يتوقف قلبي عن النبض للأبد،فالجريمة أكبر من أن ترويها تقاسيم البشر،والعمل جبان لحد يجعل كل جزائري حتى وإن كان لا علاقة له بما حدث من قريب أو من بعيد أن يخجل بالوقوف أمامكم والتحدث إليكم ". ...................................................................... الصورة: